النظرية الماركسية من خلال كتاب مفهوم الإدلوجة لعبد الله العروي

لقد تطور العالم بتطور العلم منذ نشوء ما يسمى بعصر النهضة le siècle de la renaissance الذي تمثل في البحث عن حلول للخروج من عصر الظلمات الفكرية الى النور و ذلك بالعودة الى فلسفة ارسطو و افلاطون و تطويرها.

تطور العالم وظهور الحركات العلمية

فظهرت حركة علمية سميت بالانسانوية ساهمت في تغيير الفكرة عن الانسان فجعلته سيدا بخلاف ما ترسخ من الفلسفة الأرسطية الى ظهور هذا التيار و الذي سيسهم بدوره في ظهور عصر الحداثة.التي ساهمت بدورها في ظهور فلسفة الانوار و سميت بفلسفة الانوار لانها ارتبطت بعصر التنوير او الانوار «  le « siècle des lumièresو كان رواد هذا  الفكر ثلة من الفلاسفة  الفرنسيين نذكر منهم على سبيل الذكر لا الحصر روسو و كتابه العقد الاجتماعي » le contrat sociale » و مونتسكيو صاحب روح القوانين » l’esprit des lois »  [i]« siècle des lumières ».

إيمانويل كانط و كتابه نقد العقل المحض

ايمانويل كانط و كتابه نقد العقل المحض «  la critique du raison pure » و اسفر هذا الفكر عن قيام نظام جديد في فرنسا و هو الجمهوري الليبرالي في فرنسا و هو ما سيفر عن ظهور ما يسمى بالفكر الليبرالي في العالم و التساؤل هنا عن الليبرالية هل هي نظام اقتصادي ام قيمي كوني ما علاقتها بالرأسمالية و ما المقصود بالرأسمالية  كل هذه الاسئلة هي التي ستبين لنا ارهاصات   الفكرالماركسي لأنه لا يمكن التغافل عن ان موضوعنا الاساسي هنا ليس الا الفكر الماركسي عند عبد الله العروي من خلال كتابه مفهوم الايديولوجيا او الادلوجة.

1 تاريخ الليبرالية

ساهمت ظروف عديدة في ظهور مفهوم الليبرالية4 من بينها تطور الفكر الانساني و ظهور مفهوم الحرية الطبيعية الذي اسفر عن ظهور مفهوم الحرية الاقتصادية و هو ماساهم في بروز الرأسمالية و هو شعار رفع ابان الثورة الفرنسية و ذلك بفضل ظهور مدارس عديدة اقتصادية كالكلاسيكية التي كان روادها ويليام بيتي و القس كون دياك و ريتشارد كانبتون ثم الفيزيوقراطية الى ظهور ما يسمى بالكلاسيكية الجديدة مع ادم سميث  و التي ساهمت في التطور الاقتصادي في اوروبا لكن سرعان ما اثبتت فشلها لانها تقلل من دور الدولة في التدخل الاقتصادي مما سيسبب صراعا طبقيا و هو ما سيسفر بدوره في ظهور المدرسة الاشتراكية في القرن التاسع عشر.

2 المدرسة الاشتراكية

ظهرت الاشتراكية في باريس عام 1848 و التي سميت في ما بعد بالمثالية و الطوباوية و التي كان روادها سان سيمون و بروتون و التي ستساهم بدورها في ظهور الاشتراكية العلمية مع ماركس من خلال ظهور المدرسة التاريخية وصولا الى المادية الجدلية مع هيجل.

3 المدرسة التاريخية

و هي المدرسة التي قامت على الاقتصاد الوطني و نقد ما سبقها من المدارس اي الرأسمالية الليبرالية و الاشتراكية المثالية من خلال بناء اشتراكية جديدة مرتبطة بالعلوم الانسانية علمية مع ابرز روادها البروفيسور روشير.

