شبهة فهم “يُضِلُّ اللَّهُ مَن يَشَاءُ وَيَهْدِي مَن يَشَاءُ”

بقلم: أ.د/ فؤاد محمد موسى عبد العال

لقد جاء هذا التعبير القرآني في عدد من الآيات القرآنية:

  • كَذَٰلِكَ يُضِلُّ اللَّهُ مَن يَشَاءُ وَيَهْدِي مَن يَشَاءُ ( المدثر: 31)
  • وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَٰكِن يُضِلُّ مَن يَشَاءُ وَيَهْدِي مَن يَشَاءُ ۚ وَلَتُسْأَلُنَّ عَمَّا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ ( النحل: 93 )

هناك من يفهم هذا القول فهما خاطئا فيقول إن كان الله تعالى هو الذي يضل، ويهدي من يشاء، فما ذنب من لم يهده الله ؟.

التفسير الصحيح للأيات السابقة

وهناك من المنافقين وضعاف الإيمان من يتخذون هذا ذريعة للتنصل من تكاليف الإسلام . وهناك من يحارب الدين الإسلامي من المشركين والمشككين في الدين الإسلامي ، من خلال ذلك. وهذا ما قاله المشركون أيضا من قبل.

(سَيَقُولُ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكْنَا وَلَا آَبَاؤُنَا وَلَا حَرَّمْنَا مِنْ شَيْءٍ كَذَلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ حَتَّى ذَاقُوا بَأْسَنَا قُلْ هَلْ عِنْدَكُمْ مِنْ عِلْمٍ فَتُخْرِجُوهُ لَنَا إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنْ أَنْتُمْ إِلَّا تَخْرُصُونَ)

إن المراد الحقيقي في إضلال الله أو هدايته للإنسان تكون طبقا لاختيار وإرادة الإنسان نفسه. فكلمة يشاء في الآيات تشير إلى ذلك. وهي في نفس الوقت تشير إلى مشيئة الله تعالى لأن الله هو الذي أعطاه المشيئة من قبل. فالله يساعد الإنسان فيما يريد، ثم يحاسبه عليه، وهذا هو العدل المطلق من الله.

الله أعطانا حرية الاختيار والمشيئة

  • أخي المسلم إن الله قد أعطاك المشيئة والإرادة في كل شئون حياتك حتى الإيمان بالله فأمر نبيه محمد صلى الله عليه وسلم أن يعلنها صريحة واضحة فقال عز وجل. وَقُلِ الْحَقُّ مِن رَّبِّكُمْ فَمَن شَاءَ فَلْيُؤْمِن وَمَن شَاءَ فَلْيَكْفُرْ ( الكهف: 29(
  • ولم يجبرك على اختيارك، بشرط أن تتحمل نتيجة اختيارك فالجنة للمؤمن، والنار للكافر:
    ( إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ نَارًا أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا ۚ وَإِن يَسْتَغِيثُوا يُغَاثُوا بِمَاءٍ كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ ۚ بِئْسَ الشَّرَابُ وَسَاءَتْ مُرْتَفَقًا إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ إِنَّا لَا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلًا  أُولَٰئِكَ لَهُمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهِمُ الْأَنْهَارُ يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِن ذَهَبٍ وَيَلْبَسُونَ ثِيَابًا خُضْرًا مِّن سُندُسٍ وَإِسْتَبْرَقٍ مُّتَّكِئِينَ فِيهَا عَلَى الْأَرَائِكِ ۚ نِعْمَ الثَّوَابُ وَحَسُنَتْ مُرْتَفَقًا(الكهف: 29- 31)  
  • والاختيار بين أن يسلك الإنسان طريق الخير أو الشر بيد الإنسان كما جاء في الآيات الكريمة:
    {قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءكُمُ الْحَقُّ مِن رَّبِّكُمْ فَمَنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَن ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا وَمَا أَنَاْ عَلَيْكُم بِوَكِيلٍ} (يونس: 108)
  • أي أن إضلال الله لشخص في قوله تعالى ( يُضِلُّ اللَّهُ مَن يَشَاءُ) معناه: إن هذا الشخص آثر الغي على الرشاد, فأقره الله على مراده, وتمم له ما ينبغي لنفسه . (فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ(الصف: 5)
  • وكذلك الحال في ( َيَهْدِي من يشاء( أي من أراد الهدى من الناس فإن الله يهديهم بناء على اختيارهم طريق الهدى. أنظر قول الله تعالى:
    (وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدًى وَآتَاهُمْ تَقْواهُمْ)( محمد: 17)
  • وانظر إلى قيمة الإرادة الإنسانية في قول الحق وهو يتكلم عن إرادته:
    ) قُلْ إِنَّ اللّهَ يُضِلُّ مَن يَشَاء وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَنْ أَنَابَ  الَّذِينَ آمَنُواْ وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِ اللّهِ أَلاَ بِذِكْرِ اللّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ) ( الرعد: 27-28ا).
    فهو سبحانه يهدي إليه من أناب.

الله معنا في خيارنا سواء للخير أو العكس

أخي المسلم باختيارك ، ونيتك، وسعيك لما تريد يكن الله معك فيه، سواء للخير، أو عكسه.

  • اقرأ قول الله في سورة الليل.
    • فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى (5) وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى (6) فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى (7) وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنَى (8) وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى (9) فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى (10) وَمَا يُغْنِي عَنْهُ مَالُهُ إِذَا تَرَدَّى (11) إِنَّ عَلَيْنَا لَلْهُدَى (12)
  • بل أن الله يسرع إليك كلما هممت بالقرب منه، أنظر قول ربك في الحديث القدسي.
    • عن أنس بن مالك رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم فيما يرويه عن ربه عز وجل، قال: «إذا تقرب العبد إلي شبراً تقربت إليه ذراعاً، وإذا تقرب إلي ذراعاً تقربت منه باعاً، وإذا أتاني يمشي أتيته هرولة» (رواه البخاري(
      أخي المسلم هل شعرت يوما بمعية الله معك، فإن لم تشعر بها فأنت الذي بدأت بالبعد عن الله.
  • ما أحلى القرب من الله ألم تقرأ قول امرأة فرعون وهي في بيت (فرعون) بيت العنكبوت تقول:
    • قَالَتْ رَبِّ ابْنِ لِي عِندَكَ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ وَنَجِّنِي مِن فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ وَنَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ  ( التحريم: 11)

إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَهَرٍ فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِندَ مَلِيكٍ مُّقْتَدِرٍ ( القمر: 54-  55 )

بقلم: أ.د/ فؤاد محمد موسى عبد العال

أضف تعليقك هنا