المشاعر المقدسة في المدينة المنورة -المسجد النبوي الشريف

بقلم: د. ايمان يوسف عقرباوي

حطت بنا الطائرة بمطار الأمير محمد بن عبد العزيزالدولي، غرب المملكة العربية السعودية في المدينة المنورة، وفتحت لنا بوابة المطار لنقف على أول عاصمة في تاريخ الأسلام، وثاني أقدس الأماكن بعد مكة المكرمة، نعم وصلنا الأراضي المقدسة. وعلى بعد 15 كم، يقع المسجد النبوي الشريف، في وسط المدينة المنورة، حيث نزلنا بفندق جوار الحرم النبوي الشريف، وفي اليوم الثاني، وصلنا إلى الحرم من باب السلام، فكان أجمل ما رأيت وأعذب ما سمعت من الآذان، بروحانية وحرارة الأيمان ملئت الوجدان، وتقودني  الذاكرة إلى تسلسل الأحداث، عن مراحل بناء وتوسع المسجد النبوي الشريف بمساحاته وساحاته كما نراه الآن؟

مراحل توسع المسجد النبوي الشريف

لما قدم الرسول الله علية السلام بنى مسجده في السنة الأولى للهجرة، بمساحة 1050م²، وفي السنة 7 هـ توسع في مساحتة ليصبح 2475م². وشهد عهد الرسول عليه السلام تغيرات ديمغرافية، فزادت هجرات المسلمين إلى المدينة المنورة، وقدر عدد سكانها عند وفاة الرسول بـ 60 ألف، بالمقابل نزحت قبائل يهودية (بني قينقاع، وقريضة وبلغ عددهم 6-7 آلاف)، ثم توالت توسعات المسجد النبوي الشريف في عهد عمر وعثمان رضي الله عنها ، فكانت منطقة المسجد النبوي  وما حوله هي مركز المدينة، الذي يحيط به كل من؛ (قربان والعريض والعوالي من الشرق، والعقيق والعنابس والجرف من الغرب، والعيون من الشمال). ( جزاك الله عن أمتك خير جزاء يا خير خير البرية، سيد الكون والثقلين، أسست مركزاً لانطلاق الحق وتصحيح مسار البشرية )، ورضي الله عن ابي بكر وعمر.

التوسعة السعودية الأولى

شهد المسجد النبوي توسعة على يد الملك عبد العزيز عام 1370هـ ، وكانت التوسعة من الجهات الشرقية والغربية والشمالية، وأنتهت 1375 هـ ، واصبحت مساحة الحرم النبوي الشريف 16327 م²، خلالها تم أضافة مساحات جديدة وترميم أجزاء من المسجد.

التوسعة السعودية الثانية

امتدت التوسعة السعودية الثانية من 1405هـ – 1414 هـ (1984م- 1994 م)، وكانت هذه أكبر توسعة للمسجد النبوي الشريف، وتكون مبنى المسجد من عدة طوابق ” طابق سفلي، طابق أرضي، طابق علوي يضم قباباً ورواق” وضمن هذه التوسعة تم المحافظة على المآذن القديمة، والقبة الخضراء. بلغت الزيادة في هذه المرحلة 82000م² ، وبذلك أصبحت مساحة المسجد النبوي الشريف 98500م² وبطاقة استيعابية 167000 مصل، والمساحة المخصص للصلاة على السطح للتوسعة الجديدة 67000م² بطاقة 9000 مصل. وقدر عدد المصلين في المسجد والساحات والسطح (707 ألف مصل )، وفي أوقات الذروة يصل الى مليون مصل.

المساحات الخارجية

يحيط بالمسجد النبوي الشريف مساحات واسعة ، تميزت بأنها مبنية  من الجرانيت والرخام، بألوان وأشكال هندسية جميلة، وتتضمن مواضئ سفلية، ومواقف سيارات. وتراوح عرض المساحات الغربية، والجنوبية و الشمالية بين (100م – 150 م)، اما الشرقية كانت بمساحة أقل عرضاً نظراً لوجود مقبرة البقيع. ومن خلال التوسعة السعودية الثانية تم الأهتمام بالمساحات الخارجية حول المسجد، ليبلغ مجموعها 235000م², وبطاقة استعابية 450 ألف مصل.

أضرار أصابت المسجد النبوي الشريف

تعرض المسجد النبوي الشريف لحريق عام (654 هـ) في العهد العباسي، وفي عام 655هـ أعيد تجديد المسجد، وتكرر الحدث عام 886 هـ، حيث أحترق المسجد للمرة الثانية في تاريخة بسبب صاعقة أصابت هلال المنارة الشرقية، وأعاد السلطان قايتباي تجديد عمارة المسجد النبوي، وإضافة ما مساحته 120 م². وفي عهد الملك خالد وقع حريق في المنطقة الجنوبية الغربية من المسجد.

