المثقف وشباك السلطة

بقلم الكاتب: صلاح الشتيوي

العلاقة بين الثقافة والسياسة

إن العلاقة بين الثقافة والسياسة تراوحت بين الهيمنة والتبرير بين الاستعمال والتوظيف وكانت ولاتزال هاته العلاقة تشهد مراوغة وخضوع وسنقوم في هذا المقال لتسليط الضوء على هاته العلاقة بالنقد والتوضيح.

المشهد السياسي والساحة الثقافية

نلاحظ في هاته المدة تزايد للنقاشات الساخنة وكثرة الشتيمة وتوتر العلاقات وتبدل النقاش بين الفرقاء الى شتائم وسباب وبث الاشاعات وانفلتت الامور ولم يعد هناك حوارات تفيد الامة بل نقاشات تزيد الاجواء العامة توترا وغمة. غابت العقول الرصينة واصحاب التفكير السوي على الساحة وحل محلهم زارعي الفتن والفوضى وأصبح المشهد السياسي مقرف وبقي نقد المثقف وكلامه غير مفيد.لقد تمزقت بعد الثورة صورة المثقف القديمة والمعروفة، صورة العارف بكل شيئوتبعية الفرد له والتأثر به، وأصبحت هناك حرية في تفكير المواطن ولم يعد المثقف بمقدرته التحكم في الشارع وانفلت من بين يديه.لم يعد للمثقف بعد الثورة القدرة على تحريك الجمهور متى أراد واسكاته عند تمرير الصفقات مع الحاكم على حساب الشعب التعيس.

تسيس المثقف

نقصد في مقالنا هذا المثقف المفكر والباحث لا المثقف المتلقي، ان المثقف لغة مشتق من ثقف وتعني سرعة الفهم والفطنة وحدة الذكاء، وسرعة التلقي والتعلم. فهو إذا اي المثقف غير مرتبط بعدد الكتب التي قراها او بالشهادات العلمية التي تحصل عليها، فالذكاء هو من اهم صفات المثقف المفكر.اذ بمقدوره ايصال افكاره للناس بطريقة سهلة وناجحة.في النظام البرجوازي الرأسمالي يتم تسيس المثقف او المفكر بما ينتجه من ايديولوجيات والتي يتم استغلالها من طرف السلطة الحاكمة. على الرغم من ان شعوب ما بعد الثورة لم تعد تتأثر بما يقوله المثقف بل أصبحوا يعرفون أكثر من المثقف ويعبرون على مشاكلهم بشكل جيد، ولان السلطة ونظامها لا تريد ذلك لا تريد المعرفة فهي لها قوة الرقابة العليا.

لقد أصبح المثقف هو جزء من نظام القوة التي تستعملها السلطة تحت شعار ” الوعي ” وغيره من الكلمات الرنانة.
وأصبح هناك مثقفون مزيفون يصنعهم الاعلام فيصبحون خبراء في الكذب وتصبح هاته الفئة مستحوذة على الفضاء الاعلامي والثقافي توجه العامة الى ما تريد السلطة.ان العلاقة بين المثقف والسلطة علاقة مريبة يطغى عليها الشك وعدم المصداقية لكل منهما للآخر.تستعمل الانظمة الظالمة المثقفين المأجورين لظرب الشرفاء ان الثقافة والسلطة متلازمان فالسلطة تحتاج المثقف لإضفاء الشرعية على سياساتها وهكذا تعمل السلطة على تصنيع مثقفين وثقافة على قياسها.

يوجد نوعين من المثقفين

هنا نجد نوعين من المثقفين:

النوع الأول

دوره التصفيق والتطبيل للحاكم لمصلحتهم الشخصية وخدمة لحكامهم.

النوع الثاني

والنوع الثاني من المثقفين هم من عانوا من السجون والتهميش لرفضهم التطبيل والتصفيق للسلطة.

عندما قال المثقف الحقيقة

كان المثقف دائما هو الذي يعري الحقيقة فقبل الثورة لم يكن المواطن العادي له الجرأة على نقد السلطة او تعريتها ولكن المثقف كان يفعل ويسجن ويضرب وهاته حقيقة.وكان المثقف متصف بالبؤس والرافض والملعون والمخرب والفاسق.
بالرجوع الى التاريخ فان المثقف في كل دول العالم تم رفضه واضطهاده عندما قال الحقيقة للناس عندما كانوا لا يروها او يخافوا من ذكرها.ان المثقف بضميره الحي وبلاغته أمكن له التأثير وفك اهتمام الناس بما يقول عندما كان نقد السلطة والحاكم تسبب في معاقبة المثقف وارساله الى السجن. ان سلاح المثقف وقوته وادواته قوامه: المعرفة -الحقيقة-الضمير والكلام.

دور المثقف المعاصر

ان على المثقف ان يجد ويعمل على تكوين الافكار وان ينقد الفساد بكل حرية وشجاعة دون ان يخضع لابتزاز السلطة او هرسلتها.عليه ان ينقد السلبيات ان كانت في المجتمع او في السلطة بكل حرية دون ان تأثر عليه او ترهبه وعلى الناقد ان يكون نقده بناءا مفيدا يساهم في التغيير الى الاحسن.

في الماضي كان نضال المثقف مرتكزا على الوعي فتوعية الناس كان الهدف لكن باكتساب المواطنين المعرفة والوعي بالتعليم ووسائل التواصل والاعلام خاصة المرئي وأصبح ايضا من السهل توجيه وعي الجمهور الى ما يخدم الحاكم ليسيطر على الحكم والمحكومين. كان هناك دوما رابط بين قول الحقيق والعدالة في كل العالم فالسلطة تستغل وتتحكم في العدالة وتلجم الحقيقة على حساب الشعب.فكانت دوما كل معركة يشنها المثقف او الشعب ضد العدالة هي في الحقيقة محاربة السلطة.

بقلم: الكاتب صلاح الشتيوي

 

أضف تعليقك هنا