الفراغ يقتل

الفراغ، كلمة لطالما سمعنا عنها الكثير، وربما تقترن في أكثر الأحيان لظاهرة متجذرة في مجتمعاتنا العربية ألا وهي العزوف عن العمل.فلماذا الجلوس بدون مزاولة عمل يعتبر من أهم أوجه الفراغ القاتل؟ ثم لماذا لم نتربى منذ الصغر في الوسط الأسري وفي المجتمع على معرفة أهمية قيمة الوقت واستغلاله أحسن استغلال؟ (أهمية الوقت). (اقرأ المزيد من المقالات على موقع مقال من قسم قضايا مجتمعية).

أهمية الوقت

عندما نقول الفراغ فنحن نعني به كمية من الوقت غير منظمة وممنهجة وفق خطة عمل، فالوقت لا نعرف بقيمته إلا عندما يكون هناك إلتزام عمل لأداء مهام وفق خطط محددة،فالعمل هو ما ينظم وقتنا ويجعل له روح ووجود فعلي،فمثلا من هو عاطل عن العمل(بطالي) لا يعرف قيمة الوقت،بل لا يحسب له حسابه لأنه لم يدري أن الوقت هو أغلى كنز، في حين من يعمل يعرف أن الجهة التي توظفه وتعطيه أجرا لا عن مجهوده فقط بل كذلك عن عدد ساعات العمل المحددة.

أضرار الفراغ

فالعامل أو الموظف يبيع وقته للجهة التي يعمل لصالحها لذلك يعرف بقيمة هذا الوقت، في حين العاطل عن العمل لا يعرف بقيمة الوقت لأنه لا يدري من الأساس أن وقته ثمين والوقت نعمة، وبالتالي تجده يعاني من الفراغ وما يتبعه من ممراسات قد تعود على صاحبها بضرر.

إن الجلوس بدون عمل هو رأس كل بلية، فالفراغ قاتل للوقت،للموهبة، وأحيانا لشخص نفسه بممارسات خطيرة،ومن لم يمارس شيئا ضارا تجده مرهق من قوة التفكير والعيش في عالم من الأوهام يملأه الخوف والتوجس. الفراغ قاتل، فإن لم تستغل وقتك في أعمال الخير والمنفعة شغلك الفراغ بأعمال قذرة.

كيف نملأ أوقاتنا بأشياء مفيدة؟

من هنا جاءت ضرورة ملأ الوقت بنشاطات متعددة، وتنظيم الوقت ضمن خطط وإستراتيجيات محددة، فمن أضاع وقته خسر في الدنيا والآخرة، فعمر الإنسان عبارة عن وقت، لدى وجب إستغلال الوقت وتوظيفه لصالحنا وما يعود علينا بالنفع، فكما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ” نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس الصحة والفراغ” ، فنحن كثيرا ما لا نولي إهتمام كبير بالفراغ ولا ندري أنه هو العدو رقم واحد لأنسان حتى يفوت الفوت.

هناك منا من لم يقدر قيمة الوقت لأنه وبكل بساطة تربى في وسط عائلي لا يحملون الأطفال مسؤوليات منذ الصغر،فحنان الزائد لإحدى الأبوين أو كلاهما كفيل ب تحطيم زرع عادة الإتكال على نفس وخلق روح المبادرة وتقليد المسؤولية منذ الصغر، فيكبر الطفل غير مسؤول، لا يعرف لا بقيمة الوقت ولا مزاولة أي نشاط وهذا خلل في تربية يجب على الآباء الإنتباه له.

دور الأسرة في تربية أبنائها على معرفة أهمية الوقت

إن لأباء دور آخر غير دور تربية الأبناء تربية حسنة، فيجب عليهم كذلك أن يكونوا القدوة والمعلم لأبناءهم ويعطونهم فرصة لكي يخطئوا ويتعلموا من أخطاءهم وبهذا تتربى فيهم حس تقلد المسؤولية وإستقلال في شخصية فيصيرون عند الكبر أعضاء فاعلين يعرفون بقيمة الوقت والمبادرة ويكرهون الجلوس وإنتظار وتسوييف.

دور المدرسة في زرع أهمية الوقت لدى الطلاب

للوسط التعليمي والمدرسة دور كذلك في زرع قيم الإتكالية وعدم الحرص على تنظيم الوقت ومعرفة قيمته. فنحن لم نتلقى حصصا عن كيفية إدارة الوقت في المدرسة ولا كيف نزاول أنشطة موازية في المدرسة كالرسم والبستنة….الخ،التي تغرس فينا منذ الصغر قيم وروح المبادرة وإستغلال الوقت في نشاطات إبداعية مفيدة، خصوصا مدرسة هذا العصر التي أصبحت تتسم ب طول مقررات والمادة المدرسة وضاربة بعرض الحائط كل نشاط إبداعي داخل المدرسة ككتابة القصص أو تمثيل مسرحيات ، كلها نشاطات تربي روح التعاون والإبداع وتكافل والمعرفة الحقة بقيمة الوقت والأعمال المنجزة في إطار زمني محدد.

إن ما زاد من تعميق فجوة الفراغ في عصرنا الحالي هو إنتشار الأنترنت والهواتف الذكية على نطاق واسع وما توفره من متعة وإنشغالات فاقت حدود الخيال، فأصبحنا نعيش في العالم الأفتراضي نشتري وقتنا الثمين ب محادثات نحن في غنا عنها.

وسائل التواصل الاجتماعي ودورها في إضاعة الوقت

إن وسائل التواصل الإجتماعي عيشتنا في عالم غير عالمنا متوهمين أنها هي العالم الحقيقي وضاربين بعرض الحائط مستقبلنا الثمين وكثيرا ما نفيق من كابوسنا الإ بعد فوات الأوان على إثر فاجعة أو مصيبة أو شيء يأخدنا بالرغم عنا من أنوفنا ويحشرنا الى عالم الواقع المرير الذي إخترنا أن لا نواجهه ونعيشه وفضلنا بدل ذلك الهروب لعالم إفتراضي توهمنا أنه سينسينا مشكلنا الحقيقي ألا وهو مشكل البطالة والفراغ القاتل.

فيديو مقال الفراغ يقتل

أضف تعليقك هنا