قيادةٌ أم إمامة؟

لا يصلح الناس فوضى لا سراة لهم         ولا سراة إذا جهالهم سادوا
تُهدى الأمور بأهل الرأي ما صلحت         وإن توالت فبالأشرار تنقاد[1] (القيادة والإمامة)

  • يوجد في مكتبة الأمازون على شبكة الانترنت  أكثر من 143 ألف عنوان  عن القيادة.
  • أكثر من 42 ألف نشرة من الجامعات ومراكز الدراسات على مستوى العالم شهريا عن القيادة.
  • يُقام سنوياً أكثر 36 الف مؤتمر عن القيادة ، في اوهايو أربع مؤتمرات شهريا.
  • في عام2011 م : 11000كتاب في علم الإدارة في امريكا منها  40 %  في القيادة.

إذا كان مصطلح القيادة مهماً لماذا لم يُذكر في القرآن؟

القيادة والإمامة…لا يكاد يختلف اثنان على أهمية القيادة لأي أمة، بل إنَّ مناط تقدم الأمم ورقيها يرتبط كثيراً بقادتها، ومن تأمل التاريخ وتبصر به أيقن ذلك، لكن ثمة سؤال أشغلني كثيراً وأشغل العديد: إذا  كانت القيادة بهذه الأهمية الكبرى فلماذا لم يذكر القرآن الكريم موضوع القيادة بالمصطلح نفسه؟ وللتحقق رجعت إلى معاجم كلمات القرآن وجذورها، ولم أجد فيها ما يشير إلى مصطلح القيادة! لكني وجدت مصطلحات قريبة منها “ملك، إمام، خليفة، نقيب وغيرها” وبالتدقيق اتضح أن أقربها هو مصطلح “إمام[2]”:

“وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا ۖ وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ” (24) السجدة

“وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا .. “(73) الأنبياء

“وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا “(74)الفرقان  وغيرها من الآيات، وهو ليس خاصاَ بالخير بل  بالشر أيضاً:

“فَقَاتِلُواْ أَئِمَّةَ الْكُفْرِ إِنَّهُمْ لاَ أَيْمَانَ لَهُمْ”  التوبة 12

” وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ لَا يُنصَرُونَ” القصص41

ما سر استخدام القرآن الكريم لمصطلح إمامة دون قيادة؟

لكن إذا أطلق لفظ (الإمام) فإنه لا ينصرف إلى أئمة الباطل، لأنه ورد ذكرهم في القرآن بهذه الكلمة مقيدة. وهكذا أخذت الإمامة معناً اصطلاحيًا إسلاميًا، فقصد بالإمام: خليفة المسلمين وحاكمهم، وتوصف الإمامة أحيانًا بالإمامة العظمى أو الكبرى تمييزًا لها عن الإمامة في الصلاة.[3]ويبقى السؤال: ما سر استخدام القرآن الكريم لمصطلح إمام دون قائد أو الإمامة دون القيادة؟

ما هو الفرق بين القيادة والإمامة ؟

لنراجع التعريف : القيادة هي القدرة على توجيه الآخرين نحو هدف. أما الإمام فهو مَن يقصده الناس و يُقتدى به ويُتَّبع في أقواله وأفعاله.وأظنك أدركت أحد الاسرار من خلال التعريف فالقيادة فيها تركيز واهتمام على توجيه الآخرين نحو الهدف المنشود لدى القائد وعليه سيكون التركيز الأكبر على وسائل التوجيه وإقناع الآخرين، وربما يؤدي ذلك إلى استخدام أساليب فيها تمويه أو تضخيم أو تحجيم أو غيره ، وهذا ملاحظ ومشاهد على مدار التاريخ البشري فكثيراً ما يستخدم القادة وسائل غير مرضية[4] مع الناس من خلال الإعلام أو غيره ومبررهم في ذلك “الغاية تبرر الوسيلة”. بلا شك إن أحد وسائل التوجيه بناء القائد نفسه من حيث المعلومات والمهارات والاخلاقيات، لكن هذا ليس هو الجزء الأكبر والأهم.

ما هو الهدف من الإمامة؟

أما الإمامة فالهدف الرئيس هو بناء الإمام نفسه ليكون قدوة وأسوة، والنتيجة الطبيعية لذلك البناء الراسخ أن يَقتديَّ الناس به ويسيرون خلفه طواعية دون وسائل مضللة ولا ملذات هابطة. نعم من وسائل البناء السعي في اكساب الإمام مهارات وأساليب التأثير على الآخرين ولكن ليس من أجل توجيههم وإنما من أجل إكمال الشخصية وإتمام صناعتها وفق منظومة معتقدات وقيم معينة.

والأمة الواعية هي التي تهتم بصناعة أبنائها بشكل راسخ من قيمها ومبادئها ليكونوا أئمةً ليس لأجيالها فقط بل للعالم أجمع.ماذا لو استخدمنا المصطلح القرآني “الإمامة” بدل المصطلح الإنساني “القيادة” وأوليناه بالدراسة والتطبيق. هل سيكون هناك تغيير؟انتظر رأيك. (اقرأ المزيد من المقالات على موقع مقال من قسم إسلام).

المراجع

  1.  الأفوه الأودي : صَلاءة بن عمرو بن مالك، أبو ربيعة، (ت 50 قبل الهجرة)  شاعر يمني جاهلي يُعدُّ أحد حكماء العرب.
  2. وردت مفردة” الإمام” في 12 موضعاً في القرآن الكريم، 7 بصيغة الجمع و5 بصيغة الإفراد.
  3. بحث عن الامامة فمن موقع الدرر السنية https://www.dorar.net/aqadia
  4. في العديد من التجارب يكتشف الناس بعد فترة أنهم كانوا ضحية التضليل والتوجيه المقنن وليس كما كانوا يتصورون.

فيديو مقال قيادةٌ أم إمامة؟

أضف تعليقك هنا