الأصحاب الأوفياء

أصبح من النادر في زماننا هذا أن يكون لنا أصحاب أوفياء، يشاطرونا أفراحنا ويتماسون مع أحزاننا، دارت عجلة الحياة بسرعة خالية وتمددت الشبكة العنكبوتية في العالم وكثرت مواقعها وصفحاتها ومن ثم طغت المادة والمصلحة الخاصة وحب الذات وإنتشار الأنا بصورة لا تصدق ومن ثم ضياع اللغة العربية واندثار الأخلاق والقيم والمبادىء والموروثات.

الصاحب الحقيقي عملة نادرة في هذه الأيام

أصبح الصاحب الحق عملة ذهبية وسط حياتنا الصاخبة المتردية يوما تلو الآخر، قد يصل الصاحب لمنزلة الأخ في تفضيل صاحبه عن نفسه وقد يفديه بكل ما يملك ويتمني له الرفعة والصحة والسعادة ويشعر بالفرح لرؤية صاحبه ينال كل ما كان يرجو إليه من أهداف، عندما يقع المرء في شدة وإذ بالصاحب الوفي يكون أول من يقف بجانبه ويعيش معه نفس الأحاسيس

عندما يريد الفرد منا أن يخرج ما يدور بوجدانه من أسرار وتوجهات وهواجس فلن يجد سوي صاحبه لكي يحكي له كل ما يمر به، الأصحاب الأوفياء هم كاتمي الأسرار ويد المرء في تعزيز قوته والتغلب على المشاكل والمعوقات والصعوبات التي تواجهه، وتكون أيادي الأصحاب هي السباقة في بتر كل شر يريد أن ينال من أصاحبها.

نموذج الصحبة الصالحة من زمن النبوة 

لنا في أصحاب النبي محمد صل الله عليه وسلم العظة والعبرة والقدوة والمثل كيف كانوا نعم الصحبة والأنصار والمساندون له في بداية الدعوة ونذكر منهم سيدنا أبو بكر الصديق الذي فدي نبينا المختار بكل ما يملك وصادقه القول في كل ما كان يقوله رسولنا الكريم حتي لقب بالصديق، وصاحبه في رحلة الهجرة من مكة إلى المدينة وأثناء ما كانا داخل غار ثور يخفيان أنفسهم عن أيادي الكافرين وبطشهم، كان يحاول أبو بكر الصديق أن يسد شقوق الغار بكلتا يداه وكلتا قدماه حتى لا تخرج الثعابين والعقارب وتلدغ رسولنا الكريم في هذا الغار المحجور وهو نائم عن حجر أبو بكر وبالفعل لدغته إحدى الحشرات وأبى أن يوقظ النبي ولكنه لم يستطع أن يكتم دموعه فنزلت علي خدود النبي فاستيقظ ولمس بيده الشريفة مكان الوجع فزال الألم في الحال.

مواقف وعبر

عندما قال أبو بكر لسيدنا النبي لو نظر أحدهما تحت قدميه لرآنا فقال له رسولنا الكريم ما بالك باثنين الله ثالثهم، فاطمئن قلب أبو بكر، وحين دعا محمد الله تعالى اللهم أعز الإسلام بأحد العمريين فاستجاب له الله تعالي ودخل سيدنا عمر ابن الخطاب الإسلام وفرح النبي فرحا شديدا وكان نعما النصرة وقوي عضد الإسلام وإزداد النبي قوة والإسلام أصبح أكثر شدة وبأس علي القوم الكافرين وكان سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه نعما العدل والجهاد في سبيل الله ولقب بالفاروق بسبب تفريقه بين الحق والباطل وكثرت الفتوحات الإسلامية في عهده وكان ورعا تقيا زاهدا لم يغتر بالحكم وقال جملته الشهيرة لو تعثرت دابه في الكوفة لسأل عنها عمر، وعندما نادي علي قائد الجيش ياسارية الجبل

فقد رأي من آيات الله ونور البصيرة الكثير والكثير ، وسيدنا عثمان بين عفان الذي قال عنه نبينا الكريم إن الملائكة تستحي من عثمان بن عفان رضي الله عنه فكيف لي أن أستحي وكان يلقب بذي النورين ، وسيدنا علي بن أبي طالب رضي الله عنه أول من ءامن من الصبية برسولنا ودعوة الإسلام وكانت أقواله وحكمه أبلغ من البلاغة نفسها ولا يأتي ذكره إلا وأن نتبع اسمه بكرم الله وجهه وكيف لا وهو من فدي رسولنا ونام في فراشه عند الهجرة بدون أن يتسلل الخوف إلى قلبه الطاهر.

الحب الحقيقي تجذر في قلوب الصحابة زمن النبوة

سيدنا بلال بن رباح أول موذن في الإسلام والذي كانت تهتز المدينة عن بكرة أبيها لسماع صوته بالآذان والذي بكي بكاءً لم يبكيه أحد عند وفاة الرسول وكان لا يطيق الإقامة في المدينة وهجر المدينة وتطوع في الجهاد لعدم رؤية النبي مرة أخري وغيرهم الكثير من أصحاب النبي الذين كانوا نعم الأصحاب الأوفياء الذين ضربوا لنا المثل كيف تكون الصداقة والإيثار والغيرة علي نبينا محمد صلي الله وسلم وعلي الإسلام الذي كرمنا به الله سبحانه وتعالى وفضلنا علي سائر الأمم ولا بد أن لا نرفع أيدينا ونبتهل بالدعاء لله تعالى ونشكره سبحانه على جميل فضله ونعمه التي لا تعد ولا تحصي.

وما أجمل من الصاحب الذي يأخذ بيد صاحبه من المعصية إلى التوبة والرجوع إلى الله والتقرب إليه بالعبادات والدعوة بالمعروف والنهي عن المنكر وهدايه غير المسلمين بالحكمة والموعظة الحسنة، ما أجمل أن تمشي الأرجل تأييداً لدين الله والجهاد والدفاع عن مقداساته والزود عن ضعفاء المسلمين والمضطهدين والأشقياء في مشارق الأرض ومغاربها.

فيديو مقال الأصحاب الأوفياء

أضف تعليقك هنا