يومٌ في علاقة سامة (دليلك للتخلص من العلاقات المؤذية)

أحبها وأحبته، كان ورديًا كما يقولون، والشغف يعم الحديث، والفراشات تحلِّق في كل مكان من حولهما، ربما فهمت ما أريد أن أخبرك وهو أن العالم صافي الآن بدون أية مشاكل.

وهذه كانت البداية، أو كانت البدايات عامةً، جميلة، لا يشوبها شيء من القلق أو الحزن.. ولكننا هنا يجب أن ننتبه وألا فقط ننساق وراءها فربما تطغي علينا المشاعر حينها لدرجة لا تجعلنا نرى الأمور الصغيرة التي قد تذهب بنا لموضوع اليوم، وهو التسمم.

ربما سمعت عن هذا المصطلح كثيرًا في السنوات القليلة الأخيرة، ولكنك للأسف لم تقرأ لي لتفهمه، دعني أوضح لك تحديدًا ماذا نعني بالعلاقات السامة؟ وكيف نتعرَّف عليها؟ وهل هناك أمل؟

لا تخف سأجيبك على كل هذه الأسئلة وسريعًا، ولكن في البداية لا بد لك أن تعرف أن العلاقات الصحية تقوم على أسس من الاحترام والإعجاب المتبادل، والرعاية المشتركة، والقدرة على مشاركة القرارات.. وأهم ما يميزها هو الأمان وعدم الخوف.

بم تتميز العلاقات السامة؟

بينما تتميز العلاقات السامة بانعدام الشعور بالأمان، والتمركز حول الذات، ومحاولات السيطرة والهيمنة لطرف على الآخر، وربما تجد ذلك في كل العلاقات، ولكنها توصف سامةً عندما يصبح الأمر نمطًا متكررًا وليس شاذًا.

ولكن كيف تعرف تحديدًا أنت في علاقة سامة أم لا؟ دعني أخبرك بعض الأنماط التي تميزها..

١. الأكاذيب المستمرة

ربما نحتاج للكذب قليلًا حتى تمر العلاقة بسلام، بل تجعلها صحيةً أكثر، لكن ماذا لو لاحظت أن شريكك يكذب عليك بشكل مستمر؟

٢. التلاعب العاطفي

أرى أنك تتساءل عن المعنى، وأنا أقصد بذلك الشريك المُستغِل، الذي يستغلك بتفجير سيل من الشحنات العاطفية ويبالغ لكسب قلبك، وبالتالي لا يصبح لك أحد غيره لأنه يشعرك بالراحة، وهذا يجعل العلاقة تنمو تدريجيًا إلى علاقة سامة، خاصة لو كان ذلك من طرفٍ واحد.

٣. العصبية وسرعة الغضب

وهذا الذي لا يمكنك التنبؤ بردود أفعاله، إذ يستخدم العصبية والصوت الدويّ للتحكم والسيطرة، وبالتأكيد لا أقصد الغضب الناتج عن القلق في بعض الأوقات.

حيث تشعر أنه لا يمكنك أن تكون على طبيعتك، ويصبح تمرير كل ما تقوله أو تفعله محاطًا برقابة صارمة خوفًا من أن يغضب الطرف الآخر، وبالتالي تؤثر على صحتك النفسية والعاطفية.

٤. التحكُّم والهيمنة

لتفهمني جيدًا، سأكتفي بذكر مثال.. لنتخيل أنك ترتدين شيئًا لونه أخضر، وعندما رآه شريكك أخبرك أنه لا يحب هذا اللون، ولكنك ارتديتينه مرةً أخرى، وعندما رآكِ أخبرك: “ألم أقل لكِ أنني أكرهه؟”.. حينها اصبحتي تضطرين واقفةً أمام الدولاب للتفكير أكثر من مرة فيم سوف ترتدين!

٥. الذي يأخذ ولا يعطي (الاستغلالية)

وأقصد بهذا الشريك الذي لطالما يأخذ أكثر بكثير مما يعطي، فتشير العلاقة في اتجاه واحد فقط، ويبذل فيها طرف واحد فقط الوقت والمجهود، وغيرهما.

٦. المتمسك فقط برأيه 

وذلك الذي ينتقد كل شيء، ولطالما يختار الرأي المخالف لك، بل ربما يحاول أن يغيّر عقليتك، ولا يتقبل غير ذلك.

٧. الشريك الذي يعزلك

بمعنى إن كنت تشعر دومًا بأنك ملزم بأخذ إذن، فهذه هي؛ حيث أن المنتهكون لديهم ميول لعزل شركائهم، وذلك لمنع الآخرين من مساعدتهم على الهرب.

