مناقشة فلسفية لمقالة أوسكار وايلد عن الفنون “الجزء الأول”

أوسكار وايلد أديب إنگليزي إيرلندي ومؤلف مسرحي وروائي، اشتهرت رواياته في ثمانينيات القرن التاسع عشر وأصبح من أكثر الكتاب شعبية في لندن في مطلع التسعينات من ذات القرن، في كتابه (The Picture of Dorian Gray) كتب مقالة عميقة عن الفنون، أوقفتني بعض عباراته لدقّة معانيها وعمق أبعادها فأردت التعليق عليها بإيجاز.

مناقشة بعض مقولات أوسكار وايلد عن الفن

  • “الفنان صانع الأشياء الجميلة”
    • يعبّر وايلد هنا عن جوهر وظيفة الفنّان والتي تشكّل هويّته كفنّان بأنه صانعٌ للجمال، وأسمى الجمال الفنّي ما يعكس الواقع في عمل الخيال الفنّي.
    • كما يقول فونتانه معبّراً عن هذا المذهب في الفن “الواقعية هي إنعكاس للحياة الحقيقية”، ويكون عبر التعبير عن الجوهر الداخلي للأشياء كما يقول أوتو لودفيج.
  • “غاية الفن أن يكشف عن نفسه، وأن يخفي شخصية الفنان”
    • وايلد هنا يعبّر عن جوهر الفن بأنه موجّه لذات الجمال، وليس لذات الفنّان.. فأينما كشف الفن عن نفسه (بجماله) تحقّقت الغاية الجوهرية للفن، وهي التعبير عن الجمالِ بجمال.
  • “الناقد من يترجم أثر الجمال في نفسه بلغة غير لغة الفنان، أو يصوغ من إحساسه به مادة غير مادة الفن”
    • يشير وايلد هنا إلى أمرين؛ الأول: يوضح لنا صيرورة تكوين مادة الفن بكون العمل الفني ناتج عن الشعور بأثر الجمال داخل نفس الفنّان، والذي يصهر أحاسيسه ومشاعره في قالب العمل الفنّي، الثاني : من المنطلق السابق قد يلعب الناقد الفني دوراً أيضاً في إكمال عملية صناعة مادة الفن، بوصفه مترجماً للأثر الجمالي في نفسه بلغة فنية أخرى، تكسب مادة الفن إكسيولوجية إضافية.
  • “إن أعلى أنواع النقد لا يختلف عن أحطّها، في أنها جميعًا تراجم لحياة الناقد على نحو ما”
    • فيقصد هنا أن النقد الأصيل آلية تشذيبية تعكس أثر العمل الفني في نفس الناقد، كما أن عملية النقد من الممكن أن تقدم العمل الفني في صورة غير الصورة التي رسم أُطرها الفنّان، فهي المنتوج النهائي للعمل الفني بعد تصفيته ومروره بمنخل الناقد.
  • “من يقرؤون معاني القبح في آيات الجمال هم السفهاء، ولا عذر لمن ضل سواء السبيل، أما من يقرؤون معاني الجمال في آيات الجمال فهم الأصفياء؛ هم رجاء الإنسانية، هم المختارون الذين لا يرون الجمال إلا جمالًا”
    • يشير وايلد هنا إلى أن مفاهيم الجمال والقبح نسبية مختلطة، بالرغم من إطلاقية مفهوم الجمال الأسمى مقارنةً بالتعريفات التي حددها الفلاسفة.
    • وما قصده وايلد هنا لا يحدِّدُ الجمال بالإطلاقية، فقد توجد نسب قبحٍ تحدَّدُ نقرأها في معاني الجمال، إلا أن معاني القبح هذه ليست أصيلة في العمل الفني بل مصدرها إدراكنا وذائقتنا الفنية الفاسدة والتي تشجب عنّا رؤيتنا الفنية الصافية، ولإدراك الجمال المطلق والسّامي يجب أن نحفّز فينا الذائقة الفنّية الأصيلة، عبر إستشعار معاني الجمال في الثقافة والفن والطّبيعة، وهؤلاء هم الأصفياء كما يرى وايلد الذين يرون في الجمال جمالاً.

بعض مفاهيم الجمال عند بعض الفلاسفة

  • هربرت ريد مثلاً حدد الجمال في وحدة العلاقات الشكلية.
  • أما هيجل فقد أعطى الجمال صبغة فلسفية وحدويّة إذ يرى الجمال كالجني الأنيس الذي نصادقه في كل مكان، فالجمال بحسب هيجل موجود في كل مكان وما علينا إلا محاولة إدراكه أو إستشفائه.
  • أما ديوي وهو الأقرب والأدق تعريفاً فيرى الجمال في فعل الإدراك والتذوّق للعمل الفنّي.

فيديو مقال مناقشة فلسفية لمقالة أوسكار وايلد عن الفنون “الجزء الأول”

أضف تعليقك هنا