كن كما تريد لا كما يُريدون

مذ كنا صغاراً تربينا وتبرمجت عقولنا على أن نسلك الطرق المعتادة التي ألِفنا عليها آباءنا وأجدادنا ، تربّينا على اتّباع تقاليدهم وعاداتهم في الأكل والنوم واللباس وحتى الأفكار والمعتقدات وكذا الأهداف والطموحات، تربينا على أن ننصاع لهم طاعة وولاء ، و أن فكرنا يوما بأن نسلك طريقا غير الذي ألفوه فيا ويلنا من سخطهم علينا و غضبهم الذي لن ينطفئ إلا بعد عودتنا للانصياع مرة أخرى.

عادات وتقاليد المجتمع

كبرنا و ازداد الأمر سوءا عندما أصبح المجتمع كذلك بأكمله يأمرك بالانصياع والامتثال له والا سيكون العقاب شديدا ،فأينما وليت وجهك تجد من يريد أن يتحكم فيك و يجعلك تحت رحمته ، وأكثر فئة تعاني من هذا التحكم هن النساء.

 كيف يرسِمون حياة الأنثى؟

فالفتاة في مجتمعنا حياتها مرسومة مذ نعومة أظافرها وأدوارها في الحياة لا يجب أن تحيد عنها ، فيجب أن تكون الابنة البارة والزوجة المطيعة ،والأم المضحية ، فتنمو الفتاة شيئا فشيئا وقد ترسخت في ذهنها تلك المعتقدات ، فتجدها وبمجرد ما تكبر قليلا يشغل بالها فارس أحلامها كيف سيكون و هل سيحقق لها ما لا تستطيع تحقيقه هي بنفسها ، و هل سيحبها أكثر من حب والديها لها الى آخره من التطلعات.و ما تلبث أن تفكر في ذلك حتى يأتي الفارس يطرق بابها فيغمرها اهتماما حتى تنصاع له و تقبل بالزواج فتتزوج وأحيانا قد لا تتاح الفرصة لها بأن تقبل أولا تقبل ، فتنصاع لأمر والديها ،ثم تشد الرحال للمجهول فتصطدم بعدها بواقع لم تره يوما حتى في كوابيسها عندئذ لا ينفع ندم و لا بكاء ، فتجد نفسها أمام ممر مظلم لا دراسة و لا وظيفة ولا شهادة حتى فتستسلم لأوامر زوجها وأهله و قبيلته فينعدم وجودها هي و تصبح جثة هامدة.

هل سلِم الذَكر من عاداتهم؟

غير ان فئة الرجال لم تسلم كذلك من هذا التحكم فبمجرد ما يرزق الأب بولد ذكر وحتى قبل أن يخرج للوجود ،يبدأ برسم حياته و يخطط لمستقبله و يعقد آمالا كبيرة عليه متمنيا أن يكمل ما لم يستطيع هو اتمامه قيد حياته فيجعله خليفة له حتى لا ينقطع نسله ، فيكبر الولد و قد ترسخت في ذهنه تلك المعتقدات فيظن انه بتحقيقه لأماني والديه سيجزى ببرهما و بالثواب العظيم ،لكن سرعان ما يصل لطريق مسدود في فترة من فترات حياته فيجد نفسه يعيش تناقضا مخيفا بين ما يريده هو في داخله وما يفعله لبر والديه فيمرض في جسده و نفسيته و يصبح كذلك جثة هامدة وكومة كئيبة ،أحيانا يدمن على الكحول والممنوعات وأحيانا أخرى يشفي غليله في زوجته أو ابنه و يفعل بهما ما فعل به هو ،و هكذا هم أغلبنا يعيشون على نفس المنوال و دائما ما يتذمرون و يشتكون سوء حظهم و قلة حيلتهم.

إياكِ أيتها الأنثى أن تتّبعي قراراتهم بل اتّبعي نفسكِ وكوني أنتِ

فيا صديقتي الفتاة أوصيك و أحثك على اتباع ما يمليه عليك قلبك أنت وما ترينه سيفيدك فيما بعد ، أزيلي من فكرك تلك المعتقدات البالية التي تجعل منك آلة لتحقيق رغبات الآخرين فأنت انسان قبل أن تكوني أنثى ،كرمك الله و وهبك ملكة الوعي لتختاري أنت بنفسك ما تريدين شريطة أن لا تؤذي أحدا بقراراتك و أن لا تتعدي حدود الله ، ادرسي تزوجي أو أنجبي ، توظفي سافري أو كوني ربة بيت المهم أن يكون ذلك بمحض إرادتك ، وإياك تم إياك أن تختزلي حياتك في رجل فتندمين يوم لا ينفع الندم.

وأنت أيها الرجل اسلك الطريق الذي تراه مناسباً لك

وأنت يا صديقي الرجل خلقك الله انسانا حرا لا عبدا ، ووهبك ملكة الوعي كذلك لتسلك الطريق الذي تريده وليت مجبرا على اتباع طريق والدك أو إكمال ما لم يكمله ، واياك أن تظن أن بقولك لا لأوامره سيجعل منك إبنا عاقا لوالده .لننقذ أنفسنا من السقوط في هاوية العادات والتقاليد حتى لا نندم على حياتنا  يوم لا ينفع الندم.

فيديو مقال كن كما تريد لا كما يُريدون

أضف تعليقك هنا