يوميات كورونية

حديثاً صرتُ أسمع كلمة كورونا اعتقدت أنها نوع من أنواع التعذيب

كنت معتقلاً معزولاً في سجون الأسد، عارياً من ملابسي تماماً لا يسترني شيء سوى كرامتي المختبئة في فؤادي ، لم أرَ وجهي منذ شهرين لقد نسيت تفاصيلي و أنستني إياه تقرحات جسدي من التعذيب المديد ، تك… تك.. تك… لا لا إنه ليس صوت الساعة بل صوت مياه الصرف الصحي في زنزاناتي ، حديثاً صرت أسمع كلمة (كورونا) لم أعرف ما هي قلت في نفسي لربما هي أداة تعذيب جديدة!!

لم أكن أرى الشمس ولا أعلم هل الوقت ليل أم نهار؟

لا صوت يعلو هنا سوى صوت الشتائم و الكفر ثم صوت السياط وآلات التعذيب ، و قد طغى صوت المستنجد من الألم يا اااااالله صوت كل ما ذكر ، قطعة صغيرة من الطعام لا تسد ربع رمقك المهترئ بها وهذه القطعة فقط لتبقى حياً و يتمكنوا من الاستمرار في تعذيبي قدر المستطاع ، اشتقت لرؤية الشمس و لو من فوهة صغيرة ، ما هو الوقت الآن؟ أيا ترى الآن ليل أم نهار ؟كنت أبحث عن أحد أكلمه شعرت بأني نسيت الكلام.

مرارة السجن والتعذيب فيه

أريد أن أشعر بأني إنسان ، ماذا يحدث في الخارج هل من أحد يعلم بأني هنا، يا ربي كل يوم أردد نفس الكلام ، حقيقة لا أعرف إن كنت كل يوم أم كل ساعة فالوقت هنا متواصل مع بعضه ،اليوم دوري في التعذيب صوت الباب يفتح ويأتي الحارس المتعجرف يضع العصبة على عيني و يسوقني إلى السعير مع لكمات و صفعات و ركلات تهوي بي يميناً وشمالاً؛ الآن رفسة قوية جداً لتطيحني أرضاً ، وفجأة أفتح عيوني و أرى نفسي وقعت من سريري المريح و أنا في المنزل لوهلة بدأت أوزع نظراتي حولي ولا أصدق الحمدلله أنا هنا الحمدلله.

اِحمدْ الله أنك في الحجر الصحي وليس في السجون

في الحقيقة يا عزيزي/ة إن ربط هذه الأمور هي الأجدر كي تخلصك من بوتقة الوهم المسجون فيها .اتجهُ نحو النافذة و يتراءى لي المنظر من خلف النافذة وكأنه أجمل بكثير من الحقيقة ، لابدَّ أن الأشياء عن بعد أجمل منها عن قربْ ،أشعة الشمس الذهبية التي تتدفق من خلف الزجاج لتصب في ورقتي التي يسيل عليها قلمي الذي يكاد يجف من الوحدة؛و شجرة الخوخ التي اخضرت أوراقها لتفسر مجيئ الربيع بهدوءٍ لعلهُ يكون صاخباً ، أجلس و كأني متقاعد من وظيفتي التي لم أحصل عليها بعد ، كأني فعلت كل شيء ووصلت إلى نهاية العمر و مازلت في مقتبلهِ ، تتطاير أنغام أم كلثوم إلى أذني لتصبَ عليها و تطربني ، لن أطيل أكثر لأنني لستُ الوحيد في الحجر الصحي.

تذكر أُناساً حجروا سبع سنوات مرغمين مظلومين مختبئين من قصف الطائرات

لا أودُّ أن أنكئَ جراحاً لا يبدو أنها اندملت ، اسمع يا عزيزي/ة نحن الآن محجورون لنقيَ أنفسنا من هلاك قد يصيبنا ، تفكّر قليلاً وتذكر أناساً قد حجروا سبع سنوات مرغمين مظلومين مختبئين من قصف الطائرات من دون مقومات الحياة قط ، فأنظر إلى النصف الممتلئ دون إهمال الآخر ؛السجن في المنزل لا لن نسميه سجناً بل إنه حجر لعله يكون لتوطيد العلاقة مع نفسك و ربك و ربما عائلتك قد تنزعج من أصوات الأولاد والشغب وصوت المكنسة الكهربائية و تمل من اليوتيوب وتصفح الإنترنتو تمل من زوجتك إن وجدت وأصدقائك أيضاً.

إنك الآن تعيش بنعمة لا تقدر بثمن اصبر واحتسب 

مع هذا لعلك تقضي وقتاً طيباً في تناول بعض الأطباق الشهية ومن أصناف متعددة أيضاً ، ولكن ستشعر بقيمة هذا بما قرأت أعلاه.الآن وقت غروب الشمس وكل شيء يتراءى بوضح ، العصافير العناكب و القطط تتنزه بحرية تامة وأنا احتمي بجدران المنزل ، هناك انطباعات يرسمها ذهني بشأن ما أرى ، أتذكر غار حراء الذي اعتصم به البني صلى الله عليه وسلم وصاحبه أبو بكر رضي الله عنه وكانت العنكبوت و الحمامة أحراراً ، اعلم أن هناك أقوال عديدة عن هذه القصة ولكن ما المانع بأن نستحضرها الآن ونكون مثلهم ونحتمي من الخطر .أرجوك يا عزيزي/ة إنك الآن تعيش بنعمة لا تقدر بثمن اصبر واحتسب و اذكر إخوانك المعتقلين بدعاء صالح و ابقى في بيتك آمناً مطمئناً إلى أن يأذن الله.

فيديو مقال يوميات كورونية

 

أضف تعليقك هنا