الكورونا النفسية

بقلم: بتول محمد سمير أبرص

في ظل الوضع المهيب الذي نعيشه حول العالم لانتشار فيروس كورونا كوفيد-19 المستجد، وبعد أن تجاوز عدد المصابين به المليون شخص من مختلف الأعمار حول العالم وبنسب مختلفة من بلد إلى آخر، يدور سؤال في الذهن عن دور العوامل النفسية في انتشاره السريع حول العالم.

صنّفت منظمة الصحة العالمية “كوفيد-19” في 11 مارس 2020 بأنه (جائحة)

بداية عرفت منظمة الصحة العالمية الفيروس بأنه جائحةٌ عالميةٌ جارية لمرض فيروس كورونا 2019 (كوفيد-19)، والذي يحدث بسبب فيروس كورونا 2 المرتبط بالمتلازمة التنفسية الحادة الشديد، اكتشف المرض في ديسمبر 2019 في مدينة ووهان وسط الصين، و صنّفته منظمة الصحة العالمية في 11 مارس 2020 (جائحة)، وتشمل الأعراض الشائعة للعدوى أعراضًا تنفسية والحمى والسعال وضيق النفس وصعوبات في التنفس، وفي الحالات الأكثر وخامة قد تسبب العدوى الالتهاب الرئوي، ومتلازمة الالتهاب الرئوي الحاد الوخيم، والفَشَل الكُلَويّ، وحتى الوفاة… تجاوز عدد المصابين حتى تاريخ الثاني من نيسان 2020 المليون شخص والوفيات 53 ألف شخص حول العالم.

ما علاقة العوامل النفسية بالأمراض العضوية؟

تؤثر الحالة النفسية للشخص على تدهور جهازه المناعي، فكلما كان الشخص يعيش في بيئة مليئة بالتوتر والقلق والضغوط كلما كان جهازه المناعي أضعف وبالتالي يصبح أكثر عرضة للأمراض الجسدية والنفسية بكل تأكيد.

دور الدعم العاطفي والنفسي:

إن أكثر مايحتاجه المريض أثناء المرض من قبل عائلته ومن يحب هو الدعم النفسي والعاطفي، فالدعم النفسي له دور فعال في تحسين الحالة للنفسية للمريض، وإمداد المريض بالقوة لمجابهة المرض الذي يعانيه.

ولكن في الوضع الراهن، فإن أكثر ما يُحرم منه المصاب بهذا الفيروس هو الدعم العاطفي والنفسي.. فخوفاً من انتقال الفيروس للآخرين، يتم حجر المصاب و عزله كلياً عن الآخرين إلى حين شفاءه وتعافيه، أو أن الفيروس يقضي على جهازه المناعي ويؤدي به للوفاة، وحتى أن الشخص عند الوفاة يدفن بطريقة محزنة للغاية دون أن يسمح لأي شخص من عائلته بحضور مراسم الدفن.

إلى أي مدى تؤثر الحالة النفسية على الجهاز المناعي؟

إن مشاعر الخوف من الموت التي تنتاب المريض، إضافة إلى الآلام الجسدية التي يعاني منها بسبب الأذيات التي يلحقها الفيروس بأعضاء المريض، وكذلك شعور الوحدة والخوف أثناء حجر المريض وعزله التام عن عائلته ومن يحب والعالم أجمع، وما يتعرض له المريض في أماكن الحجر من صدمات نفسية عندما يكون شاهداً على عذاب وموت الآخرين وما يتولد لديه من أفكار أنه على نفس الطريق وأن مصيره الموت المحتم لا محالة. كلها أسباب تجعل الحالة النفسية تزداد سوءاً للمريض وتجعل جهازه المناعي أكثر ضعفاً أمام هذا الفيروس ويسوء وضعه الصحي أكثر وبشكل أسرع.

هل أنا مصاب بالكورونا؟

تبث وسائل الإعلام والإنترنت الأخبار لحظة بلحظة وتوثقها بمقاطع وصور تظهر مدى خطورة هذا الفيروس و المعاناة التي يعانيها المصابون ومصيرهم المحتم في ظل عدم قدرة كل العلماء والباحثين حول العالم في الحصول على لقاح يسهم في الحد من هذا الفيروس وسرعة انتشاره وازديد الاحصائيات بشكل مرعب،  كذلك الاجراءات التي تتخذها الدول من خلال محاولة الحد من انتشار الفيروس وضبط المصابين وفرض الحجر في المنازل على الناس.

هذه كلها أسباب تزرع المخاوف والقلق في نفوس الأشخاص الغير مصابين ولدرجة عالية، حيث أنهم رغم التزامهم بكل التعليمات، يبدؤون بالشعور ببعض الأعراض كتلك التي تحدث عند الإصابة بالفيروس كالسعال والعطاس والحرارة وغير ذلك.  فهنا ينتاب الشخص وساوس أنه هل قد أصيب بالفيروس، هل سيحول به الأمر كما حال بكل هؤلاء المصابين، هل سيتم حجره وعزله عن من يحب، وهل سيموت ويدفن لوحده بهذه الطريقة المؤلمة؟ فيسوء وضعه النفسي وقد يتدهور جهازه المناعي يوماً بعد يوم مما يجعل وضعه الجسدي ينهار.

مشاعر الخوف تستبدُّ في الناس فماذا عليهم أن يفعلوا؟

  1. الالتزام بكل النقاط التي أكدتها منظمة الصحة العالمية من الحفاظ على المسافة الاجتماعية وعدم لمس الآخرين وارتداء الكفوف والكمامات وعدم الخروج من المنزل إلا للضرورة القصوى.
  2. الالتزام بالغذاء الصحي والمتكامل لتقوية الجهاز المناعي.
  3. الدرس المتعلم في معرفة قيمة البقاء مع العائلة ومن نحب وبذلك يتمكن الشخص من الالتزام أكثر بالتعليمات وحماية نفسه ومن يحب من الإصابة.
  4. كل شخص يمتلك تقنيات أو أساليب يستخدمها تلقائياً عند تعرضه للتوتر أو الضغوط… فعلى كل شخص استخدام هذه التقنيات لخفض نسبة التوتر لديه وبالتالي الشعور بالأمان والراحة (اللجوء لله والصلاة والدعاء، ممارسة الاسترخاء، التحدث للآخرين عبر وسائل التواصل الاجتماعي، القراءة، ممارسة التمارين الرياضية ….الخ)
  5. الشعور بالمسؤولية تجاه نفسه وتجاه الآخرين وهذا ما يجعل الشخص أكثر احتياطاً وحرصاً من الإصابة.
  6. وأخيراً، التأكيد على فكرة أن كل شخص قد تعرض خلال حياته لظروف وصدمات كبيرة استطاع تجاوزها رغم صعوبتها وخطورتها، فلن نعطي الفرصة لفيروس لا تراه العين المجردة بالقضاء علينا وعلى من نحب…
أضف تعليقك هنا