صمت أماني

بقلم: أحمد العشري

تعيش أماني العذراء في مدينة جميلة وكانت فتاة مبهرة من أجمل بنات البلدة التي تقطب بها وبراءة الابتسامة الجميلة على محياها، عاشت مع أسرة بسيطة وكانت تعيش بسعادة عابرة بين أقاربها وأهلها وكانت سعيدة بكل تفاصيل حياتها، كانت مشاغبة جداً ولكن ابتسامها تجعل من يتكدر منها يبتسم ويسامحها.

كيف بدأت نشأة أماني؟

تعلمت أماني بالابتدائية الرابعة القريبة من منزلهم الكائن جوار المسجد الحرام وعاشت طفولتها وقصص الأطفال المضحكة في الطفوله وواصلت تعليمها، إلى أن جاء حفل تخرجها من الجامعة وكانت فرحة والديها بتفوقها بالشهادة كبيرة وقدمت لها والدتها طقم من الذهب هديةً لها وأما أباها فقدم لها هاتفاً هدية لها وبحثت عن عمل ووظيفة…

ماهو الحدث الذي اعترض مسيرة أماني؟

لكن سرعان ما تبدلت عقارب الزمن وتقدم لها شاب من أقاربها من خارج المدينة التي تقطن بها ولكنها لا تريد الزواج ورفضت واشتعلت المشاكل بين أهلها لأن عادات القبيلة كانت أنها له منذ الصغر وتزوجته رغم عنها وذهبت معه إلى الحدود الشمالية حيث مقر عمله ومع مرور الأيام تعودت على خالد والعيش معه لأن هذا هو القدر المكتوب لها وبدأت تحبه لأنه لامس إحساسها بالغربة رغم طبيعة عمله الصعبة.

ماسبب المشاكل التي نشبت في حياة أماني الزوجية؟

ومرت عامين من زواجهم ولم تنجب فنشب بين الأهل خلاف أن يتزوج بغيرها لينجب ومر العام الثالث على التوالي وحصلت المفاجأة وأنجبت منه بنت جميلة  سماها على اسم أمها فاطمة وعادت السعادة من جديد وزالت المشاكل العائلية التي هي عادات أصبحت في المجتمع ومرت أعوام وأنجبت منه بنت أخرى والحمد لله ولكن سرعان ما عادت معها المشاكل يريد صبياً يحمل اسمه بعد عمر طويل وكانت صبوره على ما يحدث لها خصوصاً بعد خبر وفاة والدها ولم تراه عاشت البعد عن أهلها.

وفي العام الثامن من زواجهم كانت حبلى منه ولكن خلال هذه فترة كانت تعيش في قلقل وهواجس بأن تنجب فتاة ثالثه وفي يوم الخميس وكالعادة اجتمعت العائلة وقاموا بالتلميح على أن من تنجب أكثر من بنت من حق زوجها أن يتزوج عليها من دون تردد ولكن أماني لم تظهر ملامح القهر الذي ينتابها من الداخل وحين عودتها للمنزل شاهدها خالد وسائلها ما بال وجهك متغير يا أماني سألته هل تستطيع العيش من دوني مع إنسانة أخرى فضحك طبعاً وأجابها لا لأن هذا القلب لا يسكنه سوى أماني ففرحت وكانت ليلة سعيدة وحينما مرت الأسابيع ودقت أجراس الولادة والطلق على صراع الفكر لأماني وتحديد مصيرها

جاءت البشرى

سمعت صوت الطفل الذي دخل الدنيا عند صوت الأذان للمغرب وكانت دعواتها في قلبها أن تنجب إبناً وعند إفاقتها بعد البنج بشروها بأنه صبياً والحمد لله عاد الأمل للحياة من جديد وعاشت فترة من الزمن سعيدة وبعد مرور عامين توفى شقيق خالد، وكانت لديه زوجة وصبيان يعيشان جوار منزل خالد ومع الوقت أصبح خالد هو المسئول عنهم  والتحدث مع زوجة المرحوم بكثرة.

تعلق بها وتعلقت به وفي يوم من الأيام قَدِمت الأم الى أماني  وطلبت منها إعداد القهوة للتحدث معها وجلست وبدأ الحوار بينهم والدخول في صلب الموضوع بأنها تريد أن تزوج خالد مشاعل زوجة المرحوم لأن الناس يتحدثون عن ذهابه والإكثار للتردد عليهم ولم ترد عليها أماني وفضلت الصمت ثم انصرفت الأم وظلت الحيرة في عقل أماني وفي اليوم التالي قامت تلاحظ تغير خالد عنها وانشغاله بالخروج الكثير من المنزل وعدم السؤال عنها

ما الذي حدث بعد وفاة شقيق زوج أماني؟

وفي يوم الخميس الذي يسبق نهاية عطلة الطلاب جاء خالد وملامحه متغيرة لا يعرف من أين يبدأ أو ينتهي وبعد مرور من الوقت دخل في صلب الموضوع وقال لها حياتي أريد أن أتزوج مشاعل من أجل ما يدور بين الناس، من حوار الناس عنها حين أكون جوار أبناء أخي فالخيار لكي ياأماني إما أن تبقي معي أو أن يفترق كل منا في طريق فذهبت عنه وقفلت باب الغرفة ودموعها تنهمر بشدة وتبكي من القهر ونامت على الأريكة ونور الشمس سطع على بريق عينها وقامت واغتسلت وسجدة شكر لله على حالها ووكلت أمرها للقدير.

كيف عادت للحياة بعد طلاقها؟

وأحكمت حقائبها وحقائب أبنائها وذهبت للمطار وعادت إلى المدينة المنورة وبدأت حياتها من جديد بعد طلب الطلاق من خالد وبحثت عن عمل واستأجرت سكناً ووجدت عملاً ومارست حياتها الطبيعية ومرت سنتان من طلاقها وأصبحت تعيش الحياة بكل جمالها وابتسامتها دائماً في كل محادثتها مع أقاربها وأحبابها ولكن كل ليلة تدعوا الله بأن يجبر بقلبها وخاطرها وأصبح حملها ثقيل مسؤولية الأبناء معها وفي داخلها احتياج عميق بأن يلامس العطف والحنان جوارها وتكبدت كل الصعاب من أجل أبنائها ترى الابتسامة عليهم والفرح والسرور وتعلم أنهم بحاجة إلى أب جوارهم يحتويهم بالعطف والحنان

ماذا لاقت بعد صبرها “أماني”؟

كذلك أماني الفتاة الفاتنة التي تحتاج للحنان وجدت ذلك الإحساس والشعور ولكن تخاف من صدمات الأيام والظروف القاهرة بينهم إنه شاب عرفته صدفة ووقف بجانبها وأعتبرها أخت له وكان جوارها بكل مأزق أو ظرف طارئ وهو يعلم أن ظروفه وظروفها حاجزاً وسداً منيعاً بينهم لعلها  الأقدار جمعتهم بعد هذه السنين وخيالهم أجمل من أن يكون واقع بينهم لأن بعض الزهور تكون مُشدةُ للنظر بجمالها ولكن عند التعمق بها والإمساك بها تجرحك من الشوك والألم من واقعها لعلها خيرةً لهم وكان الصمت عنوان أماني وأحمد الشاب المجهول والحب المدفون بينهم ويكفي من الحياة أنهم علموا باحتياج بعضهم البعض والدعاء بالخير بينهم وهذه أماني الصابرة على مر الحياة

بقلم: أحمد العشري

أضف تعليقك هنا