التعلم الممتع طريق الخروج من الشرنقة

بقلم: هند محمد البشيتي

تعاني بعض البيئات التعليمية التعلمية حالةً من الجمود والتصلُّب التدريسي، ويخيم عليها حالة من الحيرة والارتباك يشكو منها المتعلمون بعد كل موقف تعليمي، والتي يمكن تفسيرها أنها نتيجة عدم اندماج المعلومات الجديدة بصورة حقيقية في عقول المتعلمين بعد كل نشاط تعليمي لعوامل مختلفة، وهذه مؤشرات مناهِضةً لكل إمكانيات الانطلاق الحضاري نحو معالم الجِدَّة والابتكار والإبداع، وكبح للقدرات على الانطلاق في بحور الإبداع والبناء العلميِّ والثقافي والتنموي.

ومن هنا ظهرت الحاجة إلى نوع من التعلم يساعد في الخروج من شرنقة الجمود الفكري والتصلب الثقافي، لينشط المتعلم ويجعله يشارك بفعالية ويعمل ويفكر فيما يتعلمه ليكتسب بذلك مجموعة من المهارات والمعارف والاتجاهات والمبادئ والقيم التي تساعده على التطور الفكري والإبداع وامتلاك القدرة على حل المشكلات والاستقلالية، والتطور الاجتماعي والشخصي، وذلك يتطلب معلماً فعالاً يحقق أهدافاً سامية ويقدم محتوى قيماً، وأنشطة مختلفة، وطرق تدريس بارعة وأساليباً متنوعة تهتم بإيجابية المتعلم ونشاطه ومشاركته الفعالة في العملية التعليمية وتدفع به إلى الانخراط في التعلم، وتثير التفكير لديه، فظهر ما يسمى بالتعليم الممتع المستند إلى نظريات التعلم وعلم النفس الإيجابي.

ماذا يقصد بالتعلم الممتع؟

هو نهج تعلم يهدف إلى تطوير البيئة التعليمية من خلال عمل استراتيجي مبني على طرق ممتعة ومبتكرة للتعلم من أجل تلبية رغبات المتعلمين في الاستمتاع بما يتعلمونه، ويحطم الجمود ومشاعر الملل التي قد تتخلل العملية التعليمية التعلمية التقليدية، فتتحقق المتعة ويحدث التعلم المنشود.

لماذا أشرقت شمس التعلم الممتع؟

التعلم الممتع غايته تحويل الطالب من طالب غير مكترث وغير مبالي إلى طالب مستمتع بما يفعل ويتعلم، فيقبل على التعلم بسعادة وإثارة مما يدفع به نحو إتقان التعلم والانخراط فيه والتغلغل في بحور المعرفة بالبحث والاستفسار والتفكير العميق، وهذا يمكن تحقيقه من خلال معلم ماهر مبدع فاعل طموح يسعى إلى تطوير نفسه وجعل طلابه مستمتعين بما يقوم به، بغض النظر عن العناصر الأخرى، فعملية التعلم عملية معقدة، تعتمد على مجموعة من العناصر، منها: البيئة، الوسائل، المدرس، المدرسة، المنهجية، الطريقة، ومهارة التدريس وغيرها..

ومن الجانب الآخر أن الطرق التقليدية في التدريس لا تثقل كاهل المتعلم بجمودها ورتابتها فحسب، ولكنها كذلك الأمر على المعلم أيضاً، فيحاول الابتعاد عنها في بعض الأحيان، فنجد معظم المعلمين كثيري الشكوى والتذمر، ويهربون من مهامهم بل وأحياناً منهم من يتغيب عن عمله، لذلك انتبه العديد من المعلمين وذوي العلاقة بالعملية التعليمية التعليمة لسلبيات التعليم التقليدي، وشرعوا في التغيير من أجل الإصلاح، بإحداث طرق جديدة تجعل المتعلم مستمتعًا بعملية التعلم لذاتها، وهكذا يستطيع الطرفان الاستمتاع بعملية التعلم، وهنا ستتفجر منابع المعرفة وستكثر مصادر الإبداع لتضخ في أجساد الأمم، وتصبح عملية التعلم مكافأة في حد ذاتها لا يمكن الاستغناء عنها، فيقفز السؤال الذي يطرح دائمًا وهو: كيف نجعل التعليم ممتعًا في ظل المناهج المزدحمة بالمعلومات، والتحديات الكبيرة التي نعيشها؟

مستندات التعلم الممتع:

يؤكد علماء النفس، أننا نعمل أفضل إذا كنا سعداء، والطفل الذي ينشأ في بيئة تحيطه بالحب والرعاية والاهتمام والمديح، فسوف يساعده ذلك على إبراز مواطن القوة لديه، وسيكتشف ما ينبغي أن يتعلمه، وما يجب أن يخطو نحوه، وهذا المناخ سيساعده على البحث بنفسه وإخراج العديد من السمات الإيجابية التي يشعر بأهميتها، ويترك ما لا يحتاجه في سبيل تحقيق التوافق والتكيف، وهذا ما دفع العديد من الدول إلى أن تعمل على تعليم تقنيات علم النفس الإيجابي للمعلمين، أملا في جعل التعليم أفضل وأكثر إمتاعا بالنسبة الطلاب، مع الأخذ بعين الاعتبار أن التعلم الممتع غير مقصور على التعلم بالفكاهة والمرح، لكنه أشمل من ذلك بكثير فهو مبني على أن ليس هناك فرد سمعي بنسبة 100%، أو بصري بنسبة 100% أو حسي بنسبة 100% ،بل إن الفرد الواحد يجمع بين عدة حواس بنسب متفاوتة

