الجنس مقابل الدرجة بين الإكراه والمطاوعة – #نيجيريا

الجنس مقابل الدرجة بين الإكراه والمطاوعة[1]لحبيب الله أولاوالي ألاويي (الجمهوري)[2] لقد أصبح الجنس مقابل الدرجة وباء متفشيًا ومصيبة عامة في المعاهد العالية بنيجيريا في أواخر القرن العشريني، وهو جناية موجودة بها من عقود زمنية إلى اليوم، يمارسها الأغلبية الساحقة من المحاضرين في المعاهد العالية بنيجيريا خاصة ومعظم الدول بغرب أفريقيا عامة.

كيف تنقاد الفتيات الجامعيات للاستغلال الجنسي؟

يتم هذا الإجرام برضا الطالبة المنقادة تارة غير أن ارتكابه بعدم رضاها مع انضغاطها بتهديد المحاضر هو الأكثر، لقد عانى ألوف من البنات العفيفة الطاهرة من هذه الكارثة العظيمة لترجح جانب إمكانية الانهزام في حقهن في هذه الحرب الباردة نسبة إلى المحاضرين الذين يطالبونهن بمشاركتهم في الفساد مع تهديدهن بالرسوب الثابت لمن ترفض منهن؛ لمكانة المحاضر المهيبة في تلك الحقول العلمية.

فهن ضعاف مفتقرات للغاية إلى من ينتصرن به من بغي أولئك الذئاب القاسية، في رأس السنة الماضية رفع الشركة الإعلامية بي بي سي إشعارها إلى العالم بهذا الإجرام السائر مع الإشادة بخطورته ومدى منافاته لمبدأ الحقوق الإنساني، معتمدة على حادث جامعة لاجوس بنيجيريا؛ فصار هذا الوضع شاغلًا لأفكار كثير من المفكرين منذئذ، فهذه المقالة ترمي إلى تقريب الأذهان إلى طرق انتصار أولئك الضعاف المظلومات في الاقتراح بالعقوية اللائقة بمن مارس هذا الإجرام من المحاضرين، وكذلك النظر لموقف الشريعة الإسلامية في تصرّف من وجد نفسها تحت هذا الضغط من ضحايا الطالبات الحرات.[3]

الزنا في الشرع الإسلامي الحنيف 

الأصل في الزنا الذي هو الوطء في الفرج الحرام أن يكون على هيئة المطاوعة من طرفي الزاني والمزني بها، ولا يستبعد وقوعه أيضا على شكل الإكراه حسب ما حدده أهل العلم من حالات الإكراه على الزنا، فهي إلجاؤها أي تغليبها على نفسها أو تهديدها بالقتل ونحوه أو منعها طعامًا أو شرابًا في حالة الاضطرار إذا تعذر الدفع أو الخلاص كما ورد في كثير من كتب الفقه. يعتبر أبو حنيفة وقوع الإكراه على الرجل ممن ليس بسلطان لاحتمال تمكنه من الاستغاثة بالسلطان أو القوم أو الدفاع عن نفسه بسلاح ونحوه [4] لكني أعتبر الرجل والمرأة في خط واحد من حيث إمكانية الاستغاثة بغيرهما أو الدفاع عن نفسهما وعدمها في حالة وقوع الإكراه من غير السلطان لعدم استحالة ذلك عقلًا.

