عندما نعتدي على الطبيعة يكون الوباء

بقلم: الكاتب صلاح الشتيوي

عندما نعتدي على الطبيعة..

قريبا ينتصر الإنسان ويتغلب على الوباء وترجع الحياة إلى ما كانت عليه، نشكر كل ما ساهم في إنقاذ البشرية، فهل سيتعلم الإنسان أن الطبيعة جزء من حياته وعليه حمايتها؟ هل يعلم أن الموت مصيبة، وأن سبب الوباء كان هو لا غير، فهو القاتل باعتدائه وقتله للطبيعة؟

الطبيعة نبهتنا أكثر من مرة

لقد نبهتنا الطبيعة أكثر من مرة عن سخطها وعدم رضاها من تصرفاتنا، لقد أرسلت لنا رسائل تحذيرية مخففة تحاول لفت انتباهنا، سقط الثلج الأصفر فوق كوريا الجنوبية قبل سنوات، وتحرك إعصار هنا وهناك، وزلزلت الأمصار، وكثرت الأوبئة ولم نكف عن ظلم الطبيعة، تذمر العلماء وحماة البيئة من الاعتداء على الطبيعة واحتجوا منذ سنين دون جدوى.

حتى الطيور غضبت وأصبحت تعطس وكان الوباء وانفلونزا الطيور، والبقر فقد عقله وكان جنون البقر، حتى البحار غضبت واكتسحت المنازل وغمرت الشواطئ… ابتلعت البحار البواخر والأرض تحركت أكثر من مرة، وألقت بالأسقف فوق ساكنيها.

كل مرة تحتج الطبيعة على طريقتها لكن الانسان يواصل ظلمه لنفسه بالإضرار بالطبيعة، تضررت الطبيعة من تصرفاتنا وقسوتنا وحذرتنا مرة ومرة، ورغم ذلك ستعود البشرية لعنادها وتجبرها واعتائها على الطبيعة بعد نهاية كل أزمة.

الحجر و رد الطبيعة

الحجر الذي فرض على الإنسانية بسبب وباء الكورونا أصلح ما أفسده الإنسان في الطبيعة فبابتعاده عن الحياة العادية وكف يده على الاعتداء على الطبيعة بكافة مكوناتها مكنتها من التحسن والتعافي؛ فبعزل الإنسان “ما يقارب ثلاثة مليارات من البشر” لوحظ تحسن كبير في نوعية الهواء في مختلف مدن العالم وخاصة المناطق الملوثة بالغازات كالصين.

هل بدأت الطبيعة تنتقم من الإنسان وترد له ما فعل بها…؟ لقد لوحظ أن طبقة الأوزون في تحسن الحيوانات البرية غزت المدن الفارغة بسبب الحجر الصحي مثل الأسود في الشيلي، والضباء في اليابان، والقردة في العواصم الهندية أما في البحر فقد انتشرت الدلافين في المياه الصافية النقية، لقد بدأت الطبيعة تعود في غياب الإنسان على الساحة.

رغم كل القوانين والاتفاقات الدولة لحماية الطبيعة والمحفظة على بيئة سليمة من كل تلوث جوي وبري وبحري إلا أن الاستجابة العالمية كانت مترددة بل إن القوى العظمى الملوثة كانت ترفض من أجل حماية اقتصادها على حساب البيئة السليمة، كان الإنسان جشع لا تهمه إلا نفسه، ولم يحافظ على ما أعطاه الله من طبيعة وجاء الوباء فتوقف كل شيء ورغم تهديده لصحة الإنسان إلا أنه كان له نفع للبشرية من الناحية البيئية… حزن الإنسان لقدوم الوباء أما الطبيعة فقد فرحت بكل مكوناتها.

جاءت الكورونا لتذكر الإنسانية بالدعوة الملحة لحماية البيئة: إنسانا، وحيوانا، ونباتا، وبرا، وبحرا، وجوا، شجرا، ونباتا … الوباء ذكرنا أن البيئة صارت في كثير من الدول الجاهلة مشوهة مظلومة مخربة… لقد جاء الوباء لحماية الطبيعة وسجن الإنسان وإبعاده عنها.

هل أخذت البشرية دروسا من الوباء؟

على الأقل يجب على الإنسانية أن تتعلم درسين مهمين من وباء الكورونا: أولا: عدم إلقاء اللوم على الخفافيش، وثانيا: أننا نحن البشر هو سبب ذلك باقترابنا منها وأكلها وكانت الكارثة.

إنه علينا أن نغير سلوكنا ونبتعد عن كل ما يسبب الأوبئة بدل البحث عن لقاح غالي الكلفة، إن الفيروس التاجي ينبهنا إلى أن عدم التعامل مع البيئة بطريقة سليمة يمكن أن يؤدي إلى فناء البشرية بسرعة؛ فإن لم يبتعد البشر على الحيوانات ويكف عن تدمير مواطنها فإن الفيروسات ستتكاثر، والأوبئة ستنتشر في العالم وتفتك بالإنسان.

علينا حماية البيئة واستعادة المواطن الطبيعية والمحافظة عليها وسن قوانين واتفاقيات عالمية تمنع استهلاك الانواع المضرة بالإنسان من الحيوانات البرية… والدرس المهم الذي يستوجب على الانسان تعلمه هو أن الاضرار التي لحقت بكوكب الأرض يمكن أن تسبب في هلاك البشر بالكوكب بسرعة كبيرة، فهل فهم الإنسان خطر التغير المناخي؟!

البيئة بعد الوباء

هل سيستفيق العالم بعد الوباء ويدرك أن إصلاح البيئة والعناية بها وحمايتها أمانة إنسانية، ومسؤولية أخلاقية، وحاجة وطنية وضرورة حياتية، وقيمة حضرية لا تزد الأمم إلا تحضرا وعلوا وتفوقا…؟

علينا أن نحارب الفساد البيئي ونقف بكل قوة لحماية البيئة بكل مكوناتها… علينا أن نحارب الإجرام البيئي ونترك الطبيعة ضاحكة ولا نعيدها إلى عبوسها بظلمنا لها.

بقلم: صلاح الشتيوي

10_4_2020

 

أضف تعليقك هنا