لكل هلاله…

بقلم: بولنوار قويدر/الجزائر

إذا عجزت المرجعية الشيعيّة والمرجعيّة السنيّة، من إيجاد مخرجا فقهيّا عبر تاريخ طويل وهو رؤية الهلال لشهر رمضان وشهر شوال، وكذلك غرة شهر ذي الحجة, هل ثبت عجز هذه المرجعيات بالنهوض بمسؤولياتها التاريخية، في رصّ الصف وتوحيد الأمة الإسلامية؟… سؤال جدير بطرحه على أولي الأمر من المذهبين… فقد برعوا في توظّيف الأهلة على المقاس وزينوها بمساحيق سياسية فقهية على الهوى، كل يغني ليلاه…

الاختلاف بين المذاهب في تحديد بداية رمضان

إنّ التعصب للمذهب وعدم الاتفاق على يوم واحد لا يبشر بخير لهذه الأمة ولا ننتظر الخلاص من التبعية سواء الداخلية أو الخارجية، وإلّا ما هو قيمة ومدلول وأهمية كلمة ((منكم)) في الآية الكريمة: (من شهد منكم الشهر فليصمه)… إذا كانت هذه الكلمة الجامعة الشاملة تعنينا كمسلمين (شيعة وسنة) فنكون قد خالفنا قول ربنا بحكم ما يصدره مجامع الفتوى السياسية وقد وقعنا في المحظور…لا داعي للتذرع بالجغرافيا نحن لسنا “لا شرقستان ولا غربستان” فالشاهد دولتان لا تفصل بين مدنها إلّا الحاجز الوهمي المسمى (حدود) فواحدة تصوم الاثنين والأخرى الثلاثاء مثلا كل ذلك مرده أنّ مفعول السياسة قد أتى بمفعوله على حساب الشرع…. بعد ذلك نرفع أصواتنا ونتبجح (مال لهذه الأمة أصابها الوهن والضعف والتشتت؟) أنّى لها الوفاق وهي التي لم تستطع جمع شملها فقط في رؤية (الهلال) وهو في سماء الدنيا يتلألأ ولكن حجبته السياسة والتعصب منعهم من رؤيته…تحت شعار (لكل مذهب رؤيته)

الوسائل الفلكية خير دليل لإثبات رؤية هلال شهر رمضان

اليوم لدينا وسائل أكثر دقة في تحديد دخول الشهر فالتلسكوبات وعلم الفلك أكثر دقة من الرؤية البصرية للهلال من قِبل بعض الأفراد. العجب قد نحدد وقت الصلاة بآلة (الساعة) ونكتب التقويم لسنوات قادمة على ضوء معطيات علمية وفلكية، ونتباهى بذلك، فكيف نتحاشى ذلك مع ثبوت رؤية هلال رمضان بالوسائل العلمية والفلكية؟ هل صوم رمضان ليس كباقي العبادات من صلاة وحج؟ أظن ما ينطبق على فريضة يجوز لأخرى، مثلا الحساب الفلكي وهو تقويم سليم له من المخلصين والعلماء الثقاة ما يجعلنا نسمع إليهم وننصاع لهم لنبتعد عن كل تشرذم وتشتت… وفي ذلك صورة نمطية متكاملة الوضوح للأجيال أنّ الأمة الأسلامية واحدة بدليل توحدها في صومها وهلال شوّالها وغرة ذي الحجة… وبذلك نتجاوز هذه المشكلة ونطرحها جانبا البتّة.

ولكن هذه الإشكالية المعقدة التي سيطرت عليها سلطة السياسة والمذهب وأبعدتها عن المقاصد الشرعية العامة لضبط مسألة الرؤية لكل بلد جعلت منّا غمّة لا أمّة منعدمة الشعور الجمعي، فالأحاديث الشريفة في رؤية الهلال تُسبغ علينا روح الوحدة المشاعرية للمؤمنين والامتثال الجماعي عند استقبال هذه الفريضة؛ فجاء الحديث بالأمر لمجموع الأمة: (صوموا لرؤيته،وأفطروا لرؤيته)، أمّة خذلها الحكّام وضللها فقهاء السلطان أنّى لها الضمير الجمعي الشعائري، وما عسانا أن نقول للأمة المغلوبة على أمرها: (هنيئا لكم برمضان والعاقبة لوحدة الامة)

بقلم: بولنوار قويدر/الجزائر

أضف تعليقك هنا