التظلم التنافسي

كيف يتعلم المظلوم الظلم؟

عزيزي القارئ، دعني أقص عليك شيء كما اعتدت أن تسمع مني.. أتعلم أن المظلوم قد يتعلم الظلم من ظالمه، وقد يسعى لإقامة ظلم جديد! أعلم أن الجملة قد تبدو غريبة قليلاً على مسامعك، ولكنني أود آذانك تظل صاغية.. أعتقد أنك سمعت بقصة قارون؛ قارون كان من بني إسرائيل الذين مروا بتجربة الاستضعاف عندما كان آل فرعون يسومونهم سوء العذاب، وحينما حصل قارون على المال والسلطة والعلم بغى على قومه بني إسرائيل. تكلم العالِم العربي ابن خلدون في مقدمته عن (التظلم التنافسي)، وهي تعلم كل ما يفعله الظالم والاقتداء به، ليس لأن من يقتدي به سيئ، كلا بل لأن المظلوم يعتقد إذا أصبح مثله سيملك معاير التميز والعيش في سلام، ولكن.. أتعلم؟ سينجح، وسيشعر أنه أصبح يحمي نفسه من صفعات الظالمين والمخادعين. لماذا أنت مستغرب الآن؟! تمهل ودعني أكمل حديثي..

كيف يمارس المظلوم الظلم على الآخرين؟

عندما ينجح أحداً ما بمقبول هل سيتساوى بالامتياز؟! لا بالطبع، وهذا بالضبط ما سيحدث سيتقن أفعال الظالم بدون وعي منه أنه أصبح مثله وسينجح، ويظن أنه حقق ما كان يتمنى، ثم ماذا؟ سينهار ما بناه شيئا تلو الآخر، سمعت جملة من قبل تقول: (بنيت نجاحك على رقاب شهدائك) وهذا بالضبط ما فعله، مارس الظلم على من أحبوه بصدق، ومن أحبوه بصدق سيشعرون بالغثة والحنق للدرجة التي ستدفعهم يرتكبون نفس جريمته ،وتظل سلسلة من الظلم تتشابك إلى ما نهاية، إلا إذا حدث شيء واحد فقط، وهو الخروج من عبائة الاستضعاف والتحلي ببعض الشجاعة على كمية لا بأس بها من القوة؛ لكي تعترف إن ما حدث كان لابد له أن يحدث؛ لأنك لم تحسن الاختيار من البداية، ومثل ما أن الحلال بين والحرام بين، فأيضاً السيئون بيّنون وأن الوحيد الذي خدعك هو قلبك الذي زيف لك حقيقتهم وهي واضحة مثل ضوء الشمس، وهو الذي أوهمك أيضاً أنك ضحية وأنهم من غرسوا نصل السكين في ظهرك ومن أين لك أن تعرف حقيقته، وكل هذه التراهات غير الحقيقة.

عليك ألا تكون شريكاً في الظلم 

أنت كنت تعلم ولكنك فضلت دور الضحية لأنه الباب الأسهل. الذي لن يكون خلفه عناء، وهو الذي أيضاً ستجد خلفه من يعزونك في مصيبتك، ولكن لماذا ولو لمرة واحدة فقط تصرخ وتتمرد على قلبك وتخبره أنك ضقت ذرعاً وتتخلص من أي شخص أو شي سيئ بمنتهي الحزم. التغلب على الذات من أعظم ما يمكن أن تفعله بحق نفسك، أعرف أنك لن تجد بعد الآن جمهورك الذي اعتدت عليه؛ لأن كل ما ذادت قوتك قل عدد الناس من حولك ليس لأنك تفعل شيئا خطأ، بل لأنهم لم يعاهدوا شئياً مثل ذلك من قبل.. ولتعلم عزيزي القارئ إنك مهما حاولت أن تكون لطيفاً لن تكون بريئاً بمن لطخت يداك بدمائهم.

فيديو مقال التظلم التنافسي

أضف تعليقك هنا