  1. تقوم على ملكية الدولة لوسائل الانتاج
  2. جاءت هذه المدرسة نقدا للمدرسة الرأسمالية أي الليبرالية
  3. (Voir   encyclopédie universalise pp 627 -630)
  4. (Voir histoire mondiale des socialismes p 216-217-218)
  5. ( المصدر نفسه )
  6. انقلز كان رفيقا لماركس اسس معه الحزب الشيوعي و نظر معه  لقيام النظرية الشيوعية او المادية التاريخية
  7. الماركسية و هي ايديولوجيا تقوم على دراسة العلاقات التاريخية باعتبارها علاقات طبقية اساسها الصراع بين طبقتين و هما الطبقة الغنية البورجوازية و الكادحة البروليتارية و ذلك باستغلال البورجوازية للبروليتارية

الماركسي لأنه لا يمكن التغافل عن ان موضوعنا الاساسي هنا ليس الا الفكر الماركسي عند عبد الله العروي من خلال كتابه مفهوم الايديولوجيا او الادلوجة.و التي ستسفر بدورها في ظهور ما يسمى بالمادية الجدلية.

4 الهيقلية

و قد ظهرت هذه المدرسة مع هيجل و هي في ارتباط التاريخ بالوعي و الوعي بالتاريخ و  قد كانت هذه المدرسة ثورة على التنوير التي اعتبرت الوعي و العقل غير مرتبط بمسببات تاريخية بل ربطت المعرفة بسياقاتها التاريخية و التي تأثرت بشدة بفلسفة التطور عند داروين التي تعرف عنج البعض بتطور الرد الى الانسان و تطبيق هذا المنهج على العقل و التاريخ باعتباره لا قصصا او روايات و انما سيرورة و هو ما سينشئ في ما بعد ما سيسمى بنظرية المادية الجدلية مع ماركس و انقلز

5 المادية الجدلية

و قد ظهرت هذه النظرية مع ماركس5 و انقلز 6في القرن التاسع عشر  و قد تأثرت بشدة بأطروحات فيورباخ و هيجل و هو ما سينتج ايديولوجيا جدلية عميقة سميت بالماركسية نسبة الى ماركس.

6 الماركسية

اسسها ماركس[1] في المانيا خلال كتاباته راس المال نقد الاقتصاد السياسي و بؤس الفلسفة ردا على فلسفة البؤس ناقدا نظرية بروتون الاشتراكية المثالية او الفوضوية القائمة على اعادة قراءة التاريخ باعتباره تاريخ طبقات و صراع الكادحين و الاغنياء فأعاد قراءة التاريخ و قسمه الى خمس مراحل تتمثل الاولى في المشاعية البدائية و الثانية الاقطاع و الثالثة الرأسمالية ثم الاشتراكية ثم الشيوعية و هي مرحلة انحلال الدولة بفضل التوزيع العادل للثروات.

بين ماركس أن الصراع في التاريخ هو صراع طبقات

و قد بين ماركس ان الصراع الحقيقي في التاريخ لم يكن و لن يكن الا صراع طبقات اما القن مع السيد و ذلك في المجتمعات القديمة الا و هي الاقطاعية و الحديثة صراع العامل مع السيد اذ للناظر في فكر ماركس و تاريخيته ان بلحظ انه يعيد استعمال مصطلح استعمل في الاقتصاد الرأسمالي ناقدا له لأنه اسس لاستغلال صاحب العمل للعامل الا و هو القيمة المضافة. » .Accumulation »[2]

وقد قسم ماركس بهذا التصور  التاريخي الواقع الإنساني إلى بنيتين

و قد قسم ماركس بهذا التصور التاريخي للعالم الواقع الانساني الى بنيتين البنية الفوقية و التي تمثل ما ترسخ من عقائد و شعائر و عادات و تقاليد اي الثقافة و الوعي الجمعي. و البنية التحتية المتمثلة في الواقع الاقتصادي الاجتماعي و يعتبرها انعكاسا للبنية الفوقية .اذ نتبين مما تقدم ان الفكر الماركسي هو فكر اجتماعي تاريخي تتطوري فكيف يظهر ذلك عند بعض منظري الماركسية في العالم بعد ماركس.

