الربيع الأسود – #فيروس_كورونا

لن يدرك بعضنا أن معركة الربيع الأسود هي معركة البقاء..
الإ حين يقف على ذلك القبر المبلل بدموع المحبين..

الراحلين لا يعودون

أوحين يسمع نواح كل أنثى أخرجت خنساءها المتدثرة في أعماقها..
أوحين يعود إلى منزله الذي طالما غشيته ضحكات الفرح والسرور فيجد ناعق الحزن يخنق جدرانه وزواياه..
حينها فقط سندرك أن الراحلين لا يعودون..
وأن مضارع اليوم المرفوع يخنقه ظلام البناء على الفتح ..
الآن ما زلتَ تُمسك بالضمة..
إياك أن تقع منك فتخسرها … لأن ثمة قطار مسرع لا ترحم عجلاته الحديدة ولا تتأخر لحظة عن قضبانها التي تشتاق لعناقها.. بل إن تلك العجلات القاسية تتلذذ بسحق الورود عند العناق..
تسحقها غير آبهة بجمالها ونظارتها..
تعصر حتى تلك الأغصان الغضة الطرية التي لم تزهر بعد دون رحمة أو شفقة
وتحطم العتيقة منها التي طالما حملتنا وتعلقنا بها وتأرجحنا عليها وتظللنا بظلها الوارف..

إنها معركة البقاء ضد الربيع المخيف

المخيف بلونه الأسود ورائحته الكريهة وطعمه المر وموسيقاه التي اقتبست ألحانها من طبول الحرب ونوتة الوجع وجَهَش البكاء..
ربيع شاحب سرق من الفصول الأخرى أقبح ما لديها زمهريرها وفيحها وهِجرة طيورها ..
معركة مع الخفي الذي يستتر كالضمائر فيُغيب من نحب حتى وإن كان أنا أو أنتَ أو أنتِ أو هو وهي..
حتى أننا لا نعرف كيف نعربه وقد وقع أمام أعيننا ضحية له أصحاب التخصص وأساتذة الإعراب ..
فغيب نجمهم وأفل كوكبهم وتعطرو بعطور الحنوط وكافور الموت و وارآهم في غيابة القبر..
غير أن المحزن ألا جنازة تتبعك ولا مصلين يرفعوا لك الدعوات ولا مجتمعين يثنون عليك.
ربيع لا يمتلك في حقيبة سفره إلا ناقوسا ينذر بالشؤم يقتل من روح كل من رآه بساتين الفرح فلا أزهار زاهية ولا رحيق يجذب إليه الفراشات المتعطشة للعبير .

 إن الثقة بالله مصباح يضيء ربيعنا الأسود

ألست تبصر جداوله المنسكبة في كل عام بماء الحياة تجري مختنقة في هذا العام بدُرْدِيّ الزيت الذي عافت عليه السنون الطوال، فهو كالمهل لا يرحم شفة ولا يروي عطشا ولا يطفئ ضمأ..
يحمل في ذات الحقيبة ألوانا تحكي تدرجات الخوف والقلق شاحبة كرؤوس الشياطين..
غير أن بها مصباح به زيت من تلك الشجرة المباركة التي نعرفها جيداً “يضيء ولو لم تمسسه نار” ..
ذلك المصباح كثيراً ما أدهشنا ضياءه فهو من جعل موسى يصرخ حين طارده فرعون كلا.. وحينها انبعثت لعصاه قوة جعلت من البحر طريقاً يبسا..
ذلك المصباح هو من جعل لعيسى سلماً من ضياء ليحيا في السماء بعيدا هناك حيث لا شيء يؤذيه..
ذلك المصباح هو الذي جعل محمدا يقول لصاحبه لا تحزن إن الله معنا..
حقيبة تتصارع أحشاؤها مع إيقاعات القلوب الخائفة..

حتماً سيرحل هذا الربيع بعد أيام قليلة وسيرثه ذلك الخريف بمزيجه وتراكيبه المشتركة من كل الفصول فهل نصطحب معنا عباءة الربيع السوداء أم يرحل وسواده يرافقه؟ ..

فيديو مقال الربيع الأسود

 

 

أضف تعليقك هنا