كان سؤال اللحظة الراهنة منذ أكثر من شهر تقريباً (ما هي المدة التي سيستغرقها العالم على محيط الدائرة؟) ينتظر القرار بالانكماش داخل الدائرة تحت تأثير الجائحة الصحية الرهيبة ( جائحة كورونا ) – أو- بالانطلاق خارج الدائرة متحدياً هذه الجائحة مستجيباً للحاجات الاقتصادية المؤثرة تأثيراً موجعاً على العالم سكاناً ودولاً.
الاستقصاء المجتمعي حول جائحة كورونا
قمت باستقصاء مجتمعي بسيط – نظراً للتشدد الرسمي الحكومي في الاحترازات من الجائحة في الفترة الأولى- لمعرفة استعداد الناس للانكماش أو جاهزيتهم للانطلاق، وكان ذلك قبل ان يصطادني هذا الفيروس بشباكه وأكون أحد أسراه لمدة تربو على الأربعة عشر يوماً.
وكانت إجابة من استقصيت رأيهم موحدة تقريباً (تحدى الجائحة أكبر من القدرات والجهود المجتمعية مجتمعة أو متفرقة وأن التحدي لن يكون إلا بقرارات حكومية سيادية)، وهو بالفعل ما حدث لاحقاً، وانطلق العالم موحداً خارجاً مفارقاً لمحيط الدائرة رافضاً الانكماش متحدياً الجائحة تحت ستار الاحترازات صحية والتباعد الاجتماعي.
تعدد الظواهر المجتمعية بحسب نتائج الاستقصاء حول جائحة كورونا
لكن هناك العديد من الظواهر المجتمعية نتيجة هذا القرار تستحق الرصد والدراسة منها:
- كلما كان وضع المجتمع اقتصادياً جيداً كلما تأخرت استجابته للانطلاق ولتحدي الوضع القائم.
- كلما كان وضع المجتمع الاقتصادي سيئاً كلما كانت استجابته للتحدي أسرع والمجتمعات الأكثر فقراً كانت أسرع من الحكومات في الانطلاق وربما لم تستجب المجتمعات الأكثر فقراً بالأساس للاحترازات المقررة لتجنب انتشار الجائحة تحت وطأة الحاجة الاقتصادية.
- عند الحاجة لقرارات مؤثرة بحجم استمرار الحياة الطبيعية في وجود جائحة صحية مثل جائحة كورونا تنتظر القوى المجتمعية على جميع المستويات وبجميع الدول مهما كان وضعها الثقافي والاقتصادي للقرارات الفوقية (الحكومية).
- شغلت وسائل التواصل الاجتماعي الرقمية حجما أكبر من المتوقع ومثلت بديلاً جافاً لعلاقات التواصل المباشرة.
- أمكن إدارة حجم غير متوقع من الأنشطة الاقتصادية والأعمال عبر وسائل التواصل الرقمية دون الحاجة للتواصل المباشر.
- عدم نجاعة التواصل المباشر مع الالتزام بمسافات التباعد الاجتماعي المقررة ضمن سلسلة الاحترازات الصحية وتسبب التواصل المباشر بانتشار الفيروس دون النظر للمستوى الثقافي أو الاقتصادي للمجتمع الذي يحدث به هذا التواصل.
- ضعف تأثير القوى المجتمعية في الضغط على الحكومات والجهات السيادية لإصلاح سياسات الحكومات التي استغلت الجائحة في تحقيق مكاسب اقتصادية على حساب فئات من المجتمع (كاستخدام نظرية مناعة القطيع بالدول الأوروبية – تأخر التعامل مع الجائحة بالولايات المتحدة).
- تلاشي وضعف أي تأثير للحوادث المجتمعية الكبرى مع وجود الجائحة مثل حادثة مقتل جاكوب بليك وانفجار ميناء بيروت وفيضانات السودان.
بالتأكيد هناك العديد من الظواهر الإضافية يمكن رصدها، ويبقى الأمر الذي يحتاج لدراسة وفهم عميق هو انخفاض منحنى تأثير القوى المجتمعية وزيادة قوة التأثيرات الاقتصادية في ظل هذه الجائحة ذات التأثير المباشر على حياة الناس وسلامتهم.
بقلم: م. وليد منصور بركات
مهندس استشاري مهتم برصد الظواهر المجتمعية