هل بات الاتحاد الأوروبي يعد أيامه الأخيرة كإتحاد؟

لا يختلف اثنان أن الاتحاد الأوروبي بات يمر بفترة عصيبة وغير مسبوقة في تاريخه، منذ تأسيسه عام 1992، فلأول مرة تقوم الدول الأوروبية بإغلاق حدودها أمام مواطني دول أوروبا المنتسبين لإتحادها، وتعليق إعتمادها مبدأ حرية الحركة وعبور الأشخاص والبضائع بسبب تفشي فايروس كورونا القاتل.
فبعد محطات طويلة ومعقدة من العمل المشترك والتنسيق المتواصل بين البلدان الأوروبية على مدار 70 عاماً، فتحت الباب أمام التكامل السياسي والاقتصادي بينها، ووصلت إلى حد ممارسة سياسة خارجية ودفاعية مشتركة، إضافةً إلى توحيد العملة النقدية (اليورو).

على الرغم من التماسك إلّا أن الاتحاد بات يشهد باللآونة الأخيرة سلسلة أزمات كبرى

وبالرغم من التماسك السياسي والعسكري للاتحاد الاوروبي كسياسية خارجية طيلة الازمات والمحطات التاريخية التي طرأت على السياسات الدولية، إلا ان الاتحاد بات يشهد باللآونة الأخيرة سلسلة أزمات كبرى باتت تعصف به وبوحدته.

الأزمات التي شكلت عجزاً وتحدياً حقيقياً للإتحاد الأوروبي

أولى تلك الأزمات التي شكلت عجزاً وتحدياً حقيقياً للإتحاد الاوروبي كانت الأزمة الإقتصادية العالمية عام 2008، التي دعته إلى انتهاج سياسات تقشفية قاهرة على برامج الخدمات الحكومية، في قطاعات عديدة أهمها الرعاية الصحية والتعليم، تبعتها موجات تسريح للموظفين وتقليص القطاع العام، مما أدى إلى تراجع النمو وارتفاع نسب البطالة.

سقوط الوعود برفع المستويات المعيشية

سقوط الوعود برفع المستويات المعيشية وخلق فرص العمل داخل المنطقة الأوروبية، ساهم في ارتفاع أسهم احزاب اليمين المتطرفة لدى المواطنين الأوروبيين المشككين في جدوى الاتحاد الاوروبي ومستقبله.

موجات اللجوء الكبرى والهجرة غير الشرعية

لتليها أزمة أخرى أعقد وأشد وطأةً وهي موجات اللجوء الكبرى والهجرة غير الشرعية الغير مسبوقة مطلع عام 2015، ما زاد الضغط على دول الاتحاد، في ظل رفضهم الالتزام بسياسة الهجرة وتوزيع اللاجئين، وفق ما تنص عليه اتفاقية دبلن المقررة في عام 1990 والداخلة حيز التنفيذ عام 1997.

الأزمة الإنسانية ساهمت في ارتفاع التعصب الوطني عند الكثير من الأوروبيين

هذه الأزمة الإنسانية ساهمت في ارتفاع التعصب الوطني عند الكثير من الأوروبيين، وهو ما تلخص بعدها في تسجيل احزاب اليمين المتطرفة لارقام قياسية في الانتخابات المحلية وحتى في انتخابات البرلمان الاوروبي الأخيرة والتي أدت للإطاحة بالعديد من الحكومات اليسارية في الاتحاد.

وباء الكورونا يهدد مستقبل الاتحاد

أما اليوم ومع حلول وباء الكورونا كعامل حاسم يهدد مستقبل الاتحاد الذي بلغت مستوياته في انعدام النمو وازدياد البطالة درجات مخيبة للاوروبيين، ناهيك عن سلسلة الاعمال الارهابية واعمال العنف التي شهدتها المنطقة الأوروبية بالفترة الاخيرة.

كشف انتشار وباء كورونا هشاشة لم تشهدها دول الإتحاد من قبل

فمع الخوف المتزايد من فقدان الهوية، والخصوصية الثقافية بسبب غياب آليات واضحة وحقيقية لدمج اللاجئين، كشف انتشار وباء كورونا كوفيد هشاشة لم تشهدها دول الإتحاد من قبل، ففكرة التكامل الاقتصادي الوظيفي وسياسات السوق المفتوحة، جعلت الدول الاوروبية تتخصص في صناعات معنية وتغض الطرف عن تصنيع ما يتم في بلدان أخرى، خصوصاً في ظل انعدام الرسوم الجمركية، وحرية تنقل البضائع بين الحدود المفتوحة! وهو ما تلخص في عجز الاتحاد في توفير اقنعة طبية لشعوب دول اتحاده!.
بانسحاب بريطانيا، ومع مخلفات أزمة الكورونا المستعصية التي ضربت العالم، ومعه الاتحاد الأوروبي، ومع استثمار الاحزاب اليمينية المتطرفة بالخطابات والتوجهات النهضوية الوطنية، فإن حكومات المنطقة الاوروبية باتت مجبرة على مراجعة شاملة لسياساتها المحلية والخارجية ولعل ابرزها مبدأ التكامل الوظيفي التأسيسي للاتحاد والمعتمد طيلة مراحل تطوره، فالاتجاه وفق التطورات الحالية يشي بوضوح ان المنطقة الاوروبية باتت تعد ايامها الاخيرة كاتحاد.

فيديو مقال هل بات الاتحاد الاوروبي يعد أيامه الأخيرة كإتحاد؟

 

 

 

أضف تعليقك هنا