كم نقمة في طيها نعمة

وراء كل نقمة نعمة

كم نقمة في طيها نعمة، ورب ضارة نافعة، قال تعالى: {وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ}.

إن الإنسان قد يقع له شيء من الأقدار المؤلمة، والمصائب الموجعة، التي تكرهها نفسه، فربما جزع، أو أصابه الحزن، وظن أن ذلك المقدور هوالضربة القاضية، والفاجعة المهلكة، لآماله وحياته، فإذا بذلك المقدور منحة في ثوب محنة، وعطية في رداء بلية، وفوائد لأقوام ظنوها مصائب، وكم أتى نفع الإنسان من حيث لا يحتسب!. وتلك هي أحوال الدنيا لا يكاد ينفك عنها أحد في هذه الحياة التي:                                                                      جبلت على كدر وأنت تريدها *** صفوا من الأقذاء والأقذار

وقول الله أبلغ وأوجز وأعجز، وأبهى مطلعا وأحكم مقطعا: {لقد خلقنا الإنسان في كبد}.

كيفية التغلب على بلاءات الدنيا

إن من أعظم ما يملأ القلب طمأنينة وراحةً، ومن أهم أسباب دفع القلق الذي عصف بحياة كثير من الناس، بسبب موقف من المواقف، أوبسبب قدر من الأقدار المؤلمة ـفي الظاهرـ جرى عليه في يوم من الأيام! قوله تعالى (إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا) اطمئن وقل {كَلَّا إِنَّ مَعِيَ رَبِّيسَيَهْدِينِ}.

كم من إنسان لم يقدر الله تعالى له ما يريد، فضاق ذرعا بذلك، واهتم واغتم وصار ضيقا صدره ـ وهذه طبيعة البشر ـ لكن الذي لا ينبغي أن يحدث هو الحزن الدائم، والشعور بالحرمان الذي يقضي على بقية مشاريعه في الحياة!

وليت من حرم نعمة من النعم أن يتأمل هذه الآيات لا ليذهب حزنه فحسب، بل ليطمئن قلبه، وينشرح صدره، ويرتاح خاطره، وليته ينظر إلى هذا القدر بعين النعمة، وبصر الرحمة، وأن الله تعالى رُبَما صرف هذه النعمة رحمه له! وما يدريه؟ لعله إذا رزق بها صارت سبباً في شقاءه،وتعاسته، وتنغيص عيشته!

من كل شيء إذا ضيعته عوضٌ *** وما من الله إن ضيعتهُ عوض

فيروس كورونا بلاء في ظاهره، نعمة في طياته

كذلك ماحل بالعالم من وباء كورونا الذي غير العالم فهل نشهد ولادة عالم جديد؟ مع هذا الجندي الخفي الذي فاقت إيجابياته سلبياته، ومن إيجابياته: أنه عاد بنا إلى مراجعة حياتنا الدينية، والاجتماعية، والثقافية بالعالم أجمع وعاد بنا كمسلمين إلى الرجوع إلى الله تعالى، والتقرب منه والتضرع إليه، والتفكر في كتاب الكون المفتوح، وسننه في خلقه وما أهلك به من قبلنا واستشعار ضعفنا مهما وصلنا من العلم والتطور أمامقوة الله تعالى، وإدراك نعم الله علينا من الأمن والنعم ورغد العيش.

إغلاق أماكن الفساد في العالم من الدعارة والمسكرات وملاهي ومراقص وسهرات ومحرمات بكافة أنواعها والحد من هذه الممارسات عالمياً، مراجعة المسار الاقتصادي وترك كثيراً من العادات والسلوكيات السيئة والبذخ والاسراف والتطاول والتسابق في الحفلات والمهايط والتبذير، وترشيد الاستهلاك، وغيرها كثيرا ليس هنا المجال لحصرها وإنما لتذكير بالطمأنينة وعدم اليأس والبحث عن الخيرة في الأمر واليسر بعد العسر والنعمة بعدالنغمة.

وإلى لقاء قريب في الحلقة القادمة بإذن الله

فيديو مقال كم نقمة في طيها نعمة

 

 

 

أضف تعليقك هنا