عند حافة الانتحار

بقلم: أميرة حموني

ماذا يحدث عندما تبتعد عقولنا عن الإيمان؟

عند حافة الانتحار…لحظة صراع بين نعم أم لا!

في هذه اللحظة، تُسوَدّ بصيرتنا عن كل النعم فنسب أنفسنا، ونلعن قدرنا، ونؤلف من عقلنا المراهق سيناريوهات مخيفة تحكي عن قصص خيالية، ثم تتطور الأمور إلى أن تصبح شكاوينا واستياءاتنا موطنًا لوساوس أليفة تسري في عروقنا وتحرمنا من الحياة، لا نحن ميتون نُعانق تراب أرضنا ولا نحن أحياءً نمضي يقظة من أمرنا، بل نهيئ عزاءً شئنا أن نكون فيه السيد المرحوم. ونكون قد استجبنا بإرادتنا ووعينا التام لعِلّة روحانية، ضحت ملاذًا نلجأ إليها ونشتهي الإنصات لها.

هذه اللحظة، التي بدون شك، عشناها في أحد الأيام بين أركان غرفتنا، وامتدّت بنا أياما في الهاوية تائهين، منهزمين، وأسرى في قفص هذا الاستعمار، محرومين من حرية التفكر، وجودها في نمط حياتنا يفسر أمرا واحدا ومهم، أننا في حالة عطب!

ماذا وقع؟ وكيف وصلنا إلى هذا الانحراف النفسي؟

العقل ذو برمجة روحانية

وربما الحكاية بدأت عندما تجرأت عقولنا أن تفسر كل شيء بلغة المنطق، فأبت إلاّ أن تفهم من تحت مجهارها الخاص الصغير والضيق أمورا لا تعادلها، أمورا لا تحتاجها لِتُفْهَمْ! وهي تحت تأثير شهوة الفضول تُكسِر قوانين الإله بحثا عن حقيقة ترضيها.

لكل هذه الأحداث شخصيات بارزة تدخل في حرب ضد هذه اللحظة الفيروسية: الإنسان- العقل والبرمجة الروحانية.

العقل… لهذا الخلق العجيب نظام تشغيل ذو برمجة روحانية، يستمد من خلالها قوته وسلامته وصحته ويكون قادرا على العيش والإنتاج، تتجلى وظيفة هذه البرمجة في مقاومة الأزمات وتصحيح أخطاء العقل على مستوى تفكيره و تحليله ورؤيته للأشياء، بالإضافة أنها تخلق له بيئة صالحة للتفكر والتأمل السليم، وتستوطن في ذاته الحية سكينة وطمأنينة وتفاؤل للحياة، ثم إنها تدعم ملكة الذكاء والتركيز والابداع والأهم من كل هذا فإنها تقوم أساسا على تنشئة الإنسان الصالح.

اتحاد العقل مع الإيمان أمر أساسي لاستمرار الحياة

فإن تماشى العقل واستجاب لهذه البرمجة وَلّت كل إنتاجاته خير ومنفعة، واستطاع أن يقاوم اللحظة الفيروسية التي بطبيعتها تتغذى على حالات اليأس والفشل والهَزِيمَة. أما إذا أعرض عن هذا النظام، فيتسلل ذلك الفيروس الذي لا يجد أي مقاومة ليقاتلها، فيهجم بسهولة ويستولي على هذا العقل ليخربه ويٌخِلُّه ويحكم بالنيابة عنه.

إذن فلا بد أن يتحد العقل مع قوة الإيمان لتنشأ في ذات الإنسان رغبة الحياة… رغبة الاستمرار… رغبة المحاولة….و ليكون بعد ذلك قادرا على الدفاع عن نفسه وتصدي لأي حادث دنيوي كموت أقارب، أو إفلاس،  أو مرض، أو غيرها من الصدمات التي تكبح إرادة الحياة..، ومع الوقت ومع اتئام الجروح… يولد كائن جديد لا ينهزم ولا يستسلم.

وبالتالي فإن توافق الشخصيات الثلاث هو ركن من أركان السلام الداخلي الذي يشع أمل الوصول إلى ذروة الرضى والتقوى، وأيضا هو تحفيز وتشجيع  للإنسان ليقف مخاطبا نفسه على حافة الانتحار “لا”…  راجعا خطوة إلى الوراء  وملتفتا بكل ثقة إلى ساحة المعركة ليستمر وليقاتل من جديد.

بقلم: أميرة حموني

 

أضف تعليقك هنا