حوار مع صغيري الحزين

شقاء الحياة ومتاعبها

تناولت قلمي وشرعت أكتب خطتي المبعثرة مشوه المعالم، قاسية البنود، فهي كالخناجر ستكون في صدر طفلي البائس الحزين، فهو الآن مشغول وقابع بركن بعيد من غرفته في حزنه يعاني جروحه، كيف أخلصه مما آلمه؟ كيف أضمد جرحه الغائر؟ كيف أحرمه من ذاك الشيء الذي أنار عتمته ذات يوم فأصبح الآن مصدر ظلامه الحالك، لا عجب فمثل ما يقال دوام الحال من المحال، ما يسعدك يوما يحزنك أيام، وما تفرح به قد يكون مصدر حزنك عندما يزعجك هذا الشيء ويؤلمك، وعندما تجد نفسك عاجزا عن التغيير في ثوابته التي لا تروقك فأنت أمام خيارين لا ثالث لهما: إما أن تكمل وتنزف وتقطر كل لحظة، أو أن تتحمل التبعات والمشقات وترحل من حيث أتيت.

حقا إنها خطة محكمة، لكن لا تروق ذاك الصغير الملتف على نفسه من أيام، فهو لن يطاوعني على تنفيذها.. أحس بنظراته وكأنه يقول ماذا بك وعلى ماذا انتويت.. هذا حاله من أيام، ما كنت أعلم أن صغيري قد وصل به الحال إلى هذا الحد. أعتقد بل أجزم أني أخطأت التقدير فيما يحمله، لكن الآن ماذا أفعل… ما باليد حيلة كما يقولون، آسف يا صغيري فلن أطاوعك هذه المرة، تذمر، اضجر، افعل ما يحلو لك، فلن تنال إلا التعب في كلتا الحالتين.. تتذكر يوما كنت ترقص بين جنبات قفصك الذهبي -حينما كان ذهبي- فالأماكن تختلف باختلاف اللحظة عندما يكون العصفور سعيدا يرى قفصه ذهبيا، يراه الجنه ونعيمها، وعندما يحزن فهو ضيق به وحشه كالكهوف المظلمة التي لا تعرف أشعة الشمس لها عنوان.

لا دوام لحال 

تتذكر تلك الدماء البنفسجية اللون عنبرية الرائحة التي كنت تسحب وتضخ.. أصبحت الآن متخثرة لزجة مميتة تتذكر تلك الأيام التي ملأت الأرض فرحا فيها، كنت تتمايل وترقص كفتاه بارعة القوام والأداء، ها هي رقصاتك أصبحت نوعا من الحركات الهيستيرية المجنونة، جاء الوقت يا صغيري لتسدد فاتورة تلك الأيام ..نعم لا تتعجب؛ ففي هذا العالم ثمة أشياء لا تعطى مجانا، ولا يوجد ما هو مستمر، الديمومة في الحياة عنصر احتماله مستحيل يا صغيري، تتنوع هي الظروف بين فرح وحزن.. شقاء وراحه فلا شيء ثابت، ولا شيء دائم، فلا تتعجب صغيري فهي كذلك، وإن شئت فقل لي لماذا تركتك أمك..؟

أنت أيها الإنسان سبب في فرحك وحزنك

والآن دعني أريحك من عنت التفكير فيما يجول بخاطري، هل لك أن ترجع للخلف بضعة أشهر؟ هل لك أن تتذكر يوما كنت خاليا.. كانت راحة.. صحيح؟.- إن صح كلامي أم لم يصح- أجل ارجع بنا كما كنا وكانوا، ولا تسألني شيء حتى أحدث لك منه ذكرى… أتعلم شيء أنت سبب ما نحن فيه..نعم أنت، والآن ما عاد للعتاب جدوى، أو نفع، أرجوك التزم الصمت فلا تتضجر، ولا تحزن، ولا تغضب، فلن أضعف ثانية.. دعني أقود القارب المتهالك المتداعي هذه المرة في هذه الأمواج العاتية.. لقد تركتك من قبل تفعلها فكان ما وصلنا إليه، والآن بعدما أحسك كجبل مثل أحد بين جنبات قفصك الصدئ لن أسمح لك باعتلاء عرش القرار حتى وإن نزفت حتى الموت.

فيديو مقال حوار مع صغيري الحزين

أضف تعليقك هنا