التطورات التاريخية التي حصلت في القرن العشرين ساهمت في تطوير النظرية عند بعض من منظريها

لعل التطورات التاريخية التي حصلت في القرن العشرين ساهمت في تطوير النظرية عند بعض من منظريها كفلاديمير لينين و ماو تسي تونغ و علي الحمامي و عبد الله العروي صاحب كتاب مفهوم الادلوجة الذي سنركز عليه لاحقا.فكيف كان هذا التطور هل بإضافة بعض الافكار ام بالدحض و هل انه رغبة في الانحياز عن النص الاصلي الماركسي ام تطويرا حسب ما تتطلبه اكراهات التاريخ.

لعل الاجابة التي يرجحها المنطق و منهجنا هو اكراهات التاريخ لأنه لولا ظرفية الحرب العالمية الاولى و ضعف روسيا زمن القيصر اذ تذكر بعض الوثائق التاريخية ان فترة 1917 كانت روسيا قد خرجت منهارة من الحرب مما جعلها قد انسحبت قبل ان تنتهي الحرب العالمية الاولى و اضطرت للقيام بثورة على نظام القيصر الذي تسبب في انهيار روسيا و قيام الثورة البولشيفية على يد لينين سنة 1917 و القيام بتأسيس روسيا البولشيفية الاشتراكية و سرعان ما تخلى عنها بسبب التدهور الاقتصادي الذي خلفه النظام القيصري.

فاللحظة التاريخية تتطلب مرور روسيا بالمرحلة الليبرالية و ما ان انتعش الاقتصاد حتى عاد الى المرحلة الاشتراكية من خلال تأميم الاراضي الكولاك و السوفياتات وصولا الى تأسيس الاتحاد السوفياتي سنة 1921 و انشا بفضل تأسيس الاتحاد السوفياتي مفهوم الاممية اي الكونية نشر المفاهيم الماركسية في العالم و الغاء الحدود القومية و لان اللحظة التاريخية تتطلب بذلك كي يثبت الاتحاد السوفياتي قوته الاقتصادية و الاجتماعية و تنتشر النظرية الماركسية في العالم.

وقد تطورت على يد ماو في الصين التي لازالت إلى اليوم تعتبر تحريفية

وقد تطورت على يد ماو في الصين التي لازالت الى اليوم تعتبر تحريفية و وصلت الى العالم العربي عبر النقابات وصولا الى تأسيس احزاب يسارية شيوعية و ظهور بعض القراءات في المغرب كان ابرز روادها علي الحمامي من خلال كتاباته رواية ادريس مثالا  و عبد الله العروي من خلال الكتاب الذي سنرتكز عليه الا و هو مفهوم الادلوجة.فكيف تمثل العروي النظرية?

وهل حاول أن ينقل النظرية ويؤرخ لها

[1] ماركس  هو فيلسوف الماني عاش في القرن التاسع عشر صاحب نظرية في الاقتصاد السياسي ينتمي الى عائلة بورجوازية يهودية ليبرالية علمانية اسس الحزب الشيوعي الالماني برفقة انقلز الذي رافقه في رحلته الى فرنسا    (انظر المصدر السابق)

القسم التطبيقي

انه لمن الصعب اثبات ماركسية عبد الله العروي من خلال كتابه مفهوم الادلوجة لكن للناظر في النظرية الماركسية و مقوماتها خاصة انها ترفض القول بالموضوعية و تقول بان الانسان نتاج لبيئة و ثقافة ما و تطورات تاريخية و ان التاريخ الانساني هو تاريخ صراعات طبقية و حقد طبقي بين المستضعفين الكادحين و الاسياد او الاغنياء فكيف يمكن اثبات ذلك و ما الذي يجعلنا نتبين من خلال هذا الكتاب الذي نحن بصدد دراسته ماركسية العروي.

