الفلسفة العربية

الإسلام والحضارة الإسلامية بين الماضي والحاضر

في الوقت الحاضر: إسلام بالأقوال والمظاهر

(يدرك المرء بحسن نيته ما لا يدركه بعقله) لعل الصفة التي تسكن بالنفس هي تراث عميق للتفكير ونمط يؤخذ للسلوك ونظرة ورؤية استقرت بالقلب قبل ظهورها ووضوحها، لتكون أداة تفريق، أو اجتماع، أو دمار أو بناء، ونجد بالتراث العربي أنهم أهل أدب وأن صناعة الألفاظ أجل وأسمى عندهم من صناعة العلم، فهم أهل لسان إن انتحوا لقوة الألفاظ في سابق عهدهم، فقد ذهبوا الآن للثرثرة دون ميزان، هذه الأداة التي نجد جل مستخدميها أهل النار، (وهل يُكب الناس في النار يوم القيامة على وجوهم إلا مناخرهم إلا حصائد السنتهم)، وهذا الأمر لا يسعني وأنا متأمل لحياة العرب أنهم أهل قيم ومُثل، أو أنهم أصحاب أهداف يشاركون بها بعمارة الأرض.

فالحال ليس محال أن نعرف من خلاله أنهم البؤس والشقاء ويتقنون الكذب أكثر مما يتقنون معرفة الله، فهم جبناء أمام حكامهم، وفرقاء حول أصحاب الأخلاق والثوار والمجتهدين والمعلمين، يجتمعون على أهل النفاق ولا يجتمعون على ربهم وخالقهم، لهم فن وليس هناك أعلى من فن ظنونهم وشكوكهم، متزمتين إن قال أحدهم قول، متدينيين بالشكل وهم أقرب إلى الشيطان الرجيم، ينبعثون بالولاء لكل خير وحقيقة الأمر أن وعاء الشر، سطحيبن بكل شؤون حياتهم، مقلدين مغتابين وعقولهم أصبحت من الغابرين، البدو منهم والقرويين عبيد سلطان، والحضر منهم عبيد مال وصناع خصام وعهر، لكن أن يكونوا بشر فليس الأوان.

في العصر الإسلامي: إسلام بالعمل والأخلاق والعلم

مع كل هذا وبمرحلة ليست هذه المرحلة التي نعيشها، أخذت الأمة على عاتقها بناء حضارة، بوجود النبي العربي الذي بنى تلك الحضارة بمئتي عام بينما احتاجت أوروبا بأكملها أن تكون صاحبة حضارة بزمن امتد أكثر من ألف وخمسمائة عام، ذلك لأن النهج الذي أسست الحضارة عليه كما تحدث العالم الإسلامي الفقية مصطفى محمود أن الدروشة والروحانيات لم تكن أساس حضارة الإسلام، بل العلم والصدق مع النفس والرب خالق الإنسان). ولننظر إلى هذا القول من عالم أبدع أن يصنع كما إبداعه في تحليل الإسلام ونظرياته من جميع الجوانب، فالروحانيات التي ذكرها هنا أراها اداة هدم أكثر مما هي أداة رفعة وعزة في تطور الإسلام كحضارة، فهل بناء مدرسة أو قلعة أو جيش أو اقتصاد يبنى بالدروشة والتسبيح والتكبير دون الوجود العقلي والمادي والذي ترفضه بعض من الحركات الإسلامية التي تتخذ من الذكر أسلوب أساسي في دعوتها ونشرها، ولم نرى الإسلام ينتشر بدعوتهم هذه، وقد رأينا أن بعض مؤتمراتهم يحضرها أكثر من مئة مليون من أتباعهم، ثم النص الثاني لقوله وهو. العلم والذي لو وضحنا أنموذج منه في عدد جامعاتنا في الأردن والذي فاق اثنين وخمسون جامعه بالعدد غير الذين يتخرجون من الدول الأخرى، لوجدناه علم نقيصه لم يتقدم الإسلام به، وذلك أن النفس التي يحملها هولاء لا تبحث عن الصدق، بل تبحث عن الموروث الاجتماعي في التعلم، فخرج هذا الجبناء والماسخات وتخرج الغباء الذي قتل روح إسلامنا ولم يبنيه، ونرى أيضا قولا آخر للمستشرقين في هذا المعنى وهو قول منصف على غير عادتهم التي عرفناها عنه فيقول روم لاندو في كتاباته: حين نتذكر كم كان العرب بدائيين في جاهليتهم يصبح مدى التقدم الثقافي الذي أحرزوه خلال مئتي عام فقط على انقضاء وفاة الرسول، وعمق ذلك التقدم أمرا يدعو للذهول.

فيديو مقال الفلسفة العربية

https://youtu.be/ClmCiZJKk04

 

أضف تعليقك هنا

د. محمد عزات أبو نواس

د. محمد عزات أبو نواس