وطني

بقلم: انتصار المشرقي

أنت الأم التي حضنت أبناءها في أمر الأوقات الصعبة، أنت المعشوق و نحن المتيمون في حبك نحن العاشقين و السائرون في درب حبك -وطني-.

أحبكَ وطني رغم الجراح ورغم الألم

نحن نكذب عندما قلنا يوما ما أننا كرهنا الحياة، نعم اكتشفنا أننا كنا خاديعين لذواتنا، عندما سجنا و قيدنا داخل بيوت، نشعر و كأنها ليست بيوتنا، اشتقنا لرائحة المدن، التي تفوح من كل جانب، نحن لا نعرف مصدر هذه الروائح لكننا نعشقها، و نعشق أن نتنفسها بكل حرية، بينما بات السبات و حل الضجر و رأينا أن المدن و الشوارع خالية من العامة التي تجول و تمشي في أرجاء المعمورة، أحسسنا حينها أننا فقدنا حقاً طعم الحياة و لذتها، شعور سيء ينتاب الجميع حين غابوا عن شوارع مدنهم، مساجد، مدارس، معاهد، مقاهي، مطاعم، متاجر ملابس، سوق البائعين المتجولين كلها أغلقت، اصبح يسود المدينة هدوء من اعتدنا على صراخهم.

في ظل الحجر المنزلي أصبحنا مغتربين داخل أوطاننا

لقد اشتقنا الى نسيم الصباح الباكر الذي كنا نستنشقه و نحن امام بحر مدينتنا، كم هي مؤلمة هذه الايام و ثقيلة علينا، اشتقنا ان نعيش الحياة بكل بأسها و بطشها التي لطالما اشتكينا من عنفوانها الصاخب، اشتقنا ان نشتم رائحة التراب التي تفوح عند هطول المطر، اشتقنا الرحيل الى الشوارع ،ان نهرب منا اليها تأوينا المدينة بجمالها الفاتن و شمسها الساطعة ،اشتقنا ان نمشي فوق شواطئ بحرها ،ان نعانق النسمات الباردة عند الصباح الباكر و في اواخر الليل. وطني، مشتاقة انا كمغترب سافر و لم يعد، كأشتياق أم لابنها التي سرقته المنية، كسجين ينتظر اطلاق سراح، مشتاقة وزاد شوقي حين احسست بالغربة و انا احتويك.

تلك الضجة التي كنا نتذمّر منها إننا الآن نشتاقها بشدّة

اشتقت لرائحة القهوة التي تفوح من بين المقاهي، إلى صراخ الباعة، إلى عجوزة يجلس قرب شاطئ بحرك يتأمل سحر جمالك، اشتقت وزاد شوقي الى ضجيج الحياة داخلك، اشعر و اني متيم بحبك قاتلتي محتاجة لعناق جدرانك الجميلة أرهقنا الانتظار الطويل و نحن نأمل بداية جديدة غير التي نحن عليها الآن، بداية جميلة تحمل في طياتها تضحيات شعوب و عالم بأجملة، بعد فقدان رواح كثيرة ، تعبنا ونحن ننتظر قطار الفرح عله يمر و يأخذنا معه إلى حياة غير هذه الحياة المريرة، لقد سئمنا عيشنا الذي حكم عنا داخله بالسجن لأيام لا نعلم نهايتها، موطني ستظل مكرما مبجلاً ولا يموت شعبك سنعيش لأجلك و لأجل بهائك لأجل دموع اليتامى والمساكين فأنت من أويت شعب تمرد انت من قدمت شوارعك لكي يسكنها الكثير الذي لا يملكون مأوى غير شوارعك، نحن أقوياء و سنظل أوفياء لك يا وطني عله الفرج قريب.

سنعود قصتنا الأولى وينتهي هذا الكابوس ونقبّل ثراك “وطني”

سيهل علينا رمضان ولكن سوف لن تفوح الرائحة التي تعودنا عليها سوف لن نزور مساجدك يا وطن السلام، لقد أغلقت أبوابها ولا نسمع غير صوت الأذان، سوف لن نعانق نسمات رمضانك يا وطني يبدو أن الهدوء سيعم مرة ثانية و لن نسمع صراخ الأطفال و هم يلعبون و لن نسمع ضجيج المارة و السيارات التي تجول في أرجاء مدينتنا موطني هو الأرض التي تحتوينا، و القلب الذي يجمعنا بداخله، هو الحضن الدافئ الذي يحمينا ونربى بعزه، موطني تبقى الكلمات قليلة، التي نكتبها عن جمالك و وصفنا اليك لا يكتمل مهما بلغنا أسمى مراتب الوصف، أبلغ لك سلامي و عيناي تفيض دمعاً من شدة الحزن عليك، لا تبتئس اننا لك عائدون و سنقبل أرضك ونعانق هواء الحرية.

بقلم: انتصار المشرقي

أضف تعليقك هنا