معالم المسجد النبوي الشريف

  • الروضة الشريفة: هي موضع يقع بين المنبر وحجرة النبي عليه السلام، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “ما بين بيتي ومنبري روضة من رياض الجنة ومنبري على حوضي” رواه البخاري. ودفن عليه السلام في حجرة عائشة رضي الله عنها. وتقع الحجرة النبوية الشريفة في الركن الجنوبي الشرقي من المسجد النبوي، وبنيت عليها قبة خضراء. ولما مات أبو بكر الصديق “رضي الله عنه” أذنت السيدة عائشة أن يدفن خلف النبي عليه السلام بذراع, ولما مات الفاروق عمر بن الخطاب “رضي الله عنه” دفن مع صاحبيه خلف الصديق بذراع. وأعاد عمر بن عبد العزيز بناء الحجرة الشريفة بأحجار سوداء (88- 91 هـ).
  • المكتبة: تأسست في عام 1352هـ، باقتراح من مدير الأوقاف في المدينة المنورة عبيد مدني ،كان أول مدير لها أحمد ياسين الخياري، وتضم 172548 كتاب، ويزورها سنويا 700 ألف زائر.
  • المظلات: بلغت المساحة التي تغطيها المظلات 143 ألف م²، ضمت 250 مظلة في الساحات الداخلية والخارجية، وتعمل بشكل آلي، وتتسع لـ 800 مصلي، والمساحة التي تغطيها الواحدة منها 576م². وحجم الواحدة (25,5م*25,5م)، وزن الواحدة 40 طن، صممت لوقاية المصلين من حرارة الشمس ومن المطر في حال هطوله.
  • القباب: تعتبر القبة الخضراء المبنية فوق الحجرة النبوية الشريفة من أهم معالم المسجد النبوي الشريف، وهناك 170 قبة رصاصية، 27 قبة متحركة.
  • مداخل المسجد: بلغ عدد أبوابه في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم ثلاثة ابواب. أما الأن فان عددها 41 مدخلاً (بعضها يتكون من باب، أو بابان، أو ثلاثة أبواب، أو خمسة أبواب متلاصقة). وبلغ العدد الأجمالي للابواب 85 بابا، ومنها (باب جبريل في الجدار الشرقي، باب النساء في الجدار الشرقي، باب الرحمة بالجدار الغربي، باب السلام في الجدار الغربي)ِ
  • بئر حاء: تقع داخل المسجد النبوي الشريف من الجهة الشمالية، بالقرب من باب الملك فهد، كان يملكه الصحابي أبو طلحة الأنصاري، تصدق به عندما نزلت الآية “لن تنالو البر حتى تنفقوا مما تحبون”، وكان الرسول يستعذب ماءها.
  • المآذن: لم يشهد المسجد النبوي الشريف وجود مآذن في عهد الرسول علية أفضل السلام، ولا في عهد الخلفاء الراشدين. فكان عمر بن عبد العزيز أول من أحدثها أثناء التوسعة عام 91 هـ، حيث بنى 4 مآذن. وتم هدم وترميم وبناء مآذن في التوسعة السعودية الأولى والثانية فأصبح مجموع المآذن المسجد 10 مآذن.

هذا هو المسجد النبوي الشريف، الذي يضم جسده الطاهر النبي المصطفى الأمين وإلى جواره صاحبيه رضي الله عنهما، وأبرز معالمة ومساحاته وساحته. مولاي صلي وسلم دائما أبداً على حبيبك خير خلق الله كله، الحبيب الذي ترجى شفاعته – رضينا بالله ربنا وبالإسلام ديناً وبمحمد نبيا ورسولا. أدام الله علينا نعمة الإسلام، وشرفنا بزيارة المسجد النبوي الشريف.

المصادر:

  1. موقع الرئاسة العامة لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي.
  2. وكالة الرئاسة العامة لشؤون المسجد النبوي.
  3. الرويثي، محمد أحمد، وخوخلي، مصطفى محمد، 1418/ 1997م المدينة المنورة البيئة والأنسان، الطبعة الأولى ، مركز بحوث ودراسات المدينة المنورة.
  4. https:www.al-madina.com
  5. https://ar.m.wikipedia.org

بقلم: د. ايمان يوسف عقرباوي

أضف تعليقك هنا