ماحكم المُكره على الزنا في الإسلام؟

لا شك في ذم المكرِه على الزنا وفي استحقاقه للحد مثل حد الزاني الذي هو الرجم أو الجلد أو القتل- مراعاة للاختلاف بين حد الثيب والبكر وذوات المحارم على التوالي- كما ينقض به عهد الذمة والأمان فيما إذا أكره الكافر مسلمة خلافًا لما ذهب إليه أحمد القائل بأنه يحد كذلك بحد الزنا، والزنا يثبت وقوعه إما بالبينة – وهي شهادة أربعة شهود – وإما بالإقرار من الزاني، ولا يثبت بأقل من أربعة شهود من الذكور على الراجح، لكن، إن حصل الإكراه على وجه المغالبة على قوم أو أهل بيت بسلاح أو ما في معناه يقتل المكرِه أو يصلب أو تقطع يده ورجله من خلاف أو ينفى من الأرض؛ فإنه حقيقة الحرابة بل هو أفحش المحاربة وأقبح من أخذ الأموال كما أومأ إليه القرطبي في الجامع، وذلك إذا ثبت ذلك الفعل بشهادة عدلين، زاد بعضهم أنه إذا كان الإكراه واقعًا على المرأة ستستحق المرأة مهر المثل من الرجل حرة كانت أو أمة إلا أن المهر لها إن كانت حرة ولسيدها إن كانت أمة، وزاد بعضهم أيضا أن البكر المكرَهة ستستحق أيضا أرش البكارة لأن المهر في مقابلة الاستمتاع وأرش البكارة في مقابلة الإتلاف كما لو جرحها ثم وطأها بعد.[5]

يقول القاضي بن عاصم الأندلسي:[6]

وَوَاطِىءٌ لِحُرَّةٍ مُغْتَصِبا    ***   صَدَاقُ مِثْلِهَا عليه وَجَبَا

لكن لا يُحد المرأة المكرَهة على الزنا اتفاقا ولا الرجل المكرَه على الراجح لأن الحدود تدرأ بالشبهات[7] ولعموم حديث ابن عباس – رضي الله عنهما – أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: “إن الله تجاوز لي عن أمتى الخطأ والنسيان وما اسكترهوا عليه”[8]

ما هو الحكم في الطالبات اللاتي تعرضن للاستغلال الجنسي؟

أما في حق الطالبات اللاتي يمكّنّ المحاضرين من أنفسهن في مقابل الدرجة أو النجاح في الامتحان فلا يخلون من حالتين ولكل واحد من الحالتين حكم يخصه:

فمنهن من تفعل ذلك عن طيب نفسها – وقد يكون بطلب منها- لغرض معلوم لها من خوف رسوب موهوم لعجزها أو إرادة إشباع حاجتها في الشهوة أو رغبتها في المال أو غير ذلك؛ فتحد بحد الزنا إن اعترفت بذلك أو ثبت ذلك ببينة أو نحو ذلك، لأنه زنىً وقع بمطاوتها التامة الخالصة من شبهة الإكراه. ومنهن من تفعل ذلك مع التأثر بتكييف الضغط من المحاضر بما وقع ذلك بعد طلب من المحاضر مقارن بوعيد صريح أو ضمني؛ فتكون آثمة أيضا في نظري إذا لم يكن على سبيل الإلجاء؛ لما أن الإكراه وقع ممن يمكن أن يستعان عليه بسلطان أو بالقوم أو نحو ذلك

ولما لم يكن في النجاح في الامتحان إتلاف للنفس أو للبدن فهو مثل منع الطعام الذي قد يكون مع اضطرار أو عدمه بل أدنى منه لأن منع الطعام قد يفضي إلى تلف النفس بخلاف منع النجاح في الامتحان، وفي هذا أيضا زجر لأولئك الفتيات اللاتي سوف يوافقن مع أولئك المحاضرين على مشاركتهم في هذا الفحش عن طيب أنفسهن مع التظاهر بأنهن تحت ضغط التهديد، لكن قد يدرأ عنها الحد مع تعويضه بالتعزير اللائق حسب نظر القاضي؛ لشبهة الاشتباه لتوهم ظنها أنها في حالة الاضطرار الذي يبيح لها تمكينه نفسها من وطئها بعد الحظر، ويكفي في تصديقها على ذلك ادعاؤها الظن، ولأن الحدود تدرأ بالشبهات. [9]

وصية تُكتب بماء الذهب

ختامًا، أوصي المحاضرين والطالبات بتقوى الله في السر والعلن، وبالخوف من عذابه الذي لا مفر منه يوم تبلى السرائر وما له من قوة ولا ناصر، وأوصي أعضاء مجلس التشريع باستغلال سلطتهم لردع المحاضرين ولسد كل ذرائعهم إلى ذلك الفحش ووضع عقاب يفرض على كل محاضر سلك ذريعة من ذرائع طلب وقوع الجنس بينه وبين الطالبة في مقابل الدرجة، وأوصي الوالدين بتربية الأبناء والبنات على بغض الزنا والفحش من الأفعال.

