الوحوش البشرية

البشر أشد وحشية من الحيوانات المفترسة

كنا نطلق مصطلح وحش أو وحوش على الحيوانات المفترسة التي تأكل بلا رحمة، وتهاجم بلا تفكير، سوى أنها تتجه نحو الفريسة لتشبع جوعها وشهوتها في التلذذ في افتراس ما يمر حول مسكنها وطريقها.. ومن ضمن ضحايا هذه الوحوش الحيوانية بشر من جنس الإنسان.. فكثير ممن يربون النمور والأسود وغيرهم من الحيوانات التي إن ثار جوعها خانت من يطعمها رغم جوع صاحبها الذي يصرف من جيبه من أجل إطعامه وينسى طعامه هو .. وهذا في النادر ما يحدث إلا أن هناك حوادث وحالات عديدة شهدها العالم حول ضحايا الحيوانات المفترسة من البشر الذين لاقوا حتفهم مع أنهم أقرب المتواجدين مع هذه الحيوانات، إلا أن الوحوش لا تفرق بين القريب والبعيد، ومن كان معها، ومن كان ضدها، فهو وحش لأنه من أجل مصلحته يمسح الأرض، ومن فيها دون تردد أو تفكير.

بالأمس كان الإنسان هو ضحية الحيوانات المفترسة إلى جانب الحيوانات غير المفترسة، واليوم الإنسان هو الوحش الذي يهدد حياة الحيوان، والنبات، والإنسان الذي مثله، فالوحوش البشرية إن تم مقارنتها بالوحوش الحيوانية فالوحوش البشرية أكثر خطورة؛ لأنها تسبق الوحوش الثانية بالعقل المفكر والمدبر المخطط الذي يجعل منه خطر على الجميع الساكنين هذا العالم وهذه الأرض.

بمجرد سماعنا لمصطلح الوحوش البشرية نستغرب، ونكاد لا نصدق كيف لإنسان هو الإنسانية، والطيبة، والحنان والأمان، أن يكون ضمن الوحوش البشرية، وانتزع اللقب من الحيوان الذي إن قارناه مع ما يقوم به الإنسان الآن من أعمال وأفعال شيطانية وحشية.. هذا الحيوان الوحش يتصف بالرحمة عنه.

الجرائم التي ارتكبها بنو البشر

لم يترك ابن أدم شيئا لم يفعله..نهب.. سرق.. دمر.. خرب.. هدم..قتل.. شرد.. أحرق.. حارب.. فعل مالا يخطر على بال، وعقل أحد، فأصبح لا فرق بينه وبين الشيطان، أو بينه وبين الوحشية التي هي من الشيطان، ومن الأفعال الشيطانية.

تم ممارسة كل البشع والقبيح، والذي لا يصدق بالفعل، والقول، والتخطيط، والتفكير، والمساهمة، والمساعدة، وأناها بالمشاهدة التي هي عجز عن رؤية المنكر، والظلم، والامتناع خوفا، أو انتقاما، أو عنادا في منعه والاعتراض عنه، رأينا كل مالا يرى بهذا العالم.. والإنسان فعل حتى الذي لا يفعل فهو فعله بضمير ميت، وقلب حاد وقاس، وبلا وجود للمشاعر والأحاسيس.

الإنسان وحش بأفعاله

إن الظالم وحش بظلمه، والخائن وحش بخيانته، والفاسد وحش بفساده، والمخرب وحش بخرابه وتخريبه، والعنيف وحش بعنفه، والخبيث وحش بخبثه، والكافر وحش بكفره، والطاغي وحش بطغيانه، والعاصي وحش بمعصيته، والذنب وحش بذنوبه، والنصاب وحش بنصبه، وكل فعل خارج عن عالم الأخلاق والتربية والدين هو ضمن العمل والفعل الوحشي البشري.

ما سبب وحشية البشر؟

وحشية الكثير جاءت من انتقام قد حول الأخضر إلى يابس، وهدم لعب الأطفال، وحرم الرضيع من أمه، والابن من أبيه وابن الوطن من وطنه.. التفكير في المصلحة الخاصة والأنانية التي تم العمل بها بعيدا عن الحق والرحمة والعدل جعل من عالمنا عالم الدماء، والقوي قد أكل الضعيف، والكبير قد داس بالقدم والأقدام على الصغير.. نحن مشردين تائهين محتارين بهذا العالم الذي كل واحد منا ساهم بفعلته وطريقته في تعقيد الحياة، وتصعيب العيش، ضمن تلك الوحوش البشرية التي أصبح من المستحيل التخلص منها ورميها بعالم الانقراض؛ لأنهم -قبل السيطرة على العالم وكبارها- قد سيطروا علينا وأصبحنا الخدم الذين إن واجهنا رب العمل والملك تم رمينا خارج الديار وحتى الحياة.

لا تكن وحشا بشريا وإن عشت المر فوق المر .. فلا الانتقام، ولا الحقد، ولا غيره من الحالات التي تجعلنا نكتسب لقب الوحوش البشرية خسارة.

لا تكن.. لا بشعا، ولا وحشا في أقوالك، وأعمالك، وأفعالك، وحتى نواياك، ومن كان معك وحشا، فأنت الفائز لا هو لأنك ضحية لا مجرم.

فيديو مقال الوحوش البشرية

أضف تعليقك هنا