أفكار مغلوطة حول علم عظيم

ظهر علم النفس بشكل متأخر نوعاً ما فهو لم يظهر كعلم تجريبي حتى أواخر القرن التاسع عشر وتحديداً سنة 1879 مع العالم الألماني وليام وندت، وهذا الظهور المتأخر أو إن صح التعبير هذا الاهتمام المتأخر للبشرية بأنفسها هو الذي جعل هذا العلم لا يحظى بقيمة كبيرة كما يستحق.

ما المقام الذي حظى به علم النفس في عصرنا؟

رغم كل ذلك إلا أنه حقق قفزة كبيرة في العقود الأخيرة وأصبح هناك اهتمام كبير به في الدول المتقدمة وهذا ربما يرجع لانعدام وجود الإيمان بالخرافات هناك أو وجودها بنسبة ضئيلة، أما الدول التي ينتشر فيها الإيمان بالخرافات انتشار كبير كإنتشار فيروس كوفيد19 فلا تتوقع أن تجد فيها اهتمام بهذا العلم للأسف أو هو موجود لكن بنسبة قليلة، حيث أن أغلب الناس يؤمنون بالسحر والشعوذة و غيرهم من الخزعبلات والأساطير التي عفى عنها الزمن.

ما هو الطبيب الصح لمعالجة المشاكل النفسية؟

الأسوء من هذا هو العدد الكبير من الناس الذي لا زال يؤمن بما يسمى الرقية الشرعية وأنها علاج لكل داء و كل مشكل عضوي أو نفسي، وهذا الجهل هو الذي يستغله الرقاة لكي ينتفعون ماديا على حساب بسطاء العقول أو يستغلونهم جنسياً إذا كن نساء و وجدوا لذلك سبيلاً.

الواقع أن الأشخاص الذين يقصدون الرقاة للعلاج هم ليسوا مسحورين أو مسكونين، بل هم يعانون من إضطرابات نفسية أو عضوية تجعل صاحبها يظن أنه مسكون كإضطراب اختلال الآنية أو الهلوسة أو نوبات الصرع أو إضطراب نوبات الهلع الذي يشعر صاحبه بالخوف بدون سبب و تتزايد نبضات قلبه ويضيق تنفسه حتى يظن أنها الموت وغير ذلك من المشاكل الصحية والنفسية التي تجعل صاحبها يظن أنه مسحور أو مسكون من طرف الجن.

هل هناك رابط بين المشاكل النفسية و البيولوجية؟

هناك فكرة مغلوطة منتشرة كذلك بشكل كبير في مجتمعنا وهي أن الإضطرابات النفسية سببها البعد عن الدين وأن التدين هو الذي يعالجها لكن هذه الفكرة غير صحيحة وتخالف العلم والعقل، لأن أصحاب هذه الفكرة يظنون أن الأمراض النفسية هي شيء بسيط كتقلب المزاج مثلا أو الشعور بالحزن اللذان يحدثان لجميع الناس، لكنها في الواقع أعقد من ذلك إلى درجة أنه يوجد أمراض نفسية متعلقة ببيولوجيا الدماغ.

كالإكتئاب الناتج عن نقص مادة السيروتونين على سبيل المثال أو أي مرض نفسي له علاقة بخلل في أحد النواقل العصبية في الدماغ، كما يمكن للإضطرابات النفسية أن تنتقل وراثياً كذلك، وبالتالي يتضح أن المشاكل النفسية لا علاقة لها بالعبد عن التدين كما يظن البعض، صحيح أن التدين يخفف من التوتر و يجعل الإنسان يطمئن لكن هناك فرق كبير بين التخفيف والعلاج، فالشيء الذي يخفف المشكل لا يعني أنه سيعالجه بل هو فقط يخففه مؤقتاً يعني أن التدين والتأمل الذي كان يمارسه بوذا لهما نفس المفعول في تخفيف التوتر و ربما الشعور بنوع من الاطمئنان المؤقت.

تصحيح لبعض المفاهيم الخاطئة

أما إذا أردنا أن نكون واقعيين فيجب أن نعتبر الأمراض البدنية كالإضطرابات النفسية لا يوجد بينهما اختلاف كبير بل تجمعهم علاقة متكاملة ويتفعلان فيما بينهما كتفاعل الجهاز الهضمي مع اضطرابات القلق والإكتئاب، أو تفاعل مرض السكري مع إضطراب ثنائي القطب والأمثلة كثيرة.

هناك فكرة ثانية مغلوطة وهي أن المختص النفسي يزوره فقط المرضى العقليين ولكن هذا غير صحيح ومشكلة أصحاب هذه الفكرة الخاطئة أنهم لايفرقون بين المرض النفسي والمرض العقلي، فالمريض العقلي هو شخص فاقد للتواصل مع واقعه. أما من لديه اضطراب نفسي فهو إنسان عادي يتمتع بكل قدراته العقلية، ويظنون كذلك أن الذهاب للمختص النفسي سيجعل المجتمع يظن أنهم مجانين.

ماهي نظرة المجتمع للطب النفسي؟

إذا كان المجتمع الذي سيحكم عليك أنك مجنون هو مجتمع جاهل فلا داعي للقلق والخوف من أحكام الناس، فالناس سيحكمون عليك سواء كنت مجنوناً أو كنت عاقلاً و صدق من قال أن رضى الناس غاية لا تدرك، فلابد من المزيد من الإهتمام بعلم النفس وتجنب أي فكرة مغلوطة تقلل من شأنه فهو علم محترم و واسع إلى درجة أنه يصعب الإلمام بجميع فروعه التي أصبحت متعددة كعلم النفس الإكلينيكي وعلم التطوري وعلم التجريبي وعلم النفس الجرائم وعلم النفس الإجتماعي وغيرها من الفروع.

فيديو مقال أفكار مغلوطة حول علم عظيم

 

 

 

أضف تعليقك هنا