“فيروس الكورونا” الأزمة العظيمة

انتشار فيروس كورونا في أنحاء العالم

قد يخافُ المرء من هذا العنوان المُفزع، وقد يزدادُ خوفاً عندما يتعمقُ في هذه المسألة، التي لم تجد النور حتى الآن، وحتى هذه اللحظة في كل مكان، فيروس كورونا، الفيروس الذي قتل الحياة و مازال يقتُل، الفيروس الذي أصبح اللغز العويص في هذا العالم، منذ ظهوره في الصين تحديداً في مدينة “ووهان ” بتاريخ 12 ديسمبر 2019 , وتفشيه في كل أرجاء الكرة الأرضية من الشمال إلى الجنوب، و من الشرق إلى الغرب.

لقد انتشر هذا الفيروس مثل انتشار النار في الهشيّم، لقد خرج من حدود الصين ليصل لأوروبا _ يصل لإيطاليا، فرنسا ، ألمانيا، سويسرا، إسبانيا، وكذلك إفريقيا… التي كانت هي الأخرى مكانٍ جيداً يرتاح فيها هذا الفيروس من خلال بلدان مثل: مصر، تونس، الجزائر، المغرب، والقائمة تطول.. فبكل بساطة اجتاح هذا المرض كافة الحدود، وأراد أن يُرهق تفكير كل طبقات العالم، بل كل البشر في هذا العالم، إلى درجة نجد فيها تأويلات عديد ، حيث يرى البعض بأن هذا الفيروس هو عبارة على حرب بيولوجيّة، ويرى البعض الأخر بأنه مُجرد سلاح نووي جديد أرسلهُ للعالم أصحاب العقول الخَبيثة، لغاية هي كل الغايات: النفوذ المالي والسيطرة الاقتصادية، وكل هذه الآراء مازالت مُجرد تَخمينات لا يمكن أخذها بكل جدَية، لكن ما نتفق عليه جميعاً هو أن فيروس كورونا لم يَجد من يقف بوجهه إلى حَد هذه اللحظة.

ما هو فيروس كورونا؟

إن أول سؤالٍ جدي يطرحه أي باحث في هذه المسألة حتى وإن لم يكن اختصاصه هو: ماذا نعني بالفيروس؟ وبهذا نكون مهدنا للحديث عن فيروس كورونا.

عندما تكبر الأزمة، خاصةً وأن هذه الأزمة غير مسبوقة، من خلال عدد المصَابين وكمية الألم النفسي الذي يعيشه العالم حالياً، فإن التعامل الإيجابي يبقى هو سبيل كل الناس نحو التحرر من هذا الكابوس المُقلق، وهذا لا يعكس تساؤل البعض وحيرتهم عندما يجدون عدد المصابين بالأنفلونزا العادية أكثر بكثير من عدد المصابين بفيروس كورونا، فمن المعلوم أن العشرات والآلاف من الناس يموتون بالأنفلونزا في كل عام ، لكن لا نجد هذه الضجة وهذا الرعب الذي يعيشه عالمنا الآن، خاصةً وأن موتى كورونا بات عددهم الخمسة ألاف حتى هذه اللحظة، خاصةً وأن بعض الدول أغلقت حدودها الجوية والبرية والبحرية تماماً، وأغلقت الجامعات والمعاهد والمدارس، بالإضافة إلى تعطل الأنشطة الرياضية في كل مدن العالم، هذا كله يمثل العامل الأساسي الذي يجعل من علماء هذا العصر يسخرون كل ما وهبهم الله من ذكاء وطموح من أجل الإنتصار على هذه الآفة التي لا تقهر (في الوقت الحاضر).

