لعل فيروس كورونا المستجد سيكون فأل خير على جميع المغاربة والعالم

لقد جعل هذا الفيروس عدة دول تفرض حالة الطوارئ الصحية، وإلغاء الرحلات، وإغلاق الحدود، فإن صح تعبيري فيروس كورونا أصبح الآن يفرض علينا واقعه، وأصبح المتحكم في سيرورة الحياة اليومية في كافة بلدان العالم.

لا ننكر أن هذه الأزمة نشرت الهلع حول العالم، خصوصا بعد ارتفاع عدد الضحايا والوفيات بسبب هذا الفيروس الذي سمته منظمة الصحة العالمية بـ “الجائحة العالمية”.

الجوانب الإيجابية من الإجراءات التي اتخذتها المملكة المغربية في تعاملها مع فيروس كورونا

لقد ظهرت بعض الأمور الإيجابية التي يمكن أن تغير نظرتنا إلى الدولة، وبدأت تطفو على السطح بعد انتشار وباء كورونا في المغرب، وكافة دول العالم، وربما قد تساعد هذه الأمور في تغير النظام العالمي للأفضل.

1: رد الاعتبار إلى العلوم، وتخصيص ميزانية للبحث العلمي

الآن كلنا ننتظر الأطباء والممرضين، والعلماء والباحثين أن ينقذوا البشرية من هذا الوباء، ربما هي فرصة لنا لإعادة النظر في مجالات أخرى تصرف عليها ملايير الدولارات، فيما التعليم والبحث العلمي يتم تخصيص له ميزانيات هزيلة… ماذا يقدم لنا مشاهير كرة القدم والسينما والغناء …؟ ماذا يقدم لنا الرقاة والدجالون وتجار الأديان؟

هاته الأسئلة لم تكن ليطرحها الناس على مواقع التواصل قبل أزمة فيروس كورونا، لكن أصبح عدد كبير من الأشخاص يطالبون برد الاعتبار إلى العلوم وإلى مجالات أخرى ضرورية في الحياة، الطبيب، الممرض، رجل النظافة، الأستاذ، العالِم، الباحث، رجل الأمن، الجندي، التقني، الخباز، البائع، السائق، العامل، اللحام، النجار، الصباغ، الخياط، الصانع، البناء… هؤلاء وغيرهم من أصحاب المهن التي لها تأثير نفعي بشكل يومي على حياتنا هم المشاهير الحقيقيون، هم الذين يستحقون أن نستوقفهم في الطرقات ونأخذ صورا معهم وتوقيعهم، هم الذين يستحقون الحصول على الدعم والأوسمة والاحترام والتقدير في المجتمع.
“ما يدوم غير المعقول الصحة التعليم والأمن”

ربما ستنقلب الموازين بعد انتهاء هذا الفيروس وسينقسم التاريخ إلى ما قبل كورونا وما بعد كورونا، وسوف لن يكون العالم كما كان من قبل، وهذا من شأنه أن يساهم في خلق نظام عالمي جديد، نظام فكري واقتصادي وسياسي مخالف لما عهدناه.

2: التضامن

لا يمكن لأحد أن ينكر ملاحظته لوتيرة التضامن التي ارتفعت في الآونة الأخيرة بين أفراد المجتمع، فعلى مواقع التواصل الاجتماعي أنشئت صفحات ومجموعات توعوية بخطر هذا الفيروس، كما ينشر أعضاء هاته المجموعات مبادرات تطوعية لمساعدة الأشخاص في حالة صعبة.

على أرض الواقع هناك مبادرات شبابية تجوب أزقة الشوارع لتوعية الناس بخطر وباء كورونا وحثهم على البقاء في البيت، فيما آخرون قاموا بوضع الماء والصابون في الشوارع لمساعدة المارة في غسل أيديهم، هناك متطوعون دفعوا مبالغ مالية كمساهمة منهم لمكافحة هذا الوباء فيما آخرون أبدوا استعدادهم للتكفل بعائلات معوزة خلال هذه الأزمة، فيما هناك من بدأ بتقديم دروس مجانية على الأنترنت في عدة تخصصات كمساهمة منه لمساعدة الطلاب والتلاميذ للدراسة عن بعد، كثرت مظاهر التضامن بين أفراد المجتمعات وهذا أمر كنا لا نلاحظه إلا نادرا قبل هذه الأزمة.

3: عودة الثقة بين الحكومات والمواطنين

في جل الدول وبالخصوص في الدول العربية، نجد أنه من النادر أن يبدي المواطن رضاه عن أداء حكومة بلاده، ولعل خير مثال على ذلك هو الثورات والمظاهرات التي نشاهدها كل يوم  في عدة دول، لكن في هاته الأزمة أصبحنا نلاحظ وبشكل واضح رضى الشعوب عن عن أداء حكومتها وعن القرارات التي تخرج بها لمكافحة هذا الفيروس.

في الجارة الجزائر والأردن، ومصر والسعودية… هناك شبه إجماع من طرف المواطنين (حتى بعض المعارضين منهم) عن الأداء الجيد لحكومات بلدانهم في التصدي لوباء كورونا…. عودة الثقة بين السلطة والشعب هو أمر ايجابي بامتياز، وهو الجوهر الأساسي الذين يجب أن تبنى عليه الدولة.

4_ انخفاض مستوى التلوث في العالم:

“رب ضارة نافعة”

بسبب انتشار فيروس كورونا في جل دول العالم الذي أدى إلى الغاء الرحلات والقيام بإجراءات الحجر الصحي لدى عدة دول لوحظ تراجع كبير في مستويات التلوث، فلقد أظهرت خرائط ناسا انخفاضا في مستويات أكسيد النيتروجين في العالم هذا العام، خصوصا لدى الصين، التي تعتبر من أكثر الدول الملوثة للمناخ في العالم، ويفسر هذا الإنخفاض في التلوث الى التباطؤ الاقتصادي الذي عرفته عدة دول نتيجة تراجع نشاط المصانع والرحلات الجوية والبحرية والبرية.

5: الجلوس مع النفس والتقرب من العائلة

ربما الحجر الصحي هو فرصة لكل فرد بأن يجلس مع نفسه مع عائلته ويبدأ في ترتيب أفكاره؛ فالعديد من الأشخاص وبحكم صعوبات العمل لا تتاح له الفرصة للجلوس لوحده أو مع عائلته والتفكير في بعض الأمور التي تهمه، فحتى في العطل يبقى الشخص مشغولا بالأسفار والتنقلات والقيام بأنشطة أخرى، وكلها أمور تحرمه من البقاء لوحده أو مع عائلته.

الآن يمكنك أن تفكر في مستقبلك وأحلامك ومشاريعك ومخططاتك لوحدك.. يمكنك أن تمارس بعض الهوايات والأعمال الأخرى التي لطالما تمنيت أن يكون لك الوقت الكافي للقيام بها، الآن لديك الوقت الكافي لكل ذلك فأحسن استغلال هذه الفرصة.

وفي الأخير لايسعنا إلا أن نرفع أكفنا راجين من المولى جل في علاه أن يرفع عنا هذا البلاء وأن يجعله نعمة لا نقمة.
“فعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم”

فيديو مقال لعل فيروس كورونا المستجد سيكون فأل خير على جميع المغاربة والعالم

https://youtu.be/aPltWHy-t8c

أضف تعليقك هنا