إلهنا أين أنت؟ هل تسمعنا وتجيب؟

بقلم: زينب الكاف

هذا المقال هو عن نقاش دار بيني وبين إحدى الصديقات في مجتمع #معاً عن دعاء الله سبحانه وتعالى وفهم الله لمراداتنا، طرحت الصديقة هذه العبارة ومن هنا انطلق النقاش:
لاحظت في دعاء البعض أنه يكتب ويقول في دعائه ما لا يريده مثلًا: الله لا يحرمنا منك، الله لا يفرقنا، الله لا… الخ، هنا في هذه الأمثلة يدعو الشخص بما لا يريد، فيحصل على ما لا يريد، والصحيح أننا حينما ندعو الله ندعوه بما نريده فعلا فنقول مثلًا: الله يطول في عمرك، الله يجمعنا على الخير، الله يكتب أجرك، الله يرزقك وهكذا.

حوارٌ بنَّاء وتبادل الرؤى

-أنا: ربي من ألهمنا للدعاء ويعرف نوايانا هو ليس بشر لنوضح له.
-الصديقة: صحيح ربي هو من يلهمنا الدعاء ونحن ندعوه ليحقق لنا ما نريد.
-أنا: لا نحن ندعوه لأنه الله وليس ليحقق لنا ما نريد فقط، وليس نحن نعرف ما نريد وما لا نريد فقط، وعندما نقول الله لا يفرقنا هي رجاء الله بألا يفرق الشمل وليس بأن يفرقه، هكذا أفهمها لبشر، أما الله يعرف مقصدي.
-قال من شدة الفرح: اللهم أنت عبدي وأنا ربك! أخطأ من شدة الفرح.
-الصديقة: الله يعرف مقصدنا، ويحبنا ويغفر لنا كذلك فهو أرحم بنا من أنفسنا، وندعوه لأنه هو الله، وهو الذي أمرنا بدعائه فقد قال” ادعوني استجب لكم” أما عندما نقول نحن لا نعرف ما نريد، وما لا نريد فهنا مثلًا عندما نريد الماء نطلبه ونحن نعرف ما طلبناه، وعندما نريد طبقًا مالحاً أو حلوًا نتخيل شكله، ولونه، وطعمه وإلا لم ولماذا طلبناه من الأساس أليس كذلك فكيف لنا أن ندعو الله ولا نعلم هل ما طلبناه هو ما نريده أم لا نريد؟ ولم نحزن، أو نفرح بتحقق ما طلبناه ونحن لا نعرف أذا كان هو ما نريد أو لا.

ويستمرُّ النقاش حول أداة النفي في دعائنا

-أنا: ليس نحن نعرف ما نريده وما لا نريده ولذا وجدت الاستخارة، ومقاصد نياتنا يعلم الله بها، فالله يعلم أني بنفي هذه الجملة هذا الأمر، أعيد وأقول لا نعامل الله أستغفر الله كبشر، والأمر والآخر هو من أعطاك هذا الخيال وهذه الإرادة فهو يعلم مقصد هذه الإرادة، إن قلت دعوة غير جيدة على شخص اعتقدت أنه ظالم وهو مظلوم، هل عليَ أن أقول أن الله يستجيب ما أريده أنا، لا تعالى الله عن ذلك، هو يعلم من الظالم ومن المظلوم، وهو يستجيب ليس أنا من أحدد بإرادتي.
-الصديقة: جملة النفي قد نكون اعتدنا عليها في وعينا الجمعي وأصبحنا نرددها ولا نقصد بها الكلام المنفي وبما أننا واعين لما نقول فنحن ندعو بما نريده حرفيًا.
-أنا: من يعرف المقصد ومن أعطاك القدرة على قول وطلب ما تريد؟ ومن أعطاك هذا الإلهام للدعاء؟ وقال فإني قريب، لم يقول إن قلت هكذا سأستجيب لك وإن لم تقل حرفيا ما تريده لن أعطيه لك، لا تعامل بمقايضة- تعالى الله عن ذلك- الله إن قلت يارب فَهِم وعالم ومحيط بكل شيء، لأنه الله وليس أحد آخر، الله سبحانه وتعالى يقول “ولو يؤاخذ الله الناس بما كسبوا ما ترك على ظهرها من دابة”

والوعي أن تعرف كيفية التعامل مع الله لا مع بشر، لا مع بشر، لا مع بشر، ومع كل ما ندعو به ونعمل من أجل أن يتحقق إن لم يستجاب هل هي بسبب ضعف إرادتنا في الدعاء؟ أم أن الله أراد وعلينا التسليم له، لأنه عندما خلق هذه النفس هو من جعلها تتحدث، تتحرك، وتقوم ليس هي من عليها أن تُفهم خالقها ما تريد، الله يفهم ويعلم ويريد ويشاء ويفعل ما يريد وعالم ومحيط بكل شيء.

