عقد الحاكم العربي

بقلم: الكاتب صلاح الشتيوي

يتميز الحاكم العربي على غيره من حكام العالم بعدد من العقد النفسية سنحاول في هذا المقال توضيحها وتفكيك طلاسمها عسى أن يصلح الله أمر قياداتنا.

العقدة الأولى: الشك

في اليوم الذي يبايع فيه الحاكم العربي ويكلف ويصير جالسا على كرسي الحكم، يجلس معه دون ان يشعر الشك بالآخر وعدم الثقة.ويتجلى ذلك بوضوح عندما يبدا الحاكم العربي باتهام الاخرين بالكذب والخيانة والغدر والتآمر عليه، وينتابه شعور بالخوف حتى من أقرب الناس اليه، وكل ذلك سببه الخوف من ان ينزله أحدهم من كرسي الحكم، انه يخاف من أخيه، من ابنه ويتحول هذا الامر الى هذيان نفسي يدور حول ركوب الكرسي والخوف من النزول منه.يقول العلامة ابن خلدون:( يقلب الحاكم توجسه وغيرته من شعبه الى خوف على ملكه، فيأخذهم بالقتل والاهانة).

العقدة الثانية: الهوس بالسلطة

انه ولا شك فيه انه لا يمكننا تحليل تصرفات حكامنا العرب دون ان نفهم مشاكلهم المرضية وحالاتهم النفسية، ولقد اطلعت على بعض من مقتطفات من كتاب صدر في أمريكيا وترجم الى العربية وكان عنوانه: مهوسون في السلطة للكاتبة “موريال فإسباغ “والتي حاولت في هذا الكتاب قراءة العقد النفسية والهوس بالسلطة لدى حكامنا العرب قبل الثورات في كل من مصر، ليبيا، اليمن، موريتانيا وليبيا وغيرها.تقوم الكاتبة بقراءة شخصيات حسني مبارك، معمر القذافي، زين العابدين بن علي، علي عبد الله صالح. كشفت في كتابها ان الرئيس حسني مبارك كان يعاني من حالة تسمى (الادعاء الارتكاسي بالموت) وفيها يلجا المريض للهروب من الواقع كأنه غير واقع.

اما بخصوص تونس فان ريسها السابق زين العابدين بن علي لم يكن هو المريض المهوس بالسلطة، وانما كانت زوجته ليلى الطرابلسي التي تطلعت لحياة الثراء والترف على حساب قوت الشعب وحولت الدولة الى شريكة خاصة.

مما لا شك فيه ان الحكام العرب ورثوا عمن سبقهم هوسهم بالسلطة الا حد العبادة، الا ان الحكام العرب الذي استلموا السلطة بعد الثورات العربية اعتبرهم أقبح نماذج في العصر الحديث بهوس الثورة.فان سألتهم عن أسباب الفقر والبطالة ورجوع كل المؤشرات الى الوراء…اجابتهم تكون ودائما قمنا بثورة.

العقدة الثالثة: غريزة السطوة

إذا تابعت عن قرب المشهد السياسي في دولنا العربية التي مرة بثورات سنلاحظ ان اغلب السياسيين والقادة يبدون في الظاهر ديمقراطيين الا انه اذ اتبعت وراقبت تصرفاتهم فستجد ان السطوة مسيطرة على داخلهم.وكما هو معروف فان الديمقراطية والسطوة لا يمكن ان يلتقيا وهذا سبب لحكامنا العرب وجعلهم يعيشون حالة من التناقض الوجداني والسلوكي الا انهم تمكنوا من امتلاك اهم مصدر من مصادر السطوة وهي الثروة.تمكن حكامنا العرب من السطوة على شعوبها بكثرة الأموال والمال قوام الاعمال.

العقدة الرابعة: الغطرسة والسلطة.

اعراض الغطرسة عند حكامنا لها ثلاثة اركان:- استعمال لقب نحن.- الاعتقاد انه بريء امام الله والتاريخ.- الاقتناع بالاستقامة وانهم لا يخطئون ابدا.وهاته الاعراض التي تلازم حاكمنا العربي تجعله متوحدا بالسلطة فهو كل شيئ فهو الشعب وهو الوطن.الغريب ان الحاكم العربي لا يعرف ان من أسباب سقوطه من كرسي الحكم هو غطرسته، فكم من حاكم عربي يتم اخباره ان هناك محاولة انقلاب تحاك ضده فلا يكترث، الم يسخر معمر القذافي من الثورة والثوار فقتلته غطرسته. وكانت نهاية صدام بسبب رفضه ترك الكويت.

العقدة الخامسة: خلل الإدراك العقلي

لقد أصبح العقل السياسي العربي بعد الثورة مدمن على انتاج الازمات ومكبل غير قادر على حل مشاكله.

ان عقول حكامنا اعتادت تفكير نمطي محدد يجبره على تكراره والمشكل انه يصعب عليهم التراجع عن معتقدات ثبت خطاها، وهذا يجعلهم لا يقدرون على إيجاد حلول لما هم فيهم.وهكذا يعرضون ملايين الناس الى الخطر. لان عقولهم مصابة بخلل ادراكي. الذي يرى ان معتقداته هي الصيحة وانه على الحق وما عداها باطل.

وأخيراً

ان لكل حاكم لا بد من محكوم ان الشعوب المحكومة تعودت الخضوع والخنوع والتملق للحاكم باعتباره ولي الامر، ان الشعوب مساهمة في جعل الحاكم يعشق الكرسي.ولقد ساهم الدين في صناعة سيكولوجيا المحكوم وهذا يقودنا الى الاعتقاد انه لا يوجد في عالمنا العربي دولة مدنية بالمفهوم الحديث علاقاتها قائمة على قبول الاخر، التسامح، السلام، المساوات في الحق والواجب، قضاء عادل وغير مسيس، ووجود سلطة الدولة ومع الأسف ما زلت الأنظمة العربية بعيدة زمنيا لتحقيق ذلك.

بقلم: الكاتب صلاح الشتيوي

أضف تعليقك هنا