متى تأسست منظمة التسامح؟

بقلم: صلاح الشتيوي

نزاعات مكشوفة وصراعات خفية تواصلت بعد نهاية الحرب العالمية وإلى يومنا هذا بين القوى العظمى، وتشهد البشرية أصعب الظروف في هذا الزمن حيث كثر اللغط والتهديد بين الصين وأمريكا، وعلى ما يبدو إن الإنسان لم يدرك أنه تسبب في تداعيات بيئية وبيولوجية خطيرة، ولم يفهم أن عليه ترك الأرض تستعيد قدراتها على توطين هذا العدد الهائل من البشر.

إلى متى الحروب والخراب؟

إن ما صنعه الإنسان من أسلحة فتاكة بمختلف أنواعه قادر أن يغذي بها كل ما هو موجود على كوكب الأرض. فهل الحل في بقائه بالحروب المدمرة لكل شيء؟، إن كل الخوف أن يتم التفكير في حروب بعد وباء “الكورونا” فبمجرد التفكير بهذه الحرب والحديث عنها في الفترة القادمة هو نوع من الانتحار الجماعي والفناء للجنس البشري. إن البشرية أمامها خيارات معقدة وكارثية، والحل أن يتحدوا من أجل البقاء، وأن يحمي النوع البشري من الانقراض بتدمير الاسلحة السالبة للحياة، إن العداوة الخفية حينا والمعلنة أحيانا بين القوى العظمى يتضرر منها كل العالم كبيره وصغيره غنيه وفقيرة، إن العداوة بينهم أصبح امر خطير ومرعب، وعلى كل القوى، على الأرض أن تتعاون وتتفاعل إنسانيا للحفاظ على بقاء وسلامة الجميع فبالتوافق والتسامح والحوار، والابتعاد عن العنصرية والانانية، واستغلال البلدان الفقيرة، يمكننا جميعا متحدين ان ننجح في سعادة ورفاهية العنصر الإنساني في أي مكان كان، إن القرن الحادي والعشرين، والوضع الصعب الذي نمر به، يوجب على البشرية وخاصة القوى العظمى أن تكف عن التفكير في التقاتل والتنافس غير النزيه وأن تلجا إلى التعاون والتفاعل الإيجابي فيما بينهم.

الصين وأمريكا

إن ما نسمعه من تنظير لحرب ما بين الولايات المتحدة الأمريكية والصين أمر خطير، بل عملية انتحارية لا أظن أن كلاهما يقدم عليها، وعلى المشجعين على الحروب أن يفكروا في حسن العلاقات بين الدول والتشجيع على التقارب والتآلف بين الأجناس البشرية المختلفة. إن الحياة السليمة للبشرية جمعاء وباقي المخلوقات هو الأمر العاجل والأكيد الذي يجب أن نفكر فيه جمعا وعلينا جميعا أن ندعو إلى نبذ العنف وندعو إلى الإحسان، والحفاظ على حق الحياة لكل من خلقه الله سبحانه، فهل آن الأوان للقوى العظمى أن تتحمل مسؤولياتها التاريخية، وتبتعد عن تدمير الأرض وتستوعب درس وباء الكورونا وتبدأ في التعاون فيما بينها من أجل الإنسانية.

أهمية التسامح بين البشر

إن العالم الذي نعيش فيه اليوم هو في أشد الحاجة إلى التسامح والتعايش الإيجابي بين مختلف فئات البشر بمختلف أديانهم وأجناسهم من أي وقت مضى، لقد أصبح جميع الناس بسبب ثورة المعلومات والاتصالات والتكنولوجيا التي قربت الزمان والمكان بين الأمم حتى صار جميع الناس يعيشون في قرية واحدة وعلى الكل التعاون من أجل مستقبل أفضل، لقد تعبت البشرية اليوم وعانت الويلات من كثرة الحروب، وعليها أن ترسخ مفهوم التسامح ومبدأ التعايش السلمي بين مختلف فئات البشر واختلافهم، والعمل بينهم جميعا لخدمة الإنسانية، والعمل على تحقيق الأمان على الكوكب والابتعاد عن الطغيان والغلو والظلم والكراهية بين البشر.

