وعي شعب سلامة وطن

كل دولة كيفما كانت وعبر تاريخها ومؤسساتها وهياكلها التنظيمية لها مزايا وعيوب فهذه حقيقة تابثة لا يمكن لأي شخص أن ينكرها أو يتملص من حقيقتها، لكن بطبيعة الحال تختلف من وطن لاخر حسب نوعية التسيير والتدبير لاسيما في الحفاظ على أمن وسلامة الوطن من أجل المواطن..

تكاتف المواطن مع الدولة شرط أساسي لمواجهة الكورونا 

الحديث قد يطول إذا ما أردنا أن نعطي درسا حول الدولة بصفة عامة والفرد بصفة خاصة، لأن ما يضمن استمرارية العلاقة بين الفرد والدولة هو ما تم التعاقد عليه فيما بينهم وتحديد الاختصاصات وتدبير الأزمات وقت الشدة حتى تظهر ميزة ونجاعة التعاقد السليم المبني على احترام العهود والمواثيق، فلا شك أن العالم اليوم يعيش على أزمة ڤيروس كورونا الذي تعددت تأويلاته وتفسيراته وسبب انتشاره لأنها تبقى إلى حد الساعة غير مفهومة أو واضحة المعالم. لكن ما يحسب للدول التي انتشر بها هذا الوباء الفتاك أنها تجندت لمحاربته ووقف انتشاره دولتا وشعبا،  في انتظار اكتشاف لقاح جديد للقضاء عليه بحيث خصصت المعدات اللازمة لانقاذ الرأسمال البشري من الموت كما باشرت الدول في وضع قوانين وقرارات صارمة هدفها كبح جماح هذا العدو الخفي الذي لا يظهر إلا بعد أن يكون قد تغلغل بعمق إلى ذات الإنسان، ورغم ذلك كانت الدول هي أيضا محترمة لمبدأ التعاقد الإجتماعي بحيث كانت مراعية لاحتياجات الناس فضمنت لهم مجانية الماء والكهرباء والغاز والمكالمات والأنترنت وتأجيل سداد القروض البنكية والتبرعات وما إلى غير ذلك…… على الأقل بهذا الشهر او شهور على حسب تصديهم ومقاومتهم وقضاءهم على هذا الوباء.

كيف تعامل المغاربة مع الإجراءات التي وضعتها الدولة حول كورونا؟

بالمغرب الحبيب تظافرت الجهود من أجل التصدي لهذا الوباء بالتحسيس بخطورته وضرورة السلامة للمواطنين عبر توعيتهم بالالتزام بقرارات الدولة الرامية كذلك بضرورة حفظ وتطبيق ما تم التعاقد في مثل هذه الأزمات لكن مع الأسف ظهر أن بعض الفئات المجتمعية لا تفرق بين السيء والأسوأ، بين الخطير والأخطر، فالمغرب بكل فخر من الدول التي سارعت لاحتواء انتشار الوباء بين مواطنيها بتطبيق جملة من القرارات التي تكون بها تجمعات كثيرة قد تساهم في إنتشار الوباء بطريقة مهولة، منها قطاع التربية والتعليم الذي جاء كأول قرار تطبقه الدولة مما خلق ضجة كبيرة لدى الناس لاسيما عندما سمعوا أن الدراسة سوف تستمر عن بعد بواسطة التكنولوجيا الحديثة فظهرت العديد من التدوينات والتعاليق الساخرة على هذا القرار الذي رغم أنه يقال فيه الكثير لكن ما يحسب لهيئة التعليم وأفرادها على اختلاف مستوياتهم التدريسية إلا أنهم أبانو عن وعي وتفاني في تأدية واجبهم المهني واحترام القرار. كما كان أيضا من جملة التهكم والسخرية التي لم يستسغها بعض المغاربة أيضا اقفال المقاهي و المطاعم وصالات الرياضة وقاعات الحفلات والندوات والحمامات ظنا منهم أن الدولة تحاصرهم…
والخطير من ذلك هو موجة الغضب التي عبر عنها البعض بفكر ظلامي رجعي في حق الدولة وأنها تحرض على المعصية والعصيان جراء رفع الأذان في أوقات الصلاة مع إقفال المساجد ولكون دور العبادة هي التي لا يجب أن تقفل لأن كورونا مثلا سيبقى واقفا منتظرا عند باب المسجد وبعد خروج المصلين آنذاك يمكن مهاجمتهم؟ الأمر ليس تهكما بقدر ما هو مثير للشفقة على مثل هذه العقول التي لا ترى في الدين إلا التشدد، كما كان لأرباب النقل قول اخر من خلال قرار المغرب في عقلنة عدد راكبي سيارة الأجرة والحافلات والطرام، بحيث علق بعض سائقي سيارات الأجرة أنهم يفضلون ركن سياراتهم على أن يقدموا هذه الخدمات؟ دون أن ننسى ما فعلته نقط البيع على اختلاف منتوجاتها الجشع في أبهى صوره لاستغلال المواطن بالرفع من أثمنة المنتجات التي تجعلنا نطرح اكثر من علامة تساؤل، أهكذا تدار الأزمات؟ أهكذا نساعد بعضنا البعض في هذه المحن؟ ناهيك عن التهافت المهول على مراكز التسوق والرغبة في شراء أكبر عدد من المنتجات دون التفكير ولو للحظة في مواطن اخر قد يكون غير قادر على شراء كل المنتجات في هذه الظرفية.

وجوب عدم الاستهتار والعمل بقرارات الدولة من قبل الشعب المغربي

المغاربة اليوم مدعوون اكثر لمبدأ التكافل الإجتماعي وليس لمنطق (راسي يا راسي) مبدأ أنا والطوفان من بعدي، حتى نتغلب على هذا الوضع الكارثي حتى لا نعيد سيناريو فاجعة تارودانت حتى إن كانت بعيدة كل البعد عن الوضع الحالي لكن العبرة فيها أننا شاهدنا جميعا أن من كان بالملعب أو فوق البناية كان لهم متسع كاف من الوقت للنجاة و الهرب… لكن للأسف  (قسوحية الراس) والاستخفاف بالخطر والاستهتار به أدت في آخر المطاف إلى تشييع جثامين الضحايا، وهو نفس الشي ونفس السيناريو قد يتكرر بصيغة مختلفة مع هذا الوباء الفتاك إذا بقينا في استخفافه.
فالمغرب اليوم قد يعز ويعلى شأنه إذا تظافرت جهود مؤسساته وشعبه للتصدي لكورونا، وتكافلهم بهذه الأيام خير دليل على تلك اللحمة العميقة التي تربط أوساطه الاجتماعية وباقي الأوساط الاخرى رغم البعد المكاني والزماني لأن مصلحة الوطن وصحة المواطن فوق الجميع، أو يهان لقدر الله إذا ما تم الاستخفاف بالوباء وبقيت التجمعات في الشوارع وعلى حافة الطرقات وفي الحدائق وأمام الشواطئ وفي الحارة غير آبهين بقرارات الدولة التي تلزمهم البقاء بمنازلهم والخروج عند الحاجة فقط. لأن احتواء الأمر رهين بمدى التجاوب بين ما تقرره الدولة وبما يطبقه الشعب لضمان النجاة، حتى لا نكون مثل باقي الدول التي تعيش حربا في عدد الوفيات اليومية.

فيديو مقال وعي شعب سلامة وطن

 

 

 

أضف تعليقك هنا