مفهوم النص بين القديم والحديث (3)

بقلم: دكتور/ إبراهيم محمد أحمد الدسوقي

مفهوم النص عند جوليا كريستيفا

قيل في تعريف النص أقوال كثيرة منها ما ذهبت إليه جوليا كريستيفا من كون النص  “ترحالا،وتداخلا نصيا، ففي فضاء نص معين تتقاطع وتتنافى ملفوظات عديدة مقتطعة من نصوص أخرى.”(1)  ولافت للنظر هنا أن جوليا كريستيفا تركز عل معيار مهم من معايير النصية ،وهو معيار التناص،وهو ما عبرت عنه بقولها إنه “ترحال للنصوص”و ” تداخل نصي” ، و نصوص عديدة تتقاطع ملفوظاتها مع بعضها البعض. (مفهوم النص) (اقرأ المزيد من المقالات من قسم أدب)

هذا عن النص عند جوليا كريستيفا أما عند غيرها،فمنهم من يعد النص تتابعا منظما أفقيا من الإشارات اللغوية التي تفهم على أنها توجيهات من مرسل معين إلى مخاطب معين ويقع استيعاب النص من خلال المتلقي على أساس بيانات النص والموقف والذاكرة. و النص عنده كذلك يمكن أن يكوَّن من كلمة واحدة  ويمكن أن يكون نصا كليا لرواية متعددة الأجزاء.(2)

وواضح أن تعريف النص هنا يحاول إبراز الأمور الآتية:

  1. أن النص تتابع أفقي منظم من الإشارات اللغوية ، وهذا لا يكون إلا بتوفر التماسك النصي بشقيه السياقي والدلالي  سواء قصد إلى ذلك التعريف السابق أو لم يقصد – إبراز أهمية الأمور التداولية (المرسل ،المتلقي ، الموقف و ما يحيط به) والدلالية (بيانات النص).
  2. أن النص يمكن أن يكوَّن من كلمة واحدة ، ويمكن كذلك أن يكوَّن من رواية متعددة الأجزاء.

 مفهوم النص في قاموس الألسنة

يعرف قاموس الألسنية الذي أصدرته مؤسسة لاروس ، النص على النحو التالي:إن المجموعة الواحدة من الملفوظات،أي الجمل حين تكون خاضعة للتحليل،تسمى (نصا) ؛ فالنص عينة من السلوك الألسني، وإن هذه العينة يمكن أن تكون مكتوبة،أو محكية…، انتهى كلام القاموس.

وإن اعتبار (النص)عينة، يعني أن يعكس بحد ذاته (ملاك) اللغة،أي كل ما يتعلق بها بصفتها نظام علامات لغوية تستخدم بوصفها وسيلة اتصال بين المتكلمين بها ،فأيا كانت اللغة التي ينتمي إليها (المادة اللغوية) التي ندرسها،فالعينة منها ،عندما تكون محل الدراسة تسمى نصا…وإن العالم (هيالمسيلف يستعمل مصطلح (نص) بمعنى واسع جدا،فيطلقه على أي ملفوظ،قديما كان أو حديثا،مكتوبا أو محكيا،طويلا أو قصيرا.(3): فإن عبارة  stop  – أي قف، هي في نظر هيالمسيلف (نص) ،كما أن جماع المادة اللغوية لـ(رواية) بكاملها هي – أيضا نص. المصدر السابق.

على ماذا يشمل النص؟

وهذا باحث  معاصر آخر يرى أن النص يشمل الجملة،وما فوق الجملة، وما هو دونها،وأن الملفوظ الذي هو دون الجملةيكون كذلك من حيث هو منطوق،ويكون تاما من حيث المفهوم،وأن هذا التمام مرتبط بالمقام،حيث تتوفر العناصر المتممة،ارتباطا لفظيا بماسبق أن ذكر فيه ،فقام الكلام اللاحق على السابق،أو ارتباطا غير لفظي بتوفر العناصر المتممة في المقام مدركة بالحواس، وهي بذلك تعمل عمل اللفظ المعبرعنها لو ذكر، وهذا يعني –في رأيه-أن هذه المستويات الثلاثة (ما هو دون الجملة ، والجمل ، وما فوقها) في دلالتها ترتبط بالمقام ارتباطا واحدا،وهذا الارتباط يعتمده طرفا التواصل في تركيب الكلام وتحليله.”(4)

إن أية رسالة مفيدة– في رأي ذلك الباحث – بين متكلم ومخاطب أو مرسل ومتلق،طالت هذه الرسالة أو قصرت ، تمثل نصا، فالنص ، عنده ، قد يتكون من كلمة ، أو من جملة ، أو مما فوقها. فـليس من الضروري، عند من يفهم معنى النص على هذا النحو، أن يتألف النص من الجمل وحدها، فقد يتكون النص من جمل، أو كلمات مفردة ، أو أية مجموعات لغوية تحقق هذا الاتصال. وللحديث بقية إن شاء الله.

المراجع

  1. جوليا كريستيفا ،علم النص، ترجمة فريد الزاهي ، دار توبقال للنشر، ط2،1997،ص:21.      
  2. زاتسيسلاف واور زنياك،مدخل إلى علم لغة النص،ترجمة د.سعيد بحيري مؤسسة المختار للنشر والتوزيع ، القاهرة،2003م ط1 1،1424هـ، ص15.
  3. قاموس الألسنية لاروس،باريز،نقلا عن النص والأسلوبية بين النظرية والتطبيق.د.عدنان ذريل،ص15.
  4.  الأزهر الزناد:نسيج النص،بحث فيما يكون به الملفوظ نصا ، المركز الثقافي العربي،ط1،1993،ص16.      

(شاهد بعض مقاطع فيديو مقال على اليوتيوب)

بقلم: دكتور/ إبراهيم محمد أحمد الدسوقي

أضف تعليقك هنا