فلسفة الموت

حين يلقي الموت بظلاله حولنا بعظمته وصمته محيطا بنا من كل ناحية يدعونا لنمعن النظر في ماهيته يدعونا لنفكر به ولما هذا الخوف الكامن في قلوبنا منه؟ حينما يخطف الموت من نحب وكأننا نسمع به للمرة الاولى ليسكن في قلوبنا إلى حين نعود إلى مجرى الطمأنينه إلى حياتنا العادية والأستسلام لخمول الفكر اليومي إذا أمعنا النظر إلى تاريخ الفكر الإنساني لوجدنا الموت يستحوذ على جزء من تفكير الإنسان.

نظرة القدماء للموت ووجهة نظ سقراط

إن نظرة القدماء للموت وتصورهم له كان تصوراً يخالطه الخوف والرهبة وأنه أخر المحن التي يتعرض الإنسان لها وأشدها قوة والاختبار الحقيقي لقيمه الإنسان عوقب ووضع في سجن البدن والذي وضعه هو الالهة وعن طريق الموت وحده يستطيع التحرر إنه فصل النفس الخالدة عن الجسد الفاني وهذا ما حاول سقراط توضيحه بقول ( إن الموت ماهو إلا مرحلة تتخلص فيها النفس من العلائق الجسميه ) وهو مرحلة التحرر.

الموت من وجهة نظر المصريين القدامى

في مقولة أخرى ( إنك لن تموت ) هكذا كان المصريون يكتبون على جدران معابدهم التي بنوها بعناية فائقة للملك المتوفى وهو احتجاج واضح ضد الموت الذي يلقي بظلال الفناء ويضع البشرية أمام حقيقة إن الحياة ظلال لاتلبث حتى تنتهي الإنسان وحده هو الذي لديه إمكانية اتخاذ موقف أمام الموت لأنه وحده الذي يعرف أنه يموت فإما أن يصبح الموت جزء من حياة الإنسان فإذا لم يقبل موته لن يقبل حياته فهو ليس مجرد مشكلة إنما هو سر وهناك فرق بين المشكلة والسر:

  • المشكلة شيء يلتقي به الإنسان من الخارج فيقف حائلاً دون تقدمه.
  • أما السر شيء يتلبس بنا ويغلف بغموضه صميم وجودنا فلا نملك أن ننظر إليه من الخارج لأننا مرتبطون به ومندمجون فيه وبهذا يصبح سراً لا يكاد ينفصل عن صميم وجودنا الإنسان في كل زمن يسعى إلى أن يجد تفسيراً لذلك السر.

ما قاله الفيلسوف هيدجر عن الموت

وعلى حد تعبير هيدجر ( الموت ظاهرة يجب فهمها وجودياً ) إن وجودنا يحمل في طياته موتنا، في الموت يتم الشعور بالفردية إلى أقصى درجة إذ يشعر من يموت أنه يموت وحده لايشاركه في موته أحد.

وهو لايعني النضج فهو لايشبه الحصاد حصاد الثمار الناضجة فهو قد يتحقق قبل الآوان أو بعده فالشباب قد يصرعهم الموت قبل أن يتمو النضج بينما يمهل الشيوخ الطاعنين في السن فلا يقدم إليهم إلا بعد فوات الوقت المناسب ليس موتي واقعه تظهر في ختامي حياتي بل هو واقعه ماثلة في صميم حياتي في كل لحظة فهو لايعني اكتمال التحقق او النضج انما هو اسلوب في الوحود لايكاد ينفصل عن حياة الموجود البشري.

إن استمرار الحياة هو في صميمه انقضاء للزمن والسير باتجاه الموت هذا مادفع المفكرين للقول ( الحياة هي بمثابة الموت نفسه ) وهو السر الذي لايمكن سبر أغواره طالما أننا لم نعبر به والحقيقة المره في هذه الخبرة أن أحدا لم يعد ليخبرنا بشيء بل صمت وعبر.

بقلم: روز أحمد قاسم

أضف تعليقك هنا