إرشادات للمعلم حتى ينجح التعلم الممتع ويستمر:

  1. عدم الاقتصار على طريقة واحدة حتى ولو كانت ممتعة، فمع المدة من الممكن أن تصبح مملة وخصوصًا مع صغار السن، فعليه اعتماد عنصر المفاجأة، فيجب أن يبتكر طرقا أخرى جديدة.
  2. الحرص على مشاركة الأطفال في اقتراح ما يناسبهم من طرق، وفي الوصول للمعلومة، مع منح فرصة لخيارات فعالة لهم فهذا يعطيهم إحساس بالمسؤولية والهدف والمهارة.
  3. التفكير خارج الصندوق وفعل أشياء خارج المألوف، مثل: دعوة ضيف للتحدث، أو الذهاب في رحلة ميدانية، أو شرح الدرس في الهواء الطلق، فعندما تجربة شيء جديد ومختلف ستكون هناك فرصة جيدة في أن يستجيب الطلاب بسرور وليس بإحباط.
  4. توظيف أنشطة تقوم على إشراك الذكاءات المتعددة.
  5. تشجيع الحركة الهادفة داخل الفصل.
  6. عدم نقل الطرق حتى لو كانت ممتعة كما هي، فيجب تأملها وتعديلها إذا لزم الأمر قبل التطبيق لتناسب شخصيته وطلابه.
  7. منح للطلبة الحرية في الاستكشاف، وعدم إحباط أفكارهم مهما صغرت.
  8. اختيار طرق التدريس والاستراتيجيات الجذابة التي تجذب الكبار قبل الصغار.
  9. توفير الخبرات الحسية الغنية بالمثيرات.
  10. التفاعل مع المواقف والخبرات، وعدم كتم مشاعره فالطرق التعليمية الممتعة بدون إحساس كالجسد بلا روح.
  11. التخطيط جيداً قبل تنفيذ أنشطة التعلم الممتع ، حتى لا تستنزف طاقاته الجسدية.
  12. تزويد نفسه دوماً بالطاقة الإيجابية حتى يتمكن من تحقيق الهدف بكل سهولة.
  13. تطعيم دروسه بالغموض فولا يكون كتاباً مفتوحاً أمام طلابه.
  14. توظيف التقنيات التكنولوجية.
  15. ربط المحتوى الدراسي بحياة الطلاب.
  16. منح الثقة لطلابه، وبناء شعور بالمسؤولية لديهم فيخبرهم أنه لا بأس أن نخطئ، أو لا نفهم من أول مرة، فالمهم أن نتعلم من ذلك شيئًا جديدًا في كل مر.
  17. تشجيع طلابه على مساعدة الآخرين في التعليم، وتوليد قابلية ورغبة لديهم في التعلم من الآخرين.

الخاتمة

قد يكون التعلم الممتع الجذاب أمراً صعباً ومجهداً، ولكن له ثمار مفيدة تستحق الجهد، كما أن التعلم الممتع يجعل عملية التعلم مكافأة في حد ذاتها لا يمكن الاستغناء عنها، مع العلم أنه ليس من الضروري أن يكون التعلم الممتع مكلفاً ماديًا أو مجهداً، أو يحتاج إلى الالتزام بقواعد معينة للحصول على نتائج مثالية، فالمعلم المبدع يجعل من النشاط العادي تعلماً مبدعاً بأسلوبه ومهاراته، لذلك يجب أن نفتح باب الإبداع أمام المعلم لانتقاء الطريقة التي تلائمه هو وطلابه، فقد يختلف النهج من معلم إلى آخر ولكن ما دامت إيجابية ولها وقع ممتع على الطلاب فسيحدث الاستمتاع بالتعلم ، وسنحصد مخرجات التعلم الممتع المختلفة عن مخرجات التعليم الرسمي التقليدي، وسنلاحظ التغيرات المرغوبة في جميع مناحي الحياة، وسيتم الانطلاق بقوة من شرنقة الجمود الفكري.

المراجع:

  • الدهشان، جمال.(2016، 11 ديسمبر).التعلم للمتعة استراتيجية مقترحة للتخفيف من حدة مشكلات تسرب الفتيات من التعليم، ورقة مقدمة إلى المؤتمر المعالجات الموضوعية لظاهرة تسرب الفتيات من التعليم،مصر:الاتحاد العربي للمرأة المتخصصة بالاشراك مع كلية التربية جامعة المنصورة
  • (2018 3 مارس).طرق يمكن للمعلمين اتّباعها لجعل التعليم أكثر متعة، تاريخ الاطلاع:2020، 1 أبريل، الموقع: https://www.annajah.net/1010
  • Brown,C.,(2019, march 27). What can you do to make learning fun and engaging?, Retrieved Ailpr 6, 2020, from
    موقع: classcraft
  • ALSTAD,A.(2019, march 26). How Do You Make Learning Fun to Increase Students’ Success?, Retrieved Ailpr 6, 2020, from: https://resumes-for-teachers/

بقلم: هند محمد البشيتي

أضف تعليقك هنا