المشاعر المقدسة في المدينة المنورة (1)

بقلم: د. إيمان عقرباوي

ما المشاعر التي تنتابك عند رؤيتك للمدينة المنورة؟

وأنا أستعد للسفر من المدينة المنورة، وتتساقط أغراضي الواحدة تلو الأخر في قعر حقيبتي، أستقر فوقها صورة لمدينة سكنت قلبي وسكنت بها لأعوام، وإلى جوار الحقيبة حبات تمر وماء زمزم، لا يلبث زائر المدينة أن يحملها لأهل بيته -تمر المدينة وماء زمزم- عندها شعرت بأنها ساعة الفراق، يعتصر القلب حزنا وتذرف العين دمعاً على طيبة الطيبة، لطالما حلمنا أن نصل إليها وتطأ قدمانا ثراها، ونصلي ونسلم على الحبيب المصطفى.

في هذه اللحظات وفي مواقع التواص الاجتماعي طرح علي السؤال ما هو شعورك عندما تعيش في المدينة المنورة؟
جلست أياماً والسؤال يتردد في مخيلتي، نبض القلب وعجز اللسان، كيف أجيب على السؤال، من أين أبدأ بالجواب فقد حيرني السؤال، وأقول للسائل تمهل؛ انظر إلى مدينة ازدانت بالأنوار عندما تراها من السماء في ليلة مظلمة في المكان، ترى النور يشع من قلبها أشعاع، من روضة شرفها الله باحتضانها آخر المرسلين والأنبياء.

طمأنينة وأمان برؤية مآذن المدينة المنورة والصلاة في مساجدها

عندما تقف على أعتاب المدينة المنورة تعصف بك مشاعر مختلفة، يختلط فيها الزمان بالمكان، ويشتم أنفك عبق التاريخ، ومن سكن بالمكان. وذاكرة تقودك إلى قائد ومؤسس الدولة الذي ألف بين المهاجرين والأنصار، جاهد وبنى وارتقى بالإنسان، وترك لنا مناهج حياة، وتجتمع عليك ذاكرة المكان والزمان .”وتصلي على الحبيب المصطفى” ومسجد تشد الرحال إليه، وتصل إلى المسجد النبوي وترى 10 مآذن ترتفع وتعانق السماء، وترسم أجمل لوحة فنية غاية في الجمال، ويقع بصرك على المأذنة الجنوبية الشرقية (الرئيسية) وهي المجاورة للقبة الخضراء, وتطأ قدماك ساحات واسعة ملساء، تكاد تنزلق من فوقها انزلاق، تناثرت فيها أعمدة أنارة ومظليات، وترفع مآذن المسجد النبوي الآذان حي على الصلاة، تمشي بطمأنينة وأمان إلى الصلاة، ويفد الناس من كل مكان وتقام الصلوات في المسجد والمصليات، امتلأت الساحات والأسطح وفي كل مكان خلف أمام واحد واقف في المحراب، وأنت الآن في ثاني أقدس موقع في الإسلام (بعد المسجد الحرام في مكة المكرمة). صلاة فيه تعادل 1000 صلاة في غيره إلا المسجد الحرام. فهو خير مكان يقصدة الناس، يغمرك شعور كله مملؤ بالإيمان، أنظر إلى المصلين اتصفوا غاية في الهندسة تخطف الأنظار، كأسنان المشط في الساحات من كل الأجناس والأوطان. وتعددت لغاتاتهم وألوانهم، لا تعرفهم عن اليمين وعن الشمال سوى أنهم مقبلين على الصلاة.

إكبار وإجلال للبقيع حيث مرقد الأنبياء والصحابة

وسرعان أيها السائل ما تقودك قدماك إلى روضة من رياض الجنة، إلى الروضة الشريفة، يخفق القلب ويلهج اللسان بصلاة والسلام على أشرف خلق الله “صلى الله عليه وسلم” أي شرف لك في هذا المكان “صلى الله وسلم عليك وعلى آلك وأصحابك، جزاك الله عن أمتك خيراً، اللهم آته الوسيلة والفضيلة، وابعثة المقام المحمود الذي وعدته”، ثم تسلم على أبو بكر الصديق رضي الله عنه، وتسلم على عمر رضي الله عنه. وتعرج لسلام على من يرقدون بسلام من أهل البقيع وتدعوا لهم، وتقرأ بخشوع قوله تعالى:”يا أيتها النفس المطمئنة ارجعي إلى ربك راضية مرضية، فادخلي في عبادي وادخلي جنتي”.

خشوع واطمئنان بعبادة الله والتقرب إليه

وعندما تضمد الجراح، وتسير مع السائرين إلى الله، ترفع كفيك إلى السماء وتدعو الباري المولى بلا انقطاع، بقلب يملؤه انشراح، ودمعة تروي خدك على ما فات، وبقلب مطمئن معلق بذكر الله. وترى ببصيرتك أبواب السماء وأنت على أمل ورجاء، بأنك مع الله الواحد القهار، عندها تنسى الدنيا وما أصابها من غرور وكبرياء تغزوها نزوات وسخط الحفلات، تعيش أيامك بأجواء روحانية فريدة، وترجع إلى أهلك بقلب مملؤ بالإيمان، وتبقى أيامك وسنواتك بمدينة رسول الله في الذاكرة، التي لا يمحوها الزمان، لعلك تعود يوما دون انقطاع. وأنت أيها القارئ ما هو شعورك عندما رزت المدينة المنورة؟

بقلم: د. إيمان عقرباوي

 

أضف تعليقك هنا