من المهم جداً أن يفهم الإنسان هذا الفيروس: ماذا نعني بفيروس كورونا؟ ولماذا لم نجد له حتى هذه اللحظة أي علاج ؟ على الرغم من أن الأنفلونزا العادية هي فيروسات، وتشابه في العديد من الجوانب أعراض فيروس الكورونا، وإذا ما أردنا التدقيق أكثر فإن كلمة “كورونا” ليست محددة لفيروس مُعين، بل هي نوعٌ من الفيروسات( في شكل تاج ) و داخل هذا النوع من الفيروسات نجد فيروس كورونا من نوع ” ألفا ” ” بيتا ” ” دلتا ” إلخ ، ، ، وهذا الفيروس بالذات يُدعى باللغة الأنجليزية ” SARS – COV – 2 و يتردد في الإعلام حالياً إسم ” COVID – 19 و هو المرض الذي يسببهُ هذا الفيروس: ضيق التنفس، الحرارة العالية……

هنالك كتابات عديدة الآن تؤكد بأن هذا الفيروس هو عبارة عن حرب جرثومية، وحجتهم على ذلك هو القول بأن الكورونا كان معروف منذُ عدة سنوات، حيث كتب عنه الأمريكان عدة كتابات، أي أنهم يعرفونهم، فكيف ظهر في الصين هكذا؟ لكن هذه المجموعة التي تؤول الأحداث لا تعلم بأن فيروس الكورونا هو أنواع، ومنذُ أكثر من خمسة عشر سنة ظهرت، ودُرست، فعندما نقرأ هذه المعلومات ونتأكد بوجود فيروس كورونا منذ سنوات ليست بالعديدة، فإننا نُشكك في الكلام الذي يُقال الآن عن هذه الآفة، لكن في المقابل يجب على الإنسان أن يُحسن التفكير، و لاُ يثيرُ في داخله أحكاماً مُسبقة، فكثيراً ما يُقال بأن هذا الفيروس هو من إنتاج الأمريكان، أي حرب جرثوميّة بالأساس، وهنالك عدة نقاشات الآن تؤكد هذا الكلام الذي مثلما أكدنا، لا يرتقي لأن يكون في مرتبة الحقيقة.

بالإضافة إلى ذلك لابد التأكيد بأن الفيروس هو عامل بيولوجي يحمل حمض نووي ويدخل على خلايا البشر أو الحيوانات ليتسبب في تعطيلها، أو السيطرة عليها، و الفيروس هو ليس بكتيريا _التي هي خلايا _ فهو عامل حيوي مُغطى بمادة دسمة و مغطى ببروتينات Envelope protein لذلك لدينا مضادات حيوية antibiotiques التي هي مواد كيميائيّة تدخل وتأتي إلى هذه البكتيريا لتدمر المادة الحمضية ، وهناك بعض من المضادات الحيوية التي تدخل على البكتيريا فيُعطلها.

نصائح الأطباء حول فيروس كورونا

وبالحديث عن الفيروسات يُنصح الأطباء بتعقيم يدنا بالصابون، كي نُزيل المادة الدسمة التي يحملها العامل الحيوي للفيروس، هذا إذا تعلق الأمر بأطراف الإنسان الخارجية ، لكن إذا تعلق الأمر بالأعضاء الداخلية فإننا لا يمكن أن نشرب المواد الكيميائية التي نستعملها للتعقيم، و في هذه الحالة، أي عندما يدخل الفيروس جسم الإنسان، فإنه الآن يجب إستعمال ما يعرف باللغة الفرنسية ب : antivirus وهي عبارة عن مواد تعطل عمل الفيروس، حيث تجعله لا يدخل على الخلايا الحية للإنسان، لكن في حالة SARS – COVID أي في حالة فيروس الكورونا فأنه لم نجد إلى حد هذه اللحظة Antivirus مُناسب، على الرغم من أن أكثر من نصف المصابين بهذا المرض تماثلوا للشفاء، نعم للشفاء بطريقة عادية، حيث أن الأغلبية منهم لم يدخلوا المستشفى لأن الأعراض التي عندهم من هذا الفيروس كانت قليلة، بحيث تخلص جسدهم من الكورونا، لذلك نجد أن نسبة المصابين بهذا الفيروس _ و الذين دخلوا مصحات العلاج _ 20 % ، و الناس الذين ماتوا من من هذا الفيروس تقدر ب 3,4 % ، وإن كان هذا الرقم غير مؤكد لأننا ليست لدينا معرفة بكل المصابين في كل أنحاء العالم .

