مشروع وطني لدولة استثنائية

بقلم: آمنة عبد العزيز المهري

أهمية القراءة

إن القراءة اليوم تمثل مطلباً أساسياً وضرورة حتمية كالهواء والماء، كما أنها وسيلة لكي نوسع مداركنا ونتعرف على الحياة بصورة مختلفة، وقد تجلت أهمية القراءة فكانت أول كلمة بدأ بها جبريل عليه السلام في حديثه مع النبي صلى الله عليه وسلم هي كلمة “اقرأ”. إذ قال تعالى (اقرأ باسم ربك الذي خلق) “العلق:1″، فهذا دليل على المكانة العظيمة للقراءة في الإسلام وتبوئها مكانة عالية.

ومما يؤكد لنا ضرورة القراءة وأهميتها كمادة أولية في حياة البشرية منذ الأزل، ما فعله النبي صلى الله عليه وسلم مع الأسرى عندما أراد أن يطلق سراحهم، فلم يطلب منهم مالاً أو شيئاً من متاع الدنيا كما كان متداول ومتعارف عليه في تلك الحقبة الزمنية، بل طلب منهم أمراً يعد غريباً لديهم، حيث طلب من كل أسير أن يعلم عشرة من أطفال المسلمين القراءة والكتابة فتكون مكافأته أن يطلق سراحه، وما كان نبينا الكريم أن يفعل ذلك لولا إدراكه على أهمية العلم كركيزة أساسية لنهضة الأمم.

كما يقال إن جميع المنجزات الحضارية العظمى تبدأ بالثورات الثقافية وذلك ما وضعت الصين الرهان عليه منذ الأزل في فترة تاريخها الحديث، فعندما قاد زعيمها ماوتسي تونغ الثورة الثقافية عام 1949 استطاع أن يغير ملامح بلاده على خارطة العالم لتصبح خلال عقود قليلة ثاني أقوى اقتصاد عالمي.

مظاهر اهتمام دولة الإمارات العربية بالقراءة

ومن هنا ينطلق اهتمام دولة الإمارات العربية المتحدة كدولة استثنائية تؤمن أن حضارة الأمم وارتقاء البشرية وخلق أجيال مبدعة متسلحة بالعلم والمعرفة لا يكون إلا بالقراءة، فكنا الدولة الأولى على مستوى العالم التي أصدرت قانوناً للقراءة وذلك في 31 أكتوبر 2016، فكان أول قانون من نوعه يضع أطراً تشريعية وبرامج تنفيذية للقراءة.

كما يمثل الخامس من شهر ديسمبر 2015 يوماً فارقاً لمحبي وعشاق القراءة محلياً عندما أقر مجلس الوزراء بتوجيهات من رئيس الدولة صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان حفظه الله أن عام 2016 هو عام القراءة، مبادرات عظيمة تتوالى علينا تماشياً مع إستراتيجية الإمارات في إعداد جيل قارئ يرسخ مكانة الدولة كحاضنة للثقافة والمعرفة.

كما غرس فينا أبونا زايد معاني النهضة، حب العلم وشغف القراءة في مشهد غير مسبوق. فإن اهتمام القيادة الرشيدة بالعلم والمعرفة ليس جديداً فقد كان المغفور له بإذن الله الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان يتفقد بنفسه معرض أبو ظبي للكتاب سنوياً، كما أنه أسس معرض الكتاب الإسلامي في عام 1981، وعندما زار الشيخ زايد رحمه الله المعرض في يومه الأخير أمر بشراء جميع الكتب المعروضة لتزويد (وتوزيعها على) جميع مكتبات ومدارس الدولة والدوائر الحكومية. وما هذا الفعل إلا ترجمة لمقولته الشهيرة ” الكتاب هو وعاء العلم والحضارة والثقافة والمعرفة والآداب والفنون وإن الأمم لا تقاس بثروتها المادية وحدها، إنما تقاس بأصالتها الحضارية، والكتاب هو أساس هذه الأصالة، والعامل الرئيس على تأكيدها “.

لنكون بذلك دولة استثنائية بقيادة استثنائية تعتبر القراءة مشروع وطني متكامل يسهم في تنمية المعرفة وإثراء التحصيل العلمي، ويدرك أن الثقافة قائمة على نهج معرفي راسخ يضع الكتاب والعلم في مقدمة أولوياته ليحقق بذلك رؤية قيادتنا الرشيدة.

وعلى الصعيد المثمر المضيء، إنني أعتبر القراءة هي أصل لكل إبداع ولكل عمل إنساني أو حضاري يضيف للعنصر البشري. والتجربة الإماراتية كفيلة بأن تكون نموذجاً عالمياً يحتذى به.

بقلم: آمنة عبد العزيز المهري

 

أضف تعليقك هنا