الله ليس كمثله شيء وخطابنا له خطاب من نوع خاص بين عبدٍ وربّه

-الصديقة: نعم كلامك صحيح فااالله يعلم ما بأنفسنا، وأما استجابة الدعاء فقد قيل: إما أنه يستجيب دعائك، أو يصرف عنك به شيئًا، أو يدخره لك، ونحن حين ندعوه، نخبره بما في قلوبنا ونحدثه ونناجيه، وقد تعلمنا سابقًا آداب الدعاء، ولست بحديثي هذا أقول لكِ أن تلتزمين به، لكِ أن تجربي ذلك وتشاهدي الأثر الذي تتركه، تلك الكلمة، ولكِ أن تتركي الأمر برمته، وحديثي هنا عن أثر تغيير الكلمة.

-أنا: نعم نخبره بما في قلوبنا ولذا هو وحده يعلم مقصدنا وما في قلوبنا، وأما استجابة الله للدعاء ليس بسبب شيء أنت تفعله، عليك الدعاء ولا يوجد طريقة معطاة يستجاب بها وإلا لكلنا اتبعناها، وعندما نقول أثر الكلمة هذه مع بشر، أما مع الله فالوضع مختلف، الله يعلم نوايانا ومقاصدنا لأنه الخالق ونحن المخلوق وهو غني عن كلماتنا، و نتأدب مع الله نعم وأكيد، لكن إن نسينا أو أخطأنا فالله يعلم أننا ندعوه يارب لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا، نحن البشر لسنا معصومين، مهما قلّبنا الكلمة، والله يعلم ذلك ولو لم نخطئ لأتى الله بأقوام آخرين يخطئون ويستغفرون، تعاملنا مع الله في الدعاء وفي أي عبادة هي رجاء الله أن يتقبلها، وعندما نتحدث مع الله نتحدث مع كبير ليس مع بشر يحاسبك على كل خطأ تقوله، مهما حاولت فأنت بشر، ولا أرى في هذه العبارة أي مقصود سلبي حتى تغير أساساً.

كلٌّ منا يفهم العبارات من وجهة نظره

نقاشنا ليس للإقناع أو التجربة، نقاشنا من أجل فهم التعامل مع كل ما نسمع وما يمر علينا، ليس كل عبارة هي العبارة المناسبة، لكن كل عبارة هي قابلة للفهم وإعادة التفكير فيما اعتدنا عليه كما طرحت مسبقاً وأخيرا المقصود تغيير الكلمة عندما أسيء بها لا عندما يفسرها بشر فيريد تغييرها حسب ما يراه، وما ثبت بغير دليل فهو مجرد كلام محاط بالبشرية.

-الصديقة: نعم كلٌ منا يفهم العبارات من وجهة نظره ومعتقداته واختلافنا هو ما يثري الموضوع.
-أنا: الدين ليس وجهات نظر، مع هذا تعلمين هو وجهات نظر في الوقت نفسه، لهذا تعدد العلماء، ولهذا نتفكر، الله يطلب منا أن نتفكر، ونتيجة التفكر ليست واحدة، الله يحاسبنا على ماوصلنا إليه في عقولنا طبعاً بعد البحث والتقصي من مصادر العلم.

هناك تقصير وهناك قصور: الله يسامح على القصور الإجباري كأن تكون في الصحراء، ولكن لا يسامح على التقصير، كأن تعرض عن العلم الديني كله بأقسامه من عقائد وفقه وفلسفة وفكر وبحوث عميقة وثقيلة، ثم تصنع دينك الخاص وتقول هذا الإسلام، أو تتبع كلام شخص ولد اليوم ولديه آراء أخذها أساساً من فكر مغاير.

بقلم: زينب الكاف

أضف تعليقك هنا