أزرق

أشقياء نشقى والحياةُ مادة ش ق ي يا صديقي ، جميُعنا لا مفر
اليومُ استيقظتُ
شعرتُ بأحشائي تتصارع ، يبدو أنها لم تنم منذ البارحة
والحزن مُجدداً
يقبعُ بجواري ،عار الخجل كضيفٍ غريبٍ ثقيل ،
شهيق زفير ونومٍ عميق ،يبدو وكأنني أنا الضيف.

ما هي الخيبات التي نعيشها؟

مجدداً ؟
والخيباتُ الصغيرة
تروح جيئةً وذهاباً كمستأجرٍ آخر
يا للعبث، لا مفر ،يومٌ آخر
هل من الممكن يا صديقي أن تسمح لي قليلاً العبث معك علي غير خوفٍ أو حذر ،ألا أرد علي رسالاتك ،أراها وأمضي ؟ ،أنا أصفحكَ مثلاً ولا تعتبر تلك إهانة
هل من الممكن أن أقول لك ” اغرب عن وجهي “وتقرؤها أنت “لا تغرُب كثيراً وتحمّلني أو لا تُعير كلامي اهتماماً مؤقتاً إن كُنت أنت أيضاً غاضباً ومتمرداً كحالي ” ،أن تقرأ كلماتي العابثه وتتحمل سخافاتي وعلي الرحب والسعة
هل يُمكن للأشياء المعتادة العقلانيه التي تنتظرُ مني أن أفعلها اليوم أن تغرُب عن وجهي في هدوء وإصغاء بل وتقبُّل لسُبابي

كيف تمر الحياة بنا؟

أيضاً
تدعني أُمارس عليها بعضاً من قهر الحياة
الآن ندمتُ للاعتراف بهذا، وددتُ لو أن أُظهر هذا فجأةً وبغير استجداء
نحنُ نشقي بالقيم وتُثخننا مبادُؤنا ضرباً علي غيرِ استحياء ،أقولُ لها هل هذا الجزاء ؟
أذكرُ أنني منذُ أسبوع مثلاً لم أكن هكذا كُنت ألهو ولكن باتئادٍ وحذر علمتُ أن هذا لن يدوم كثيراً
نحنُ نشقي برقةِ قلبنا ،،لا علاج..
تمرُ الحياةُ مروراً فوق قلوبنا كاشحنةٍ من النقل الثقيل
وتتكوّم الأحزانُ الصغيرة مجدداً تتكوّر ككرةِ التلج

ذكريات

لا أعلمُ متي بدأ هذا ولكن أيضاً أذكر آخرها والذي كان بمثابة القشة التي قسمت ظهر البعير وهي نقمتي علي الكُتب غير الموفقه التي ابتعتها مؤخراً ،وجميعها لم تعجبني ،غير ثلاث روايات تذوقتهم أدبياً بيد أن إحداهما صبغ الكاتب رأيه عليها منذُ البداية ،كانت تدور حول الحرب اليونانية الروسية بالمُناسبة ولكن بطريقةٍ ما لم ترُق لقناعاتي فلم أطق صبراً علي إكمالهما حتي النهاية علي الرغم من جاذبيتها الأدبية البارعة وأنا أهيم بهذا ،وبعضها الآخر علي ثخانة عناوينها وما يبدو من المفاهيم اللامعة والمواضيع التي تمنيتُ دائماً أن أفهم عنها.

وبالرغم من أنها ليست في رفوف كُتب الهواة ،لم تكُن في الرفوف التي أعلم حقاً أنها تبيع الحثالة، هل أصبحوا يغلّفون أيضاً الحُثالة بمظهر أنيق آخر مُختلف عن القديم الذي تعرفُهُ عيني جيداً ؟ ولماذا يُفترض بي أن أقرأ كتابا بحثياً لحُثالة الكُتّاب لمُجرد أنهم يُنهون بحوثهم لإتمام رسالات الماجستير الفاشلة خاصتّهم مُجرد أحبار علي ورق وإحصائيات بالية ،لم يفترض بهم أن يضعوا العنوان اللامع الذي جُلّ ما تمنيتُ أنا أفهم عنهم بات عليّ أن أبذلُ جهوداً مُضاعفة لمجرد اختيار كتاب جيد ،وحتي تلك الكتب التي لهثتُ حتي أجدها منذ زمن لم تعد متوفرة وإن كانت متوفرة فليست كاملة وإن وجدت أجزاؤها فثِقلها ذهب،لا عليك ربما هذا خطأي منذُ البداية أنا التي وصلتُ متأخرة ولم تسمح لي الفرصة لتصفُحها بدقة.