٨. الأناني، الذي لا يفضِّل إلا نفسه

٩. الذي يسخر منك ويستخف بك دائمًا

١٠. القسوة

إذا ما كان أحد الطرفين يستخدم كلام الطرف الآخر الذي قاله من قبل ضده، وكذلك إفعاله، وهنا أقصد عدم الاحتواء، تبعيًا سيخاف الآخر دائمًا من التعبير عما بداخله. اللطف ولين القلب يعتبران من أهم مميزات العلاقات السوية.

هذه هي بعض العلامات الدالة على علاقة سامة بالتأكيد، ولكن أيضًا عليك معرفة أن هذه العلامات لا تدل على أن هناك طرفٌ واحد فقط هو السام، ولكنك إذا انتبهت قليلًا ستعرف أن معظم هذه العلامات تنشأ بسبب الطرفين، والعلاقة السامة هي ليست إلا شراكة بينهما.

حيث قد يتبادر إلى أذهاننا افتراض يستند إلى أن الطرف الذي يسعى للسيطرة هو الطرف النرجسي المتمتع بالثقة، لكن هذه النرجسية في الحقيقة قد تُخفي مستوى أعمق من اهتزاز الثقة وانعدام الشعور بالأمان في العلاقة بسبب الآخر، وهو ما قد يدفع الكثيرين لمحاولة تعويض هذا النقص بالسيطرة على الشريك.

“لا تستمر العلاقات الإنسانية بأي طريقة. فقط أول أسبوعين يحتويان على بعض الحيوية، ثم يبدأ المشاركان في فقدان اهتمامهم. تسقط الأقنعة ويبدأ الناس الحقيقيون في الظهور: سيئو الطبع، الحمقى، المجانين، المنتقمون، الساديون، القتلة.. أقصى ما يأمله المرء في علاقة هو عامان ونصف.“ ― تشارلز بوكوڤيسكي

كيف تتخلص من السموم في علاقاتك؟

أرى أن الفزع قد تملك منك الآن، ولكن اطمئن، فعلى الأقل ٩٠٪ من القراء سيشعرون مثلك الآن، اهدأ ودعنا نفكر سويًا، هل هناك أمل؟ بالتأكيد. ولكن أولًا يجب علينا التخلص من تلك السموم تدريجيًا وذلك عن طريق أربعة نقاط.

أولهم: هو طلب فترة استراحة من التعامل مع بعضكما وكذلك للتفكير بصفاء ذهن، واكتب كل مشاعر الحزن التي تنتابك، وأيضًا لتعرف إلى أي حدٍ تفتقد شريكك، وماذا تفتقد به تحديدًا، وحينها ستستطيع بكل سهولة تحديد السلبيات وكذلك الايجابيات، وهذا هو الجزء الأصعب والذي يترتب عليه كل شيء.

ثانيًا: حاول أن تصنع مسافةً عاطفية، ويعتبر ذلك مفتاح الحل، فكّر أيضًا إلى أي مدى يجب أن يكون القرب، وهل هذا الشخص هو زوجك/زوجتك.. والاختلاف ها هنا ليس كثيرًا كما تظن.

ثالث شيء: انظر إلى ما تشارك به، وأسأل نفسك.. ماذا كنت أفعل لجعل العلاقة أفضل، وكذلك ماذا كنت أفعل لجعلها درامية أكثر؟

وأخيرًا: وهذا ليس شرطًا إلا في بعض الحالات، احصل على مساعدة من متخصص، أو على الأقل من شخص حيادي ويأمل للعلاقة أن تصبح أفضل، ودعني أخبرك أنه ربما يكون هذا هو الحل في كثير من الأحيان ولكننا فقط لا نراه.

لطالما نتساءل، لماذا لا نغادر العلاقات السامة رغم معرفتنا بذلك؟

وهنا ينشأ ما أطلق عليه روبرت فايرستون -أستاذ علم النفس- “الرابطة الخيالية“ لوصف وهم التواصل الناشئ بين شخصين، والذي يساعد على التخفيف من مخاوفهم الفردية عبر تشكيل إحساس زائف بالارتباط. ولتطمئن أكثر، أثبتت الكثير من العلاقات التي استمرت نجاحها.

والآن قد انتهت مقالتي، ولكن على هامش النصيحة يجب أن تدرك أن أي علاقة صحية تتضمن بذل الجهد، والانضباط، والدافع، والنية، والرغبة. فإذا كانت العلاقة قد شهدت مناخًا صحيًا من قبل قد يكون من الممكن إصلاحها مع بذل بعض الجهد.

فيديو مقال يومٌ في علاقة سامة (دليلك للتخلص من العلاقات المؤذية)

 

 

 

أضف تعليقك هنا