حلّت علينا مطلع العام الحالي كارثة طبيعية، ربما هي الأكثر ضرراً في العقود الأخيرة، أزمة فايرس كورونا الذي انتشر في أنحاء العالم، انتشار النار في الهشيم، تباينت فيها خطط الدول، وتمايزت إجراءاتها الوقائية، فأثبت البعض قدرة فائقة في التعامل مع الكارثة، أدى إلى تحجيمها، وتقليل أضرارها، بينما تهاوت دول أمام هذه المحنة، وظهر فشل منظومتها الصحية، وعجزها الكامل، ولعل من أهم أسباب فشل الأخيرة، هو تعاملها مع أزمة كورونا بعدم مصداقية، وبلا شفافية في توصيف الوضع القائم، وحجم الأزمة الحقيقي.
كورونا وكارثة مفاعل تشيرنوبل
وعلى مبدأ التاريخ يعيد نفسه، يعيدنا هذا الفعل إلى الوراء ثلاثة عقود، حيث ثمانينات القرن الماضي، وبالضبط بحادثة مفاعل تشيرنوبل الفظيعة، أكبر كارثة من صنع الإنسان في التاريخ، والتي لا يزال تأثيرها سارياً حتى مع مرور عقود على الحادثة، وسيبقى لمئات السنين، حيث كان الإتحاد السوفييتي يعيش بمنطق ضيق، وتفكير الحزب، فما يراه الحزب مناسباً فهو الصواب، وما يراه خاطئاً فهو كذلك، دون الإهتمام بما يقوله الخبراء وأهل الإختصاص.
أهم أسباب حادثة تشيرنوبل
فمن أهم أسباب الحادثة:
- الإهمال.
- واستخدام معدات قديمة وغير متطورة.
- هو التكتيم والتضليل المعلوماتي.
- وعدم الإعتراف بحجم الكارثة الحقيقي، والذي ظهر شيئاً فشيئاً، مع تسرب المعلومات.
فلم يُنظر إلى لمسألة من باب أمن المواطن وسلامته، بل من باب صراع قطبي عالمي، يلزم منه البقاء واقفاً ولو مربوطاً بجذع، أو متكأً على عكازة!، فلا يهم وجود العجز والمرض، المهم ألا يظهر وينكشف أمام العالم!.
حماية المواطن وإيجاد الحلول لأي مشكلة من أولويات أي دولة حقيقية
أحيانا المرونة في التعامل مع الكوارث لا يعني الإنصياع للأعداء وطأطأة الرأس، فالكوارث تحدث في كل مكان، والدولة الحقيقة هي التي تركز على حل المشكلة، وحماية مواطنيها بأي شكل كان، وأي طريقة متبعة، أما منطق التعنت والتردد فلا يفيد، بل يزيد من تفاقم المشكلة.
حادثة الغواصة الروسية كورسك
لا زالت حادثة قريبة العهد، الغواصة النووية التي انفجرت في بحر بارينتس شمال روسيا، مما أدى إلى مقتل جميع أفراد طاقمها البالغ عددهم 118 بحاراً، رغم أن بعض طاقمها قد نجا من الإنفجار، إلا أن تعنت الروس، ورفضهم طلب “المساعدة من جهات أجنبية”!، قد قضى عليهم، وعلى كل الآمال التي كانت معقودة على النجاة، لقد كان من الممكن إنقاذها لولا رفض طلب المساعدة، إلا بعد فوات الأوان.
هذه الحادثة وغيرها من الحوادث تؤكد لنا بأن التعامل الصحيح مع الكوارث يقزم حجمها، ويقلل أضرارها، بينما التعامل الخاطئ والساذج يزيد من تعقيد الموقف، وحجم الأضرار كذلك..
تعلمنا أن الدول التي تصارع للبقاء ولا تفكر إلا بمنطق عسكري أو اقتصادي بحت، محكوم عليها بالإنهيار، ولكم في الإتحاد السوفييتي عبرة ودليل.
فيديو مقال بين كورونا وتشيرنوبل “التاريخ يعيد نفسه”