لماذا نحنُ نحزن للمحزونين ونبتأس للمبتئسين

وبعد ونحنُ نحزن للمحزونين ونبتأس للمبتئسين ونُقهر للمقهورين فلم علينا أن نعيش بكلِ تلك الأجساد ونحنُ لم نُخلق سوي بجسدٍ واحد مسكين أيضاً بهِ ما بهِشاقة هي الحياة وبالية أيضاً ،ربما أنني سوف أفقد حماسي للحديث عن هذا بعد عدة دقائق من الآن  ورُبما سأشعر بعدم قيمة الحديث عن هذا أيضاً.

ما هو الأزرق؟

والأزرق يا صديق أن تكبُر بما يكفي لإن لم تعُد تنتظر أن يلتئم الجَرح أن تتعلم أن الجروح تُترك ،تضمده قليلا وتقوم بتلك الإسعافات اللازمة في كل مرة باتئاد ورضا ،لن تنتظر خائفا متلهفاً ،لن تقف مشدوهاً فاغراً الفاه كما في السابق ستقوم بالمطلوب بنظرات ثابته غيرَ متأوه وأن تتعلم أن اعتياد الخيبات أصبح عادياً لن تنتظر أن يستقيم الطريق أخيراً فهذا حتماً ومن دواعي أسفي لن يحدث ،سوف تتتنهد طويلاً وحين تأتي الخيْبة سوف تفتحُ ذراعيّك علي مصراعيهما وتعانقُها فحتماً باردة ،، أن تتعلم أنّه من العاديّ أن تلوّح لشعور الاطمئنان مودعاً للأبد

هل هو أن تبكي في الطرقات أمام الآخرين؟

وأن تبكي لمجرد أنك وجدت حساءَك غير مُملح أو لإنك لم تعثر علي إحدي جواربك عند الخروج ،أن تتعلم أنهُ أيضاً من العاديّ أن تجهش بالبكاء في الطرقات أمامَ العابرين علي حين غرّة وتمضي وكأن شيئاً لم يحدث وأنه أيضاً ليس عليّك أن تقضبَ جبينك مُنفعلا إذا رأيتَ أحدُهم يفعل نفسَ الشيء بإحدي المواصلات العامة وإلا يُعدُ إفكاً ،،وتتعلم أنه يجب عليك أن تسلُك طرقاً غير التي بها وجدك وقلبك بل تتركُه هناك وتشرُد بعيداً لأرضٍ جديدة مُظلمة بسيارة لم تعتد ركوبِها أن تتعلم أن تُلملم فوضاك وسقطاتك النفسية بعُلبة مُصمتة عازلة للصوت تحملُ أوزارها علي ظهرك لا يسمعُ عويلَها وصُراخَها الدائم أحدٌ سواك
وأن تتأكد تمام التأكُد أنك شخصٌ قابلٌ للاستبدال مهما بَلغت مكانتك.

وأن تتعلم أنك أيضا ومع محاولاتك الهزيلة فإنك هالكٌ لامحالة ،هالكٌ بالتفكير والقلق وعقاربُ الساعه التي لا تُبقي ولا تذر
وها أنت ذا لا يُمكنك أن تقفلَ علي نفسك جُحراً في الأرض ولا حتي أن تظل للأبد خارجها فأنت كالورقه المُعلّقة في الهواء لاتملُك لنفسِك ضُراً ولا نفعاً مُسمماً بالأمل ومخنوقاً بوسائل الحياة.