لقد عمد العروي في كتابه إلى المنهج الماركسي

لقد عمد العروي في كتابه الى المنهج الماركسي اذ ذكر ان الماركسية هي التي افردت مفهوم الادلوجة.اذ يقول العروي في هذا الصدد في كتابه نقول ان الماركسية تمتاز على غيرها من المذاهب لانها تقدم لنا نظرية عن الادلوجة[1].لكن الى اي حد يصح القول باعتماد العروي المنهج الماركسي في الكتاب و انه كان متشبعا بالنظرية الماركسية لعل ما يثبت قولنا هذا تاريخه للادلوجة في الكتاب و ربطها بالوضع الاجتماعي  اذ نتبين ان العروي يضع المفهوم في اطاره الاجتماعي و التاريخي.

أرّخ العروي للأدلوجة من خلال تعريفها من خلال الإرث الافلاطوني

فقد ارخ العروي للادلوجة من خلال تعريفها من خلال الارث الافلاطوني وصولا الى العصر الاسلامي ثم التنوير ثم الهيقلية و الماركسية.و قد نقد الادلوجة الفلسفية و تفسيرات الفلسفة القديمة لها مثلما نقد ماركس الارث الافلاطوني و التنوير خاصة معتبرا اياها تروج للوهم ثم الهيقلية التي رغم تأثره بها معتبرا اياها فلسفة مثالية وصولا الى  الماركسية.

هل اكتفى العروي بتمثل النظرية الماركسية أم أنه قد نقدها؟

و يكمن الاشكال الاكبر هنا هل ان العروي اكتفى بتمثل النظرية الماركسية ام انه قد نقدها.ان العروي تمثل النظرية اذ في نقده لمفهوم الادلوجة نقدها بناء على التمرحل التاريخي الماركسي منذ عصر الاقطاع بداية فلسفة التنوير و الليبرالية في خضم ايضا فلسفة التنوير اي الثورة الفرنسية و انتشار الليبرالية وصولا الى الهيقلية التي كانت موجودة في خضم بداية المجتمعات الاشتراكية التي وجدت قبل الماركسية و زامنت فلسفة فيورباخ التي تنظر للايدلوجية بطبيعتها التاريخية وصولا الى ماركس الذي نقد جميع هذه النظريات وصولا الى تطورات النظرية الماركسية التي اقتصر على ذكر بعضها عند منظري علم الاجتماع او الاقتصاد الاجتماعي كفيبير و لوكاتش.

و الثوسير وصولا الى العالم العربي اذ يعتبر ان مفهوم الادلوجة في النظرية الماركسية العربية لم يفهم لان العرب لم يفهموا النظرية الماركسية لانهم لم يصلو الى المرحلة الليبرالية حقا.

اذ نستنتج ان العروي تمثل النظرية الماركسية في كامل جوانبها لكن لم يقدم نقدا لها الا في علاقتها بالمجتمع العربي باعتبار المنظرين و المثقفين لم يفهموا بعد الارضية التاريخية و الجغراسياسيه و الاقتصادية للواقع المحلي و العالمي نظرا لالتباس المفاهيم مما يشي بصعوبة في طرح البدائل.

نتبين أن العروي قد تمثل النظرية الماركسية و نقدها

اذ نتبين مما تقدم ان العروي قد تمثل النظرية الماركسية و نقدها خاصة في العالم العربي انها لم تطرح البدائل لان المنظرين لم يستوعبوا الواقع السياسي.فإلى اي حد يصح هذا القول.لعل ما يؤكد قولنا هو الفصل الذي وضعه الكاتب تحت عنوان في العالم العربي و هو الفصل ما قبل الختامي [1] (كتاب مفهوم الادلوجة ص 10)

فيديو مقال النظرية الماركسية من خلال كتاب مفهوم الإدلوجة لعبد الله العروي

 

 

 

أضف تعليقك هنا