التسامح في الإسلام

ما هو التسامح المطلوب؟ والتعايش المرجو؟ إن التعايش بين فئات البشر المختلفة لونا ودينا ولغة في الإسلام يرتكز على قاعدة راسخة وفضيلة أخلاقية وضرورة بشرية وتعتمد طريقة لضبط الاختلاف وإدارته بالتفاهم والحسنى. إن الإسلام هو دين للبشرية كافة، ورسالته للعالم كلها تعاليم سمحة، تأمر بالعدل والتسامح، وتنهى عن الظلم والعنف وإيذاء الآخر، وتحث على السلام وفي كامل الأرض ويدعو جميع البشر إلى التعاون مهما كان الجنس، أو اللون، أو المعتقد لاعتبار أن جميع الناس ينحدرون من نفس واحدة. إن الاعتراف بالآخر المخالف وبخصوصيته في الدين الإسلام هو قمة التسامح، إن الإنسان إذ تمعن في مسالة حرية التدين قال تعالى: (لا اكراه في الدين) وهذا في حد ذاته مبدأ التسامح الدين في أروع صوره.

قواعد التسامح في الإسلام

من القواعد الفكرية الذي اعتمدها الإسلام من أجل السلام الإنساني:

  1. اعترافه بالحقوق الشخصية: اعترافه بالحقوق الشخصية لكل إنسان أينما كان ومهما كان ولا يسمح بانتهاك هاته الحقوق.
  2. الأخلاق الحميدة: إن الاخلاق التي شرعها الإسلام كالعدل، الرفق، الايثار، العفو والإحسان والالفة والقول الحسن والأمانة، واغاثة الملهوف ورعاية المريض وبر الوالدين مساعدة الفقير، ونصرة المظلوم، الى غير ذلك من الاخلاق الحميدة التي تدل كلها على التسامح والاحسان للغير.

الاختلاف الإنساني

إن الإسلام يرسخ التسامح والتعايش مع جميع البشر؛ لأن العلاقات الإنسانية يجب أن تبنى على المودة والمحبة وترتكز على العدل وإن اختلفنا في الأفكار والمواقف، لقد خلقنا الله مختلفين في اعراقنا وديننا وألواننا لنعيش معا ونتقارب ونختلف ونتسامح، قال تعالى: (لو شاء ربك لجعل الناس أمة واحدة ولا يزالون مختلفين، إلا من رحم ربك ولذلك خلقهم)، الاختلاف بين الناس من حيث الجنس واللغة والعقيدة والدين لا يجب أن يكون سببا في النزاع بين الدول والشعوب، بل يجب أن يكون الاختلاف دافعا إلى التعاون والتالف بين الشعوب من أجل مصلحة الإنسانية والتعاون وتبادل المنافع بينهم…قال تعالى (وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا). التعارف الإنساني الخطوة الأولى التي يخطوها الإنسان ليصل الى التالف والتعاون هي التعارف حيث يتمكن بذلك من ربط علاقات في ميادين اجتماعية اقتصادية فكرية وسياسية، إن التعارف الإنساني يذوب جليد الاختلاف ويبعد العداوة يبن الأمم، إن المعاملة مع من يخالفك في الدين يكون بالعدل والبر وإرادة الخير والنصح له، هذا ما أوصى به ديننا، إن التسامح في الإسلام أباح للمسلم أكل طعام أهل الكتاب وذبائحهم والزواج من نسائهم.

خلاصة المقال: لكي تكون الإنسانية في أحسن حال علينا أن نفهم أن التسامح والتعايش بين البشر على اختلافهم وتنوعهم أصبح امرا ملحا سيمكن الإنسانية من العيش الكريم في سلام وأمان، وتنصرف الأمم للبناء الإنساني وتكون البشرية أفضل وأرشد. 16/4/2020

بقلم: صلاح الشتيوي

أضف تعليقك هنا