مِكبح النفس

يُعتبر المكبح أهم عناصر التحكّم المثالي في السّيّارة ، ويتولّى دور إبطائها تدريجياً أو إيقافها تماماً عن الحركة ، وفقاً لرغبة السائق ، فكذلك الصّيام هو مكبح النفس في السيطرة عليها وضبطها.

فضل الصيام

فعندما يصوم المؤمن فهو يتغلّب على شهواته وغرائزه وشيطانه ، ويُحلّق عالياً بضبط نفسه ، وتهذيب روحه وشحن إيمانه ، فيُمسك عن الطعام والشراب والنكاح والحرام من طلوع الفجر الثاني إلى غروب الشمس ، بنيّة مخصوصة .قال الله تعالى في كتابه العزيز : ” وكُلوا واشربوا حتى يتبيّن لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر ثُمَّ أتمُّوا الصِّيام إلى الليل ” . 187_البقرة

ومن هنا نلحظ الفرق الشاسع الرحيب بين إنسانية الإنسان العاقل ، وحيوانية الحيوان الهابط ، فالإنسان المؤمن يمتنع عن طعامه وشرابه وشهواته بإرادته واختياره لوقت مُحدّد ، إمتثالاً لأمر السماء ، خلافاً للحيوان الذي يقضي نهمته عبثاً ولا يضبطه قانون سوى غريزته !فمن تحكّم في طعامه وشرابه وشهوته ، فهو إنسان مُدرك سويّ ، ومن أذعن وخضع ، فليراجع نفسه.

ثواب الصائمين

ويأبى الله تعالى أن يجعل من كافح في نيل رضاه كالمُفرِّط المُخلّ في ديوانه سواء ، فقد تكفَّل سبحانه جزاءه بنفسه كما جاء في الحديث القُدسي : ” كل عمل ابن آدم له إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به ” . رواه البخارينحن بحاجة مُلحّة اليوم إلى ضرورة الخروج من ثقافة الهزيمة أمام الإغراءات الكثيرة ، إلى آفاق أوسع وآمال أعظم ، مُتمسّكين بالحبل المتين ، ومُتسلّحين بالوعي واليقين ، من أجل إدراك النعيم.

وفي هذا الشهر المبارك يتجلّى فضل الله تعالى على عباده ، فتتغيّر نواميس الكون ، فكأنّي أسمع أبواب الجنة وهي تُفتح ، وأبواب النيران وهي تُغلق ، وكأني أرى مردة الشياطين تُصفّد بالسلاسل والأغلال ، تعظيماً له عن سائر الشهور فبعد كل هذا اليُسر والرّخاء منه سبحانه يلوح الأمل ، وتقوى العزيمة ويرتفع الطموح ، وتندحر جحافل الشيطان ، وتُحكم السيطرة على مكابح النفس.

طوبى لمن ضبط مِكبح نفسه فصام وتسنّم وارتقى

أحبتي الكرام اغتنموا مدرسة رمضان المبارك ، وتخرّجوا منها مُتحلّين بالفضائل ، ومُتخلّين عن الرذائل ، ومُتحقّقين بالشمائل ، فإنها أيام معدوات ، وكل معدود ينقضي .طوبى لمن ضبط مكبح نفسه فصام وتسنّم وارتقى ، ويا خسران من فرّط في ذلك فكبا وهوى!

فيديو مقال مكبح النفس

أضف تعليقك هنا