 هل الأزرق هو طيفٌ خفي أم أنه يد باردة ووجه شاحب؟

الأزرق يزحُفُ ببطءٍ حثيث كأفعي يسري سُمُّها علي مهل..
الأزرق ُيرتطم بخفة صلصالية مثالية لا تقدرُ علي رجعه ولا يقدر علي رجعك
يمتطي ظهرَك لا يبغي عنه فِكاكاً
ويغُصُّ بحلقك لاتنبس ببنت شفه
يعتملُ في عقلك كومضات مستشرية لا تلبث أن تُجفل إلي قلبك فتُرمض نبضته وتهيض حركتَه

الأزرقُ يُعانق أحياناً ولكن بقلق
كحارسٍ مقهور رقيق القلب مُؤتمِرٍ بتكبيل امرأةٍ بعُمرِ أمهِ
الأزرق طيْفٌ خفي
الأزرق بُحيرة بغابةٍ نائية لا يفطُنُ طريقُها أحد
الأزرقُ يدٌ باردة ووجهٌ شاحب لفتاةٍ كَلِفت بحبِ جنديًّ بلدِهِ علي أعتاب حربٍ عاتية
الأزرق هو طرقُ الأبواب الموصدة لليالٍ عديدة أملاً هزيلاً في الرد

الصلوات التي تناجيت بها سرّاً في الظلام المُدلهّم ولم تلمس قدماها أرضك فغدوت لا ترجو شيئاً
كطفلٍ في حضور جليسته جلِفة القلب رفعَ لها مُحيّاه بوداعة ضاحكاً مُستبشراً آملا بقطعة حلوي إضافية فلم يتلق سوي لطمة علي خدِه أنكأت سويداء قلبه
مائة عام من المطبّات التي أباحت للجميع عبورها بسلام ولم تُزلق سواك
أن تنطرحَ علي سريرك كالصريع لا تلوي علي شىء ولا ترغبُ شيئاً
أن يسألك أحدُهم عمّا يعتريك
فتتفوّه مُهلوساً بعبارات مقتضبه نافرة مشتته بعيدة كُل البعدِ عن حقيقةِ ما تشعُر بهِ كمن أصيب بالحُمّي
أو أن يبتلعُك الصمتُ أحايين كثيرة

إما أن تذهب مبكراً لبيتك قاصداً غُرفتك طارحاً أشياءك مُجهشاً بالبُكاء
أو أن تمضي في الطرقات أمام المارة بخطوات ثابته بينما تمضي الدموع خِفافاً سِراعاً من مقآيك بغير انحسار
كالمشدوهِ تمضي نحو اللاشىء
كمن بهِ سُكْر
بعينٍ ثابتة نصف آفلة
أجفانٌ مُثقلةٌ توشك علي السقوط
هو انعكاسُ صورتك ف المياه الراكدة طويلاً
إلي أن يعكّر الصفو حجر طائش
لوْن الانتظارات الكأداء

هل الأزرق هو صلاةُ الأم لولدِها؟

الأزرق صلاةُ الأم لولدِها لوْنُ عوْز الأب لفلسٍ فائض ليعود لفتاتهِ بتلك اللُعبة التي أشارات إليها بلهفة بفاترينة إحدي المتاجر لوْن الفقد والآمال الزائفة ولوْن عين الفتاة البهية الطلعة قاطنة القصر ذي السد المنيع الذي لا يجرؤ أحدُهم أن تسوّل لهُ نفسهُ مجرد الاقتراب منه أن تأمل فقط تعاسة مُبرَرة،وليست تعاسة الأسئلة الوجوديه التي لا تنتهي بنعم أو لا الأزرق لا يباغتك بل يهطُلُ خفيفا ،يتراكم طويلا حتي تظل عائماً فيه كجيفةٍ أسلمت نفسها للأمواج ،سلسلة من الانكفاءات الصغيرة التي ظننتَ بسذاجة أنك تخطيتها بسلام ولكنها فالحقيقة كانت تتكور وتكُبر لتُجهِز علي قلبك المسكين.

فيديو مقال أزرق

 

أضف تعليقك هنا