مفهوم النص بين القديم والحديث (4)

بقلم: دكتور/ إبراهيم محمد أحمد الدسوقي

ركز علماء لغة التص في تعريفهم للنص على وظيفة اللغة الرئيسية، وهي الاتصال،وهذا، لا شك،” أمر مهم، فـ” الاتصال أهم وظائف اللغة ونقل المعنى من الملقي إلى المتلقي أهم وظائف الاتصال.من هنا  كانت فروع علم اللسانيات معنية في الأساس باليحث في أنواع المعاني من طبيعية(أو انطباعية) إلى وظيفية ،إلى عقلية ،إلى اجتماعية،إلى غير ذلك،وبالبحث في وسائل الوصول إلى كل نوع من هذه الأنواع، يستوي في ذلك أن تكون وسيلة الوصول إلى المعنى من خلال الصوتيات أو الصرف أوالنحو،ومن خلال النص بظواهره المختلفة.”(1) (خصائص النص)

خصائص النص

وعلى الرغم من تعدد الوظائف التي تؤديها اللغة تبقى وظيفتها بوصفها وسيلة للاتصال بين البشر أهم تلك الوظائف جميعا.(2) من أجل ذلك كله تميل النفس وتطمئن إلى أنه ليس للنص طول محدد، وليس ينبغي أن يكون له طول محدد، فقد يطول ويقصر ،وهو يمكن أن يتكون من كلمة واحدة،أو جملة واحدة،أو مجموعة من الجمل، أو رواية كاملة ، أو قصيدة كاملة مكونة من مئات الأبيات.هذا بشرط أن يتوفر في النص مقومات النصية.

هل توافق قواعد (خصائص النص) معايير النحاة الافتراضية؟

هذا، وللنص عالمه الخاص الذي قد لا يتفق مع معايير النحاة الافتراضية ” فللتمكلم من الأغراض ما لا يتفق أحيانا مع المحافظة على القواعد ، تلك هي الأغراض التي تدعو للخروج من الحقيقة إلى المجاز، ومن المطابقة إلى الترخص في معايير الإجراء بوسائل ،كالنقل ، والحذف، والزيادة،  ومخالفة القاعدة،  والتعويل على الدلالات الصوتية والعقلية والتقديم والتأخير والإيماءات الجسمية والتعويل على دلالة الموقف أثناء الاتصال وعلى القرائن التاريخية  والجغرافية وغيرها ممايخرج عن مجال دراسة القواعد النحوية.

الفرق بين الدراسات التحليلية والدراسات النصية

وإذا كان مجال البحث في النظام الافتراضي إلى التحليل ، فإن الاتجاه في دراسة الاستعمال إلى التركيب. وإذا كانت الغاية من التحليل هي الوصف،  فإن الغرض من التركيب هو الاتصال، والاتصال لا يتم بواسطة وصف الوحدات الصغرى ،صوتية ، وصرفية ، ولا بعرض العلاقات النحوية، وإنما يتم باستعمال اللغة في موقف أدائي حقيقي، أي بإنشاء نص ما، وقد يطول هذا النص أو يقصر.”(3) فهل معنى هذا أننا لم نعد بحاجة إلى هذا النظام الافتراضي الذى بنى عليه النحاة جل عملهم ، والذي يعتمد على التحليل ،والتفسير، وافتراض المفاهيم عند عدم وجود ما يقابلها في الاستعمال ، أقول هل معنى هذا أننا لم نعد بحاجة إلى هذا النظام الافتراضى ،وعلينا أن نذهب إلى ما يسمى بالدراسات النصية والإجابة عن هذا التساؤل هي قطعا بالنفي.

فـ  ” ليس لأحد الاتجاهين أن يلغي الآخر، فلا الاعتراف بالنصية يلغي الدراسات التحليلية، ولا تغني  الدراسات التحليلية عن الاعتراف بالدراسة النصية. وفي تراثنا العربي من الدلائل ما يشير إلى ضرورة الجمع بين المنهجين .ذلك أن من مأثوراتنا أن القرآن يفسر بعضه بعضا، وأن السنة  تفصل ما في القرآن من إجمال…فالغاية من هذه الأمور وما شابهها هي الانتفاع بالنص في جملته لبيان وفائه بما تعلق به من أغراض ،ثم بيان انتفاع النص بالنص في جلاء ما غمض من مراميه.

المراجع

  1. د.تمام حسان،العلاقات الملفوظة والعلاقات الملحوظة في النص القرآني.مجلة الدراسات القرآنية، المجلد الثالث ،العدد الثاني،يصدرها مركز الدراسات الإسلامية بكلية الدراسات الشرقية، جامعة لندن ص:200.
  2. نايف خرما ،أضواء على الدراسات اللغوية المعاصرة، عالم المعرفة، الكويت ،العدد9 ،1398،1978م ،ص32.
  3. د.تمام حسان ،في مقدمة النص والخطاب والإجراء، تأليف: روبرت دي بوجراند ،عالم الكتب،ط1،1418هـ ،1998م ص:4.

(شاهد المزيد من مقاطع فيديو مقال على يوتيوب)

بقلم: دكتور/ إبراهيم محمد أحمد الدسوقي

 

أضف تعليقك هنا