درءاً لكل أخطاء الماضي

بقلم: صفاء الزكغ

كثيرة هي الجرائم و التصرفات الهمجية التي أصبحنا نشاهدها تتفشى في مجتمعنا بشكل أقرب ما يكون إلى تفشي الفيروسات والأوبئة. إنها سلوكيات تشمئز منها النفوس , تهتز لها القلوب , تقشعر لها الأبدان , و تدمع لها العيون. أبطالها رجال, نساء و أطفال من فئات عمرية مختلفة , وبيئات متباينة يشتركون جميعا في انحلالهم الخلقي و انحرافهم الديني.

التربية الناتجة عن زواج معطوب

هؤلاء الأشخاص ماهم إلا نتيجة طبيعية للتربية غير اللائقة و الإهمال المستمر و اللامبالاة اليومية التي ينهجها بعض الآباء في تعاملهم مع أبنائهم . تلك التربية الناتجة عن زواج معطوب يفتقر لقواعد صلبة و دعامات قوية.إنه زواج ينعدم فيه وعي الطرفين بالأهداف الجوهرية المتوخاة من الأسرة.الأب في هذه الحالة يتزوج لإشباع رغبته الجنسية آملا في إنجاب أطفال يحملون اسمه .يخصص نصف وقته للعمل , و النصف الثاني للهو مع أصدقائه في المقاهي .المنزل بالنسبة له أضحى مجرد مطعم للأكل و فندق للمبيت.

زواج الأم مخافة الوقوع في العنوسة

أما الأم فإنها تزوجت مخافة الوقوع في العنوسة, أو أسوة بصديقاتها اللواتي تزوجن قبلها . نصف وقتها اليومي تقضيه في انجاز الأعباء المنزلية أو في العمل _إن كانت لها وظيفة أو غيرها_.و الشق الثاني تستثمره في جلسات التسلية و النميمة و البحث عن آخر أخبار الموضة في عالم الجلابيب .آباء مثل هؤلاء أصبح دورهم يقتصر فقط على ضمان لقمة العيش و شراء المستلزمات اليومية .إنهم لم يدركوا أن الزواج هو قبل كل شيء مسؤولية كبيرة و رباط مقدس يجمع بين زوجين بينهما المودة و الرحمة.

ما هو الهدف من الزواج؟

إن الزواج ميثاق غليظ يقوم على أواصر الاحترام المتبادل و المعاشرة بالمعروف من أجل تحقيق الذات و التطلعات المشتركة.لقوله تعالى :{وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً ۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُون} الآية 21 سورة الروم.

إن الهدف الأسمى من الزواج هو ضمان الاستقرار النفسي و العاطفي للطرفين,ومن ثم إنجاب ذرية صالحة و فاعلة داخل المجتمع.فالأبناء أمانة عظيمة و مسؤولية كبيرة ملقاة على عاتق الآباء تستدعي مواكبتهم على جميع الأصعدة العقلية و النفسية و الجسدية و الروحية و الأخلاقية.

الحديث الذي يدل على التربية الصحيحة

مصداقا لقول الرسول صلى الله عليه وسلم:{ألا كُلُّكُمْ رَاعٍ، وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، فَالْأَمِيرُ الَّذِي عَلَى النَّاسِ رَاعٍ، وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَالرَّجُلُ رَاعٍ عَلَى أَهْلِ بَيْتِهِ، وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْهُمْ، وَالْمَرْأَةُ رَاعِيَةٌ عَلَى بَيْتِ بَعْلِهَا وَوَلَدِهِ، وَهِيَ مَسْئُولَةٌ عَنْهُمْ، وَالْعَبْدُ رَاعٍ عَلَى مَالِ سَيِّدِهِ وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْهُ، أَلَا فَكُلُّكُمْ رَاعٍ، وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ} متفق عليه.

الأهمية التي أولاها الإسلام للتربية القويمة للأبناء

هذا كله يحيلنا على الأهمية التي أولاها الإسلام للتربية الصحيحة و القويمة للأبناء ليؤكد غير ما مرة على دورها في إنتاج جيل صالح يكون خير خلف لخير سلفما أحوجنا إلى خلق مراكز تعليمية و تنظيم دورات تكوينية للأشخاص المقبلين على الزواج ,تعنى بالتأهيل الأسري و نشر الثقافة الزوجية الصحيحة درءا لكل أخطاء الماضي.

بقلم: صفاء الزكغ

أضف تعليقك هنا