نقش الراية ويقين التيه

يقين هو ما يدفعنا للمسير, هو من يحرك فينا سهم الساعة ليشير  إلى قبلة الوجهة , يقين و حسن ظن بأن الغد جميل رغم تيه الحاضر فالوصول قريب.

 هذا المزيج هو ما كان يردده مسافر  أنهكته الخطوات و رسم الغبار على ملامح وجهه خطوط الزمن و لكن حسن الظن كان يرفع هامته و يرشد زرقة عينه رغم حمرة الطريق , رايته على كتفه يهزها الريح فيعري نقشها … تصبر كما يصبر , بل تغني كلما إشتد العصف فهو لم يملك غيرها إذا انكسر عوده أسندته و إذا اشرقت شمس سكنت لتمنحه الظل . هذا المزيج الغريب و هذه الرفقة الدائمة تعود لتحرك داخل المسافر بل و داخلي هواجس التيه و البعد و الخوف من الإدراك فكلينا يحمل بصدره كلمات لم يقدر الزهايمر فينا على إتلافها.

هل يمكن أن نضع رايتنا ونستسلم لإنهاك الذات والروح مازالت داخلنا تهتز؟

إن الجمع ينتظر منا الوصول و نحن نعبر اليوم صحراء الواقع و نصمت لنفكر بصوت عالي يحفز بل و يسرع فينا منابت الكلمات و اليوم نرافق المسافر و رايته و نسترق النظر لنقشها كلما عرتها الرياح  و نصمت لنستمتع بغناءها و هي تقول لنفهم و تعيد لندرك طبيعة المزيج فينا بين الزهايمر و التيه و ذلك اليقين.

يقين التيه

دعني اخبرك صديقي بأن ضمان التوازن اليوم هو أن نحافظ على إستقرار المادة و ثبات النفس في واقع متقلب تحكمه الهزات و توابع الإهتزازات , إن سلمنا أن الكائن البشري في بحث دائما على التطور مع نزوعه للحفاظ على التوازن و عليه من المهم الإدراك بأن الفعل المستمر للمادة بل و تغيرتها الطبيعية تجعل منا بحكم الأصل و التكوين جزء من سيرورة المادة حتى و إن لم يتغير فينا الظاهر فالأكيد أن الباطن قد تغير ليأقلم فينا المادة و كلما تأخر التحول زادت غربة المادة فينا و عزلتنا عن الكون البسيط و المركب و أبقتنا على قيد الحياة و لكن بإضطراب دائم.

إن أصل التكوين فينا يمنحنا صفات البناء والترميم

إن أصل التكوين فينا يمنحنا صفات البناء و الترميم و الإحتواء و الحياة حتى و إن إختلفت تركيبته فالمزيج واحد و متجانس و هنا كل تغير بجانبك لا يجانبك بل يخترقك ليأثر فيك و يأقلمك ليحافظ بك على توازن انت جزء منه فتأكد أن كل مقاومة لن تنتج الا تشويه للمادة داخلنا قد يسايره الخارج أحيانا أو يكتمه ليسرع كما سبق و ذكرت في عزلتنا و حتى فنائنا … إستسلم لطبيعة تكوينك و صفات مزيجك و اترك لتوازن الطبيعي و الآلي أن يعمل بصمت على استقرارك.

إن مرحلية الخلق فينا استوجبت إستقرار تربتنا و تصلب مزيجنا و حتى توازن المادة فينا ليكون المسكن ملائم لساكن و لينتج إندماج و تقبل ثم الفعلية و لذلك العمل على ثبات النفس لن يكون و لن يطرح الا بإكتمال مرحلة سابقة استوجبت استسلامنا الإرادي و الصامت لتوازن الباطن و الظاهر لتكون مرحلة السكن و السكون للنفس التي نجهلها حتى و إن أدركنا بعض آليات عملها.

النفس هي منفذ ورابط تواصل مع نقاء الأصل فينا

النفس هي منفذ و رابط تواصل مع نقاء الأصل فينا و آلية تشغيل للمادة البشرية و جهلنا لها من عدمه لن يردعها من الفعل و التأثير , أما الروح و نقائها فسرمديتها تمنعنا بل تصدنا عن النفاذ من أبواب الإدراك فلا بداية نعلمها و لا نهاية نتوقعها … أما النفس و مدى ثباتها هو رهين اتقاننا لنواقل الفعل بينها و بين الجسم و نتاجها الصراع الوجودي بين الخبث و طيبة الإطمأنان. فشراهة الذات و صبيانيتها يجعل منها المجرب الفاشل أحيانا الذي ترميه رغبات الممكن و شهوات الممنوع في طريق معبد بحجارة تثقل خطوات المسير و ترهق فينا نبض القلب فنظل الطريق و نفقد إيقاع العيش.

لا يمكن تجاهل تحفيز الخارج الذي يغرينا بفنون العيش

 لا يمكن تجاهل تحفيز الخارج الذي يغرينا بفنون العيش و يرسم لليد سبيل و للخطى مسير و للعين رؤية و وجهة نظر ليزيد الطين بلة و يزيد الأصل ميوع و تزيد فرقة الروح و النفس فتكابد الأولى غربة المسكن و تحيد الثانية في زحمة الحياة بعدما أتقنت حركات المادة و نشوزها و ابدعت في التحكم في آليات التواصل و نواقل الحركة و بالتالي تثبت أن الجسد المادي هو رهينة و ربما يرتقي لشريك في الجريمة ببعده و حياده و تنكره لنقاء الأصل و طيبة المزيج و نسيانه انه من عالم أدنى من عالم الروح فعلمه محدود و عمله محدد.

لقد هدأت العاصفة فينا وحولنا وسكنت الراية

اعذرني صديقي المسافر فذلك الزهايمر اللعين ينسيني أداب الرفقة فقد استرسلت في التفكير و في حوار الذات و التيه و هواجس النفس و المزيج و لم احمل عنك الراية , ام أنك  تخشى ان أطلع على نقشها … او ربما فعلت و نسيت أين أنت صديقي ؟ هل مللت رفقتي أم أنك رحلت في صمت تاركا لي هذا الظل … لقد هدأت العاصفة فينا و حولنا و سكنت الراية , فدعنا نصمت حتى ندعها ترتاح و نواصل المسير فالجمع ينتظرك صديقي و أنت حامل الراية.

فيديو مقال نقش الراية ويقين التيه

أضف تعليقك هنا