المشاعر المُقدّسة في المدينة المنورة

بقلم: د. إيمان يوسف عقرباوي

وأنا أستعد للسفر من المدينة المنورة ، وتتساقط أغراضي الواحدة تلو الأخر في قعر حقيبتي ، أستقر فوقها صورة لمدينة سكنت قلبي وسكنتُ بها لأعوام ، وإلى جوار الحقيبة حبات تمر وماء زمزم ، لايلبث زائر المدينة أن يحملها لأهل بيته – تمر المدينة وماء زمزم – عندها شعرت بأنها ساعة الفراق ، يعتصر القلب حزناً وتذرف العين دمعاً على طيبة الطيبة ، لطالما حلمنا أن نصل إليها وتطأ قدمانا ثراها، ونصلي ونسلم على الحبيب المصطفى.

ما هو شعورك عندما تعيش في المدينة المنورة؟

في هذه اللحظات وفي مواقع التواص الأجتماعي طُرح علي السؤال ما هو شعورك عندما تعيش في المدينة المنورة؟جلست أياماً والسؤال يتردد في مخيلتي ، نبض القلب وعجز اللسان ، كيف اجيب على السؤال ، من اين أبدأ بالجواب فقد حيرني السؤال، وأقول للسائل تمهل ؛ أنظر الى مدينة أزدانت بالأنوار عندما تراها من السماء في ليلة مظلمة في المكان ، ترى النور يشع من قلبها أشعاع ، من روضة شرفها الله باحتضانها أخر المرسلين والأنبياء.

يدُقُّ قلبك وتعصف بكَ مشاعر مختلفة؟

عندما تقف على أعتاب المدينة المنورة تعصف بك مشاعر مختلفة ، يختلط فيها الزمان بالمكان ، ويشتم أنفك عبق التاريخ ، ومن سكن بالمكان. وذاكرة تقودك الى قائد ومؤسس الدولة الذي ألف بين المهاجرين والأنصار، جاهد وبنى وارتقى بالانسان، وترك لنا مناهج حياة ، وتجتمع عليك ذاكرة المكان والزمان .” وتصلي على الحبيب المصطفى”  و مسجد تشد الرحال اليه.وتصل الى المسجد النبوي وترى 10 مآذن ترتفع وتعانق السماء ، وترسم أجمل لوحة فنية غاية في الجمال ، ويقع بصرك على المأذنة الجنوبية الشرقية ( الرئيسية) وهي المجاورة للقبة الخضراء, وتطأ قدامك  ساحات واسعة ملساء ، تكاد تنزلق من فوقها انزلاق ، تناثرت فيها أعمدة أنارة ومظليات.

تشعر بالراحة والأمان؟

وترفع مآذن المسجد النبوي الآذان حي على الصلاة ، تمشي بطمأنينة وأمان الى الصلاة ، ويفد الناس من كل مكان وتقام الصلوات في المسجد و المصليات ، أمتلأت الساحات والأسطح وفي كل مكان خلف أمام واحد واقف في المحراب، وأنت الان في ثاني  أقدس موقع في الأسلام ( بعد المسجد الحرام في مكة المكرمة). صلاة فيه تعادل 1000 صلاة في غيره الأ المسجد الحرام . فهو خير مكان يقصدة الناس ، يغمرك شعور كله مملؤ بالايمان.

أنظر الى المصلين اتصفوا غاية في الهندسة تخطف الأنظار، كأسنان المشط في الساحات من كل الأجناس والأوطان. وتعددت لغاتاتهم والوانهم ، لا تعرفهم عن اليمين و عن الشمال سوى انهم مقبلين على الصلاة .وسرعان ايها السائل ما تقودك قداماك الى روضة من رياض الجنة ، الى الروضة الشريفة، يخفق القلب ويلهج اللسان بصلاة والسلام على أشرف خلق الله ” صلى الله عليه وسلم” اي شرف لك في هذا المكان “صلى الله وسلم عليك وعلى آلك وأصحابك، جزاك الله عن أمتك خيراً، اللهم آته الوسيلة والفضيلة ، وابعثة المقام المحمود الذي وعدته”، ثم تسلم على ابو بكر الصديق رضي الله عنه ، و تسلم على عمر رضي الله عنه.

تعيش أيامك بأجواء روحانية، وترجع إلى أهلك بقلب مملوءٍ بالإيمان؟

وتعرج  لسلام على من يرقدون بسلام من أهل البقيع وتدعوا لهم ، وتقرأ بخشوع قوله تعالى” يا أيتها النفس المطمئنة أرجعي الى ربك راضية مرضية ، فادخلي في عبادي وادخلي جنتي ” .وعندما تضمد الجراح ، وتسير مع السائرين الى الله، ترفع كفيك الى السماء وتدعو الباري المولى بلا أنقطاع ، بقلب يملؤه أنشراح ، ودمعة تروي خدك على ما فات ، وبقلب مطمئن معلق بذكر الله . وترى ببصيرتك أبواب السماء وانت على أمل ورجاء ، بأنك مع الله الواحد القهار، عندها تنسى الدنيا وما اصابها من غرور وكبرياء تغزوها نزوات وسخط الحفلات .تعيش أيامك بأجواء روحانية فريدة ،وترجع الى أهلك بقلب مملؤ بالأيمان ، وتبقى أيامك وسنواتك بمدينة رسول الله في الذاكرة، التي لا يمحوها الزمان، لعلك تعود يوما دون أنقطاع. وانت ايها القارئ ما هو شعورك عندما رزت المدينة المنورة ؟

بقلم: د. إيمان يوسف عقرباوي

أضف تعليقك هنا