ليس الأمر بأيدينا “لا شيء غير الوباء!”

يوجد بين أصدقائنا من لا يريدنا أن نتحدث عن الجائحة العالمية وفيروس كورونا ونتناقل أخباره، لا يريد أن يرى صور النعوش الصقيلة المسجية في أوروبا والشوارع الخالية في آسيا والأعين الخائفة في أفريقيا والقلوب الراجفة في أمريكا، يريدنا أن نقلع عن إدماننا الحديث عن مأساة البشرية ومصيرها وأن نتبادل صوراً أخرى غير صور الأطباء الملثمين وأحاديثاً أخرى لا عن خصائص الفيروس ولا عن وصفات لتعقيم الأيدي بالكحول والصابون.

المحنة على الجميع وما باليد حيلة

ليس بأيدينا إخوتي، ما دمنا من بني هذه الأرض وسكانها، نحس بأوجاعها ونتفاعل مع أحداثها، نطرب إن غنى المغني ونحزن إن نعى الناعي، يدور في مجالسنا حديث الأسلحة والقتال إن حمي وطيس الحرب، ويدور فيها الحديث عن المتنافسين إن شد الرياضيون الرحال إلى ملاعب كأس العالم، لا نستطيع أن نغرد خارج السرب وإن أردنا.

أنا على الأقل ليس بيدي، كيف لي أن أحدثكم عن شيء آخر اليوم :

  • والمساجد لم يفح من مجامرها البخور ظهيرة أيام الجمعة منذ أسابيع
  • والكنائس لم ترن أجراسها.
  • المدن المليونية غلّقت أبوابها.
  • والشوارع خفتت أضواؤها لا تُسمع فيها قهقهة الآسيويات عائدات من العمل منتصف الليل.
  • فقط أضواء سيارات الدورية تلمع في عيون القطط.
  • وصالات الأفراح لا تأتي منها الأهازيج.
  • وحدائق الأطفال مسورة بشرائط حمراء مثل حقول الألغام في مناطق الحروب والنوادي مظلمة كالمقابر.
  • السماء لم تبرق فيها الطائرات والسفن العظيمة رابضة على مراسيها بأرصفة الموانئ كالحيتان النافقة.

كلنا متخبطون، فماذا نفعل؟

هل أحدثكم عن أحدث عطور فيرساتشي وجون لويس وقد أدمنتُ رائحة المطهرات والمعقمات! أم أدلكم على تنزيلات ملابس من بيير كاردان وجرجيو ارماني وأنا لا أرى رداءً جديداً سوى الكمامات! أم أدعوكم على حفل شواء على رمال الشاطئ والبحر حزين!

ليتني أحدثكم عن شعاع الشمس فوق حافلات المدارس ولكنني لا أخرج، ليتني استدعي لكم ذكريات ماضي الطريفة واسفاري القديمة وتجارب عشقي أيام الصبا، ليتني أهاتر صديقي بفوز الفريق الذي أشجعه على الذي يشجعه هو واللاعبون لم يركضوا على الملاعب، ليتني أرسل لكم فيديوهات الفكاهة والأغاني والحكم لكن أوجاع العالم أقوى وترانيم الوداع أعلى وحكماء العالم مثلنا يتخبطون..

ربما “نفضها سيرة” عندما يستعيد العالم توازنه فنعود نتحدث عن أمور أخرى وقضايا تروق لكم، عندما تنتهي الحاجة للتوعية بمخاطر المرض وتنتفي ضرورة الحذر، إن وصلنا إلى ذلك عندها فليغني كل ليلاه.

فيديو مقال ليس الأمر بأيدينا “لا شيء غير الوباء!”

 

 

 

أضف تعليقك هنا