واقع يثير القراءة

فيروس كرونا أو العدو المجهول الذي لا يرى ويهاجم الجميع بلا هوادة، دون تفريق بين غني أو فقير أو قوي أو ضعيف، فالكل سواسية أمام هذه الجائحة العابرة للقارات، والتي أعلن عن أول ضحياها في مدينة يوهان الصينية في شهر ديسمبر، لينتشر بعدها في المعمورة انتشار النار في الهشيم، حاصداً آلاف الأرواح بطريقة دراماتيكية شبيهة بأفلام الرعب التي لا نشاهدها إلا في سينما هوليود.

لقد طال الحجر الصحي الأسواق والمطارات وشلّ حركة الحياة

حيث دفع هذا الوباء بالإنسانية للدخول في حجر صحي ومنزلي لم يسبق له مثيل في التاريخ، فأُغلقت الأسواق والمراكز والمحلات والمطارات، بل وحتى دور العبادة كالمساجد والكنائس، إذ أن قبلة المسلمين أوصدت أبوابها، وألغت العمرة الرمضانية، حفاظاً على سلامة الزوار والعمّار، أما مدن العالم وعواصمه الكبرى التي بالكاد كانت تخلو من حركات البشر، أصبحت اليوم خاوية على عروشها، كأنها لم تُغْنَ بالأمس، فلا تشاهد في أزقتها غير الشرطة ورجال الأمن، ومواكب الجنائز وسيارات الإسعاف، فالكل أغلق بابه وحجر نفسه وأهله في منزله، ولم تتوقف مجازر هذا الفيروس عند حصد الأرواح فحسب، بل كشف هشاشة الاتحاد الأروبي وصندوق التعاون الدولي وهيئة الأمم المتحدة.

فلم يحركوا ساكناً، وتركوا إيطاليا وحدها تخوض المعركة ضد الوباء التي أصبحت بؤرة سوداء له، ووصل بهم الحد إلى قرصنة بعضهم بعضاً، في السيبل الحصول على الكمامات والأجهزة التنفس والقفازات، أمام مرآى وسائل الإعلام، يحدث هذا في ظل أزمة اقتصادية خانقة هوت بالبترول الأمريكي إلى ما تحت الصفر، كما أربكت الدولة النفطية القائمة على الريع، فكورنا أثر سلبا في كل الأصعدة سياسياً واقتصادياً واجتماعياً، غير أن الصين بعد سيطرت على الفيروس، انبرت داعمة للدول المتضررة، فبعثت بالأطباء والمساعدات لعديد الدول، على غرار إيطاليا التي تخلى عنها حلفاؤها في أوروبا.

حين اتجه الشرق لشراء السلاح تسلح الغرب بالبحث العلمي

لقد دخلت ألمانيا و السويد وأمريكا والصين وروسيا وغيرهم من دول العالم المتقدم، السباق لمن يصل أولا لإيجاد لقاح ينقذ البشرية من حرب البكتيرولوجيا، تمهيدا للزعامة العالمية التي تدور الرحاها الأزلية بين المعسكرين الشرقي والغربي، ولكلٍّ منهما حلفاؤه ومؤيدوه وكهنة معبده، أما العالم العربي بجامعته العربية الكسيحة، يبقى شاخص البصر، مكتوف الأيادي مما يجري، أو قل في غيابات جُب، والغريب أن بعض الدول الخليجية النفطية، أنفقت ملايير الدولارات في شراء السلاح والطائرات الحربية، مبالغ لم تنفقها كبرى دول العالم، التي استفاقت واتجهت للإنفاق على البحث العلمي والطب، هذا ما أهلها وأعطاها قدرة التعامل مع الأزمات وإدارتها بأقل الأضرار، وبخطة ذكية قوامها العلم، وهنا يتضح الفرق.

الأرض ترفض الضعيف وتحب القوي المتسلح بالعلم والوعي

إن الأزمات الإنسانية من سنن الكون ونواميسه التي لا تحابي أحداً، كالأوبئة والطاعون والحروب، فليس لها سابق إنذار، تأتي بغتة، ثم تنتهي بمخلفات لا يعلمها إلا الله، وأكثر من تأتي عليهم الشعوب الضعيفة المغلوبة على أمرها، إذ أن الأرض رغم اتساعها اللامتناهي، تضيق بالأمم الضعيفة المتخلفة، ولا تقبل إلا بالقوي البارع، المتسلح بالعلم والوعي، ويحكي الدكتور علي الوردي أنه لما انتشر الطاعون والكوليرا في العراق خلال القرن 19، أمر الباباوات المسحيين بالبقاء في منازلهم وعدم الخروج للأسواق حتى لا تنتشر العدوى بينهم، فامتثلوا للأمر، أما المسلمين فتمادوا في الخروج والتسوق، متعللين بقوله تــــــعالى( قل لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا)، ففشى فيهم الوباء، وأفنى القرى وأباد عائلات، لأنهم لم يتخذو أسباب البقاء، بل وفهموا القرآن فهما عليلاً.

فيديو مقال واقع يثير القراءة

 

https://youtu.be/u64hC0mUL1I

أضف تعليقك هنا