وأوصي العلماء في المساجد والقسيسين في الكنائس بأن يبينوا للناس خطورات الزنا في المنظور الديني، وأوصي الحكومة والأفراد بالتعاون مع بعض على تكوين الهيئة الإغاثية لبناتنا في الجامعات لإنقاذهن من سيطرة القرود الباغية والذئاب الطاغية على فروجهن على الوجه غير المشروع، وأوصي مسؤولي المعاهد العالية من منع كل طرق العلاقة الخاصة بين المحاضر والطالب له جنس مغاير له مع إيجاب الحشمة على الطالبات في اللباس والتصرفات، لله الحمد من قبل ومن بعد.

المصادر

[1] Sex For Grade: Coercion Or Compliance.
[2] Habeebullah Olawale Alawiye (Al-Jumhooriy).
[3] Ijitona C.K, and others, ‘Preventive Measures on Sexual Violence against Female Students in Two Selected Countries: Lessons for Polytechnics in South-West Nigeria’ <http://www.iiste.org/> accesses on 03/12/2019,    Nicholas F, ‘BBC Exposes Sexual Harassment at West African Universities’ <https://www.occrp.org/en/daily/10823-bbc-exposes-sexual-harassment-at-west-african-universities> accessed on 15/12/2019; BBC,  Nigeria seeks anti-sexual harassment law after BBC #SexForGrades film <https://www.bbc.com/news/world-africa-49998134> accessed on 15/12/2019; Nereya O, ‘An Interview With Kiki Mordi, the Nigerian Journalist Behind the BBC’s #SexForGrades Documentary’ <https://www.okayafrica.com/interview-with-kiki-mordi-nigerian-journalist-behind-sex-for-grades/> accessed on 15/12/2019.

[4]  ابن المفلح: المبدع شرح المقنع: (الرياض دار عالم الكتب، 2003م) 9/64؛ ابن المفلح : كتاب الفروع و معه تصحيح الفروع للمرداوي، تحقيق : عبد الله بن عبد المحسن التركي، (مؤسسة الرسالة)،  10/61؛ ابن قدامة: المغني، (بيروت دار الفكر، 1405)، 10/154؛ ابن قدامة: الشرح الكبير على متن المقنع، تحقيق: الشيخ محمد (دار الكتاب العربي للنشر والتوزيع)، 10/185؛ وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية – الكويت: الموسوعة الفقهية الكويتية، 24/32.
[5] المبدع شرح المقنع، 9/64؛ المغني، 9/98، 5/412؛ علي بن نايف الشحود : الخلاصة في أحكام أهل الذمة، (برنامج المكتبة الشاملة)، 1/233؛ القرطبي : الجامع لأحكام القرآن، تحقيق : هشام سمير البخاري، (الرياض دار عالم الكتب، 2003م) ، 5/156، حاشية الصاوي على الشرح الصغير، (برنامج المكتبة الشاملة)، 10/342 -354.
[6]  التسولي علي بن عبد السلام : البهجة في شرح التحفة، تحقيق : محمد عبد القادر شاهين، (بيروت دار الكتب العلمية، 1998م)، 2/586.
[7] الموسوعة الفقهية الكويتية 24/31-32؛ : الرئاسة العامة لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد: مجلة البحوث الإسلامية، (برنامج المكتبة الشاملة)، 17/ 247.
[8]  البيهقي : السنن الكبرى، رقم الحديث: 15490.
[9]  الجزيري عبد الرحمن:  الفقه على المذاهب الأربعة، (برنامج المكتبة الشاملة)، 4/65.

فيديو مقال الجنس مقابل الدرجة بين الإكراه والمطاوعة

أضف تعليقك هنا