هل يؤدي وباء كورونا إلى تفكيك الإتحاد الأوروبي؟

في ظل حالة الطوارئ العالمية، وحاجة دول الأعضاء في الاتحاد الأوربي الى التضامن من أجل اجتياز المحنة التي أصابت جميع الأعضاء بشدة، نجد أن الاتحاد الأوروبي بات أن يفقد تماسكه وصموده.

كورونا الوباء الذي أصبح أزمة العصر في العالم

أدى تفشي فيروس كورونا المستجد (كوفيد 19)، الى خسائر بشرية واقتصادية هائلة، وأثار كثيرا من المخاوف على استمرارية كيان الاتحاد الأوروبي، حيث أن الأزمة الحالية تكشف بلا هوادة نقاط الضعف والعجز في أوروبا، وأصبح الاتحاد الأوروبي يمر بمخاطر لم يمر بها من قبل.

فبالإضافة إلى أزمة اللاجئين التي لم يتم حلها، هناك الآن جائحة تسبب الذعر، مما استدعى وضع الضوابط الحدودية، واغلاقها، والقيام بعدد من الخطوات التي تعد سابقة على دول الاتحاد الأوربي.

ففي سابقة خطيرة قامت جمهورية التشيك بمصادرة شحنة من المساعدات الطبية الصينية إلى إيطاليا، مدعية أن الأمر وقع بالخطأ خلال ملاحقة عدد من الأفراد الذين يتاجرون في المعدات الطبية في هذا الوقت الحرج.

أما ألمانيا فقررت حظر تصدير مستلزمات الوقاية الطبية للخارج.

الإجراءات الفردية لدول الإتحاد الأوروبي ستؤدي إلى بداية تفكك الإتحاد 

كل هذا كان له دلالات قوية ألقت بظلالٍ من الشك على مدى جدوى استمرار هذا التكتل، ويتضح ذلك من تصريح لمارين لوبان: الاتحاد الأوروبي هو الضحية الأولى لفيروس كورونا.

ان الاجراءات الفردية من جانب أعضاء الاتحاد الأوربي لا تساعد على التماسك الأوروبي وينقض على التضامن الأوروبي، حيث أن الالتزام الواضح بالتضامن بين أعضاء الاتحاد الأوربي لم يعبر عن نفسه بصورة واضحة.

صمتت ألمانيا وتركت المجال للآخرين، خاصة في الأسابيع الأولى من الأزمة، استغل الصينيون على وجه الخصوص الفرصة لتقديم أنفسهم كمنقذين في جنوب أوروبا، وها هي الحكومة الفيدرالية الألمانية تشرع في اتخاذ بعض الخطوات المضادة، بدأت تستقبل العيادات الألمانية المرضى المصابين بأمراض خطيرة من إيطاليا وفرنسا، وتجلب آلات النقل والأقنعة الواقية وأجهزة التنفس التي تشتد الحاجة إليها إلى مناطق الأزمات الإيطالية.

بعض الصور التي تدل على ضعف التنسيق والتباعد بين دول الإتحاد الأوربي

ومع ذلك، لا تزال تهيمن صور أخرى ذات دلالات عميقة على الشبكات عبر الإنترنت، أهمها:

  • صور المدرعات والعربات الروسية وهى تجوب شوارع إيطاليا حاملة على متنها مساعدات وأطقم طبية
  • صور الأطباء الكوبيين الذين وصلوا إلى إيطاليا أيضاً والترحيب الهائل الذي قوبل به الأطباء.
  • صور تقبيل الرئيس الصربي لعلم الصين اعترافاً منه بدعمها ومساندتها لبلاده.
  • صور إنزال مواطن إيطالي لعلم الاتحاد الأوروبي ورفع علم الصين بدلاً منه

بعض المشاكل التي تعاني منها كل دول الإتحاد الأوربي في ظل الكورونا

ثم تأتى مشكلة اخرى وهى الركود الذى تنغمس فيه جميع البلدان بسبب فيروس الكورونا وتوابعه، حيث تشير جميع المؤشرات إلى مدى سوء الوضع الحالي، ويرجع ذلك إلى الانخفاضات في الإنتاج والطلبات والإحجام عن الشراء.

علاوة على أن عمليات إغلاق الحدود أدت إلى تفاقم أزمة الصناعة عبر أوروبا، في وضع تم تشبيهه بأنه ركود أسوأ مما كان عليه الوضع بعد الحرب في أوروبا، حيث أن المعركة ضد الفيروس ستؤدي إلى فترات توقف طويلة للإنتاج، مما يكلف كل شهر من عمليات الإغلاق كل دولة رئيسية في الاتحاد الأوروبي خسارة بنسبة 6 في المائة في الناتج المحلي الإجمالي.

كل تلك دلائل ومؤشرات قد لا تؤدى بالضرورة الى تفكيك التكتل الأوربي، ولكنها ستؤدّي حتمًا إلى إحداث شرخٍ في النسيج الأوربي، يتطلب الكثير من المجهود والتضامن والوقت  لعلاجه.

بقلم: محمد شادي

أضف تعليقك هنا