الانتحار ليس حلًّا!

أصبح الانتحار اليوم من المشاهد المألوفة والعادية بالعديد من البلدان، فتنوعت طرقه و أساليبه، كما شمل جميع الأشخاص على اختلاف أعراقهم و أعمارهم و وضعهم الاجتماعي والثقافي، و البعض و سيلة للتخلص من ضغوط الحياة وعبئها وهمومها، كما أن الأسباب التي تجعل البعض يقدم على وضع حد لحياته تعددت، وإن كان معظمها يرتبط ارتباطاً وثيقاً بحالتهم النفسية التي قد تصل إلى أقصى درجات الإحباط و الاكتئاب.

ما السبب الكامن وراء التفكير في الانتحار؟

هذا وفي ظل مشاهد الانتحار المؤسفة التي نراها خاصة في الوطن العربي الإسلامي، فإنه من اللازم تقديم الدعم النفسي و الاجتماعي للأشخاص الذين يعانون من اضطرابات وصدمات عاطفية؛ حيث سيكون له أثر بالغ في الحد من هذه الظاهرة و في تغيير الطريقة التي ينظرون بها إلى الحياة و معضلاتها.

مما لاريب فيه أن إنهاء الإنسان لحياته هو فعل جبان يحرمه الدين و يستنكره كل ذي عقل سليم، و يمكن إرجاع هذا الفعل الشنيع إلى عدة أسباب في مقدمتها: ضعف الإيمان (أو العقيدة)؛ فقد تتخلى الأيام عن إنسان و تسقيه المر بعد الحلو، و ربما كان يأمل في حياة سعيدة و مستقبل مشرق باسم، فيقع- على الرغم منه- ما لم يكن يتوقعه، فيضجر و يتذمر و يلعن اليوم الذي ولد فيه، و يصبح التشاؤم رفيق دربه فلا يجد لذة ولا سكينة في حياته.

ما العلاقة بين الفشل والتفكير بالموت؟

نجد أيضا الفشل؛ فالإنسان في هذه الحياة يسعى إلى تحقيق أحلامه، باذلاً قصارى جهده و وقته لكن في طريقه تعترضه مجموعة من العوائق والصعاب فيجد نفسه حائراً في حلها و اجتيازها، فتضيق الدنيا في عينيه، و يدب اليأس إلى نفسه، ففرصه في الحصول على شهادة مثلاً أو وظيفة قلت أو انعدمت فيصبح بذلك الانتحار سبيله.

ما أثر الصدمات العاطفية في النفور من الحياة؟

ثم هناك الصدمات العاطفية؛ فقد يفترق المرء عن شخص كانت تربطه به علاقة وطيدة (حب، صداقة…) قوامها المحبة و المودة و الشعور بالأمان، و يمنحه دفئاً و شعوراً بالفرح و الإقبال على الحياة، و بذهابه تلاشى كل شيء و لم يعد يجد معنى لحياته بدونه.

إضافة إلى هذه العوامل هناك فقدانه للثقة فيمن حوله؛ و هو ما يجعله في خوف من الحوار و البوح بآهاته ومعاناته للآخر، فيتسلل إلى نفسه الإحساس بالوحدة، فتجده دائما في حوار داخلي يطغى عليه تأنيب الضمير بشكل مفرط، وهذا ما يزج به في قفص مُظلم تفوح منه رائحة الاكتئاب و الحزن الشديدين.

هل تعتير الأسباب السبقة مبرراً للانتحار؟

إن هذه الأسباب أو غيرها لا يمكن أن تجعل من الانتحار حلاً أو تبرره بشكل من الأشكال؛ ذلك أن الحياة مليئة بالمفارقات العجيبة والأحداث المفزعة، و كما قال الشاعر أبو الحسن علي:  “طبعت على كدر و أنت تريدها صفوا من الأقذار و الأكدار”، لأجل هذا على الإنسان أن يكون على صلة بربه فهو و حده مفرج الكروب، و أن يكون مؤمنا بقضائه، فلا يقطع الأمل و الرجاء، و قديما قالوا: يوم لنا و يوم علينا… ويوما نساء و يوماً نسرّ! فالحياة إذن، لا تدوم على حال و ما على الإنسان إلا أن يتحلى بالصبر و يدع الهم و القلق والتوتر.

ما هو علاج مشكلة الانتحار؟

على المرء أن يعي وعياً تاماً بأن لا أحد سيدوم معه، لذا عليه أن يسند نفسه بنفسه و لا يتعود على أحد، يقول كارل ماي:” لا يهمني أن أخسر من لا يريدني، فقد خسرت من أردتهم و لا زلت حيا!”، فالحياة إذن لا تتوقف على أحد.بقي أن نقول ختاما، إن فكرة ”الانتحار” التي قد تراود البعض نتيجة لظروف مؤلمة مروا بها في حياتهم ليست صائبة، فالإنسان في هذه الحياة معرض لشتى أنواع الكُرب و الأزمات و الخذلان حتى من أقرب الناس إليه، لذلك يجدر به أن يكون صبوراً، و يستخلص الدروس و العبر مما وقع أو قد يقع له، كما يجب أن يتحلى بالأمل و التفاؤل فهما وقودا الحياة و مفتاحا الصمود و النجاح فيها، و يدرك تمام الإدراك بأن مع العسر يسر.

فيديو مقال الانتحار ليس حلاّ!

أضف تعليقك هنا

عبد الغني جطيوي

عبد الغني جطيوي