لماذا كل هذا الرعب من فيروس كورونا؟

مقارنة بين نسبة الوفيات من المصابين بفيروس كورونا والذين أصيبوا بالانفلونزا

بكل بساطة إن نسبة الوفيات إن كانت 3,4 % أو حتى 1 % هي التي تدعونا للخوف، فهي نسبة كبيرة جداً، إذا لم نقل هائلة، فمثلاً بين شتاء 2018 وشتاء 2019 نجد في الولايات المتحدة الأمريكية 35 مليون شخص أصيبوا بالأنفلونزا، منهم 490 ألف أضطروا للذهاب إلى المستشفى، و منهم 34 ألف شخص ماتوا، وهنا يقول المرء إن الإنفلونزا تقتل أضعاف ما يقتله هذا الفيروس، لكن العبرة ليست بالأعداد، العبرة بالنسبة، فنسبة الذين توفوا في الولايات المتحدة الأمريكية بالأنفلونزا السنة الماضية هي نسبة 0,1 %، أما الذين يتوفون الآن بهذا الفيروس، فهي نسبة هائلة، رهيبة، مرعبة، ولا يمكن لنا أن نستهتر بها، لهذا يجب نأخذ كل الاحتياطات اللازمة من أجل الفتك والفوز على الكورونا، من المهم أن نأخذ الأمور بشكلٍ علمي و منطقي، وهذه هي ثقافة العلم والمعرفة العلمية وننظر إلى المعطيات والبيانات حول هذا الفيروس.

نشرت جريدة The Guardian البريطانية، بتاريخ 13 مارس 2020، بعض من المُعطيات حول فيروس الكورونا، من خلال ما قام به الصينيون في الشهرين الماضيين، من إحصائيات و نشرهم للجميع ، حيث تبين:
_أولاً : من سن يوم إلى 9 ، نسبة الوفيات 0 %
_ثانياً : من سن 10 إلى 19 , نسبة الوفيات 0,2 %
_ثالثاً : من سن 20 إلى 29 ، نسبة الوفيات 0,2 %
_ رابعاً : من سن 30 إلى 39 , نسبة الوفيات 0,2 %
_ خامساً : من سن 40 إلى 49 , نسبة الوفيات 0,4 %
_ سادساً : من سن 50 إلى 59 , نسبة الوفيات 1,3 %
_ سابعاً : من سن 60 إلى 69 , نسبة الوفيات 3,6 %
_ ثامناً : من سن 70 إلى 79 , نسبة الوفيات 8%
أخيراً : من سن 80 فما فوق ، نسبة الوفيات 14,8 %

من خلال هذه الإحصائية بينت جريدة “الغاردين” من هم أكثر عُرضة للمرض أو للإصابة بفيروس الكورونا، أي الذين يتقدمون في السن، و من لديهم أمراض مُزمنة مثل: أمراض القلب، أو الدورة الدموية، أو مرض السكري، فالنسبة الوفيات بين هؤلاء هي 7,3 % ، لهذا لابد أن نهتم بهذه الفئة جيداً فهي منّا، ويجب أن نبتعد عن كل الإستهزاءات الفيسبوكية، والكلام الذي لا معنى له، فعندما يقول البعض  -وهي فئة غير واعية من هذا المجتمع- ” لا تخافوا فالكورونا تقتل المُسنين” فإننا نكون قد مهدنا لموت الإنسانية، و موت الإنسان نفسه، وهذا الذي تنبأ به ” ميشال فوكو” في كتابه الهام “الكلمات و الأشياء” لذلك لابد أن نكون يد واحدة، فالحرب على الكورونا مازال مستمرا، و الخوف منه مازال مُستمرا، فمهما كثر الكلام، من الممكن أن نخلص لنقول أننا نعيش في أزمة نسأل الله أن يُخرجنا منها، ونحن في كامل قوتنا مع الأشخاص الذين نحبهم.

فيديو مقال “فيروس الكورونا” الأزمة العظيمة

أضف تعليقك هنا