“كورونا” الفيروس اللعين

بقلم: إيمان الخطابي

إن البشرية في أول ظهور لفيروس كورونا فهمته على أنه إعلان للمجاعة، و ليس بداية لمرض معدي و قاتل، فبدأ الإنسان يستحوذ على معظم الأطعمة الضرورية، فاكتظت الأسواق والمحلات التجارية لإقتناء أكبر عدد ممكن من المواد الأساسية كالأكل ومواد التنظيف، ونسيت أن الأمر يتعلق بخسارة الأرواح التي قد تكون من الأحباء و الأقارب، ولا يرتبط بالمجاعة أو توقف إستوراد الأطعمة الأساسية.

الوقاية من الكورونا مسؤولية على عاتق كل أفراد المجتمع

تكون خسارة هذه الفيروسات خطيرة  في فترات قصيرة، و تتطلب مجهودا كبيرا من الأطباء في اختراع ادوية للعلاج و الإهتمام بعدد كبير من المرضى في ساعات لامحدودة، و تستدعي هذه الجائحة مسؤولية جميع الأفراد. كما يلعب الإعلام دور مهم في نقل الأخبار  و توعية المجتمع حيث ينشر التطورات التي يحصدها هذا الفيروس اللعين.

و التي ساعدت الناس على استيعاب التدابير و الإجراءات و النصائح التي تقدم من طرف المسؤولين. ففهم الإنسان مدى جدية الأمر،  و أصبح يتقدم في سلوكاته و معاملاته مع هذا المرض بالمكوث في المنزل و الوقاية و عدم المخالطة مع الغير بعد أن أدرك حقيقته.

و يرجع الفضل إلى حزم الدولة و صرامتها في تطبيق قواعد السلامة للتغلب على المرض ، و الخروج منه بأقل الخسائر البشرية. فصارت تراقب الشعب  و تضع خططا يوما بعد يوم و تنشر فيديوهات تحسيسية للناس كي يتصرفون بعقلانية أكثر.

هل سننتصر على هذا الفيروس؟ وما الدروس المستفادة عند النصر على الكورونا؟

ربما ستعود الحياة إلى ربيعها بوجودنا أو بغيره، فلن يستمر الإمتحان لمدة طويلة تجعل الإنسان يتألم كثيرا، بل سيتحول الوضع إلى أفضل مما كان عليه لكن بعد أن يفقد العالم بعض المواطنين و المواطنات و بعد فترة معاناة كبيرة قد تستغرق أسابيعا أو شهورا، ستنتهي فترة المخاض هذه  لتعطينا درسا قويا في شتى المجالات.

و هنا قد يحدث أمرين:

  • إما سيصبح الإنسان اللأخلاقي متخلقا و اللامسؤول مسؤولا أو العكس.
  • و  إما أن يصبح الإنسان يدقق كثيرا في الأمور قبل الشروع  في تطبيق  أي قرار، و ستعلمه هذه المحنة المعنى الحقيقي للحرية  و التضامن و الإستقرار لكن سيحدث هذا بعد استنزاف كبير لطاقته و مجهوداته.

و إما ستعود الحياة إلى طبيعتها فستجد البشر يعمل بنفس التصرقات و العقليات و الأفكار،  رغم كارثة هذا الإمتحان الذي يعيشه العالم بأكمله،  فمن المحتمل أن ينسى كل الألم و الحرمان و الإكتئاب بعد أول فرصة لأن النسيان أمر طبيعي في قاموس الإنسان.

لذلك فما أحوجنا إلى انتهاء هذا المخاض تاركا طابعا متميزا و إيجابيا بحيث تتغير العقليات إلى الأفضل.و يستغل هذا الإنسان طاقته و حريته في العلم و الإبداع تاركا ما كان يعيشه في الماضي من تقلبات نفسية و اجتماعية.

كيف نحول هذه المحنة إلى منحة؟

بهذه الخطوات يمككنا أن ننتصر على أنفسنا وعلى هذا الإمتحان المؤقت:

  • بالتعلم و التغيير الفردي والعمل الجماعي و الوعي بهدف الحياة و الوجود.
  • ما يحتاج إليه الإنسان في هذه الأزمة الصحية هو التسلح بالإيمان و التوكل على الله،  والإلتزام بالوقاية و الأخذ بالأسباب و تطبيق سنة سيدنا محمد عليه الصلاة و السلام في التعامل مع هذه الأمراض الخطيرة. حيث قال جابر بن عبد الله رضي الله عنه : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “الفارّ من الطاعون كالفار من الزحف، والصابر فيه كالصابر في الزحف”رواه أحمد .
  • و يحتاج أيضا إلى حفظ النفس و عدم الإستهتاربالأمر، و ينبغي أن لا نستسلم و لا نفارق ذكر الله في هذه الفترة العصيبة، و نراجع أنفسنا قبل فوات الآوان.
  • كما يجب أن نتحلى بالصبر و التفاؤل و السكينة  و الطمأنينة إذ يقول الله تعالى:” الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ  أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ”  سورة الرعد الآية:28
  • و الشروع في الصدقات على المحتاجين  و مساعدة الفقراء  و تنقية القلوب من الشوائب و الأمراض و الوساوس…

إنها فرصة للتساؤول مع الذات و مراجعتها و تصحيح الخلل الذي يوجد في النفس و العقل معا. فل نراجع و نعوض كل ما لم نفعله في الأيام الماضية من إيجابيات لأن ظهور الأنترنيت و الموضة و الإهتمام بالأمور الخارجية أخذت منا كل الوقت  فأهملنا الباطن كثيرا.

بقلم: إيمان الخطابي